علق مصدر رفيع المستوى ومقرب من رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري على تطورات الوضع الحكومي وما استجد عليها من مواقف وتحليلات. وأكد على ما يلي:
اولاً – إن الرئيس المكلف سعد الحريري يتحمل، في نطاق صلاحياته الدستورية ونتائج الاستشارات النيابية، مسؤولياته الكاملة في تأليف الحكومة، وقد بذل اقصى الجهود للوصول الى تشكيلة ائتلاف وطني تمثل المكونات الاساسية في البلاد، وهي التشكيلة التي حظيت بموافقة فخامة رئيس الجمهورية ومعظم القوى المعنية بالمشاركة، ثم جرى تعطيل اعلانها بدعوى المطالبة بوجوب توزير كتلة نيابية، جرى اعدادها وتركيبها في الربع الاخير من شوط التأليف الحكومي.
ولعله من المفيد التذكير في هذا السياق ان الرئيس المكلف، اتجه للاعلان عن تأليف الحكومة بمن حضر، في حال رفضت القوات اللبنانية المشاركة، وان تعليق عملية التأليف تتحمل مسؤوليته الجهة المسؤولة عن التعليق ، وان كل محاولة لرمي المسؤولية على الرئيس المكلف هي محاولة لذر الرماد في العيون والتعمية على اساس الخلل.
ثانياً – إن موقف الرئيس الحريري من توزير هذه المجموعة النيابية لم يعد سراً ، واذا كانت مشاورات الاسابيع الأخيرة قد تركزت على ايجاد مخرج مقبول ، يتجاوب مع الصلاحيات المنوطة بالرئيس المكلف ومكانته التمثيلية في الحكومة ، فان المسار الذي اتخذته تلك المشاورات لم يصل الى النتائج المرجوة بسبب الاصرار على الاخلال بالتوازن وتقليص التمثيل السياسي للرئيس المكلف ، الأمر الذي يضفي على الحكومة العتيدة شكلاً من أشكال الغلبة يرفض الرئيس الحريري تغطيته بأي شكل من الاشكال.
ثالثاً – إن الرئيس المكلف كان صريحاً منذ الأيام الاولى للتكليف بانه يفضل العمل على حكومة ائتلاف وطني من ثلاثين وزيراً ، وان الاقتراح الذي يطالب بحكومة من ٣٢ وزيراً ، هو اقتراح من خارج السياق المتعارف عليه في تشكيل الحكومات .
ان اعادة استحضار هذا الاقتراح لتبرير توزير مجموعة النواب الستة ، وإنشاء عرف جديد في تأليف الحكومات أمر غير مقبول ، اكد الرئيس المكلف رفضه القاطع السير فيه.
رابعاً – إن أحداً لا يناقش الحق الدستوري لفخامة رئيس الجمهورية بتوجيه رسالة الى المجلس النيابي ، فهذا صلاحية لا ينازعه عليها أحد ، ولا يصح ان تكون موضع جدل او نقاش ، بمثل ما لا يصح ان يتخذها البعض وسيلة للنيل من صلاحيات الرئيس المكلف وفرض أعراف دستورية جديدة تخالف نصوص الدستور ومقتضيات الوفاق الوطني .
خامساً – إن مسيرة التعاون بين فخامة رئيس الجمهورية وبين الرئيس سعد الحريري ، هي التي شكلت جسر العبور من مرحلة تعطيل المؤسسات الى مرحلة اعادة الاعتبار للمؤسسات الدستورية ودورها .
واذا كان البعض يجد في تكرار التعطيل وسيلة لفرض الشروط السياسية ، وتحجيم موقع رئاسة الحكومة في النظام السياسي ، فان الرئيس الحريري لن يتخلى عن تمسكه بقواعد التسوية السياسية التي انطلقت مع انتخاب فخامة الرئيس ، فحرصه على موقع رئاسة الجمهورية واجب وطني لن يتهاون فيه ، ونجاح العهد هو نجاح لكل اللبنانيين ، وحماية هذا النجاح تكون اولاً وأخيراً بتأليف حكومة قادرة على جبه المخاطر والتحديات وتعزيز مساحات الوحدة الوطنية وليس تحجيم هذه المساحات وبعثرتها .
سادساً – ان الرئيس المكلف اول المتضررين من هدر الوقت ، ومن تأخير تأليف الحكومة ، لمعرفته بان حكومة تصريف الاعمال ليست الجهة المخولة ، ولن تكون الجهة القادرة ، على معالجة المشكلات الاقتصادية والادارية والانمائية المستعصية ، وان المخاطر الماثلة على الحدود الجنوبية تتطلب حكومة كاملة الصلاحيات ، انما حكومة تكون محل ثقة المحلس النيابي والمواطنين والمجتمع الدولي والعربي ، لا حكومة تقدم الهدايا المجانية للمتربصين شراً بلبنان واستقراره .
وان بعض المصطادين بالماء العكر ، الذين يأخذون على الرئيس المكلف تعدد جولاته الخارجية ، يفوتهم ان الرئيس الحريري جعل من الوقت الضائع الذي استنزفوه في تأخير التأليف ، وسيلة لحماية المشروع الاستثماري والاقتصادي الذي يراهن اللبنانيون على انطلاقته .
لقد نجح الرئيس سعد الحريري في حشد الاصدقاء والاشقاء على المشاركة في مؤتمر سيدر، وهو مؤتمن على حماية النتائج التي انتهى اليها ، سواء من موقعه كرئيس اصيل للحكومة او من موقعه كرئيس لحكومة تصريف الاعمال.