شكّل القطوع الذي اجتازه الجبل السبت مع محاولة القوى الأمنية إحضار الوزير السابق وئام وهاب من منزله في منطقة الجاهلية -الشوف إنفاذاً لإشارة قضائيةٍ، جرسَ إنذار إضافياً إلى أن الواقع اللبناني دَخَل مثلّث الخطَر، السياسي – المالي – الأمني.
ففيما كانت تتمادى عملية الإنهاك المتبادل على جبهة تأليف الحكومة الجديدة وتتوالى التحذيرات بـ “مكبرات الصوت” من المخاطر المالية – الاقتصادية المتصاعدة، جاءت خضّة الجاهلية وملابساتها لتطرح علامات استفهام حول إذا كان ثمة قرارٌ ما باقتياد البلاد إلى مَخْرج على الساخن للأزمة الحكومية في غمرة اشتداد لعبة “عضّ الأصابع”.
ورأت أوساطٌ مطلعة أن ما حدَث في الجاهلية لم يكن معزولاً عن مقدّماته التي تناغمتْ مع أمر عملياتٍ بفتْح النار السياسي على الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري ووالده الرئيس الشهيد رفيق الحريري وصولاً الى إطلاق وهاب، القريب من حزب الله والنظام السوري، أقْذع الحملات على الحريري الابن والأب ظهرتْ في فيديو صار موْضع الملاحقةِ القضائية، قبل أن ينقل الوزير السابق حرَكَته التصعيدية الى قلْب الجبل وتحديداً معقل زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عبر عراضةِ المواكب السيّارة التي جابتْ العديد من مناطق الشوف وبينها المختارة مُطْلِقة النار في الهواء (ليل الخميس).
ولم يحرف السقوط الغامض لأحد مرافقي وهاب، محمد ابو ذياب (شُيِّع أمس) بعيد خروج القوة الأمنية من محيط منزل الوزير السابق في الجاهلية ولا تركيز العدسات الإعلامية على هذا التطوّر، عن الأبعاد التي عبّر عنها الإصرار على مثول وهاب أمام شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي بموجب قرار قضائي على خلفية الإخبار بحقه بجرم إثارة الفتن والمسّ بالسلم الأهلي وتحوّله مطلوباً للقضاء الذي أصدر بحقه منْع سفر من دون استبعاد ان تنضمّ أحداث الجاهلية وما تخلّلها من مظاهر مسلّحة ومواقف غير مألوفة بحق الحريري والمدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان مادة إضافية في الملف القضائي للوزير السابق.
غير أن مصادر بارزة في 8 آذار قالت لـ “الراي” ان حزب الله، الذي لم ينسَ الإساءات التي تعرّض لها من وهاب بعد الانتخابات النيابية وهجومه على بعض مسؤوليه، لم يكن بوسعه إلا التدخّل لمصلحة وهاب وحمايته حفْظاً للتوازن السياسي خصوصاً أنه يصعب في رأي الحزب القبول بأن تأخذ المعالَجات لمسألة قضائية المستوى الذي بلغتْه، آخِذةً على جنبلاط ممارسته ضغوطاً لتواجه الدولة ما وَصَفه الحالة الشاذة التي يشكّلها وهاب رداً على تطوّرات ليل الخميس، ومستحضرة دور زعيم “التقدمي” في المناخات التي سبقتْ أحداث 7 أيار 2008.
وتوقّعت المصادر ان يلعب رئيس الجمهورية ميشال عون دوراً باحتواء ما حدث وارتداداته في الأيام المقبلة على ان يأخذ المسار القضائي مجرياته بمثول وهاب أمام المدّعي العام التمييزي.
وإذ استمرّت الأعصاب مشدودة في الجبل بإزاء وقائع سبت الجاهلية رغم الانطباع بأن الجانب الميداني تم احتواؤه، فإن وهاب بدا في تصريحاته قبيل تشييع ابو ذياب راغباً بعدم تأليب الرأي العام الدرزي ضدّه عبر تحييده ما أمكن جنبلاط عن سهامه التي حصرها بـ “مثلث سني” (الحريري – حمود – عثمان) حمّله مسؤولية ما وصفه باغتيال مرافقه ومعتبراً ان المهمّة كانت ترمي لقتله.
وفي المقابل، اعتبر جنبلاط في بيان عزى فيه عائلة ابو ذياب “أننا كنا بغنى عن هذه الخسارة الأليمة بسبب منطق الخروج عن القانون الذي حظي برعاية وتغطية ما وهو واقع لا نقبل باستمراره”، معلناً “ان التهاون القضائي الذي يسعى إليه البعض اليوم والذي لطالما مورس سابقاً هو الذي قادنا لما وصلنا اليه”.