لغاية الان الضاحية غير مستعدة لتقديم تنازلات تسهّل على الرئيس الملكف سعد الحريري مهمة التشكيل الشاقة، فإن كلاما مهما خرج به عضو “اللقاء التشاوري السني”، وعضو التكتل الوطني النائب جهاد الصمد على هامش لقاء الأربعاء النيابي، حيث أعلن أن “الحكومة يمكن أن تتشكل اليوم إذا قبل رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بـ 10 وزراء بدلا من 11، على أن نتمثل أي اللقاء التشاوري السني بوزير واحد”.
وفي محاولة لشرح هذا الموقف، ومدلولاته، علما أنه يأتي بعد طول صمت اعتصم به السنة المناوئون لتيار المستقبل، متمترسين خلف دعم الضاحية لمطلبهم، كما بجرعة الدعم التي تلقوها من “الوسيط الرئاسي” جبران باسيل، تعتبر مصادر سياسية عبر “المركزية” أن كلام الصمد الذي أتى فيما كان رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد يؤكد أن الحزب لن يغير موقفه إزاء العقدة السنية، ويحدد وجهة بوصلة المعركة الحكومية التي يخوضها حزب الله ، مستفيدا من المطلب الذي يرفع لواءه أعضاء اللقاء التشاوري، يؤشر إلى أن هم الضاحية الأول يكمن في منع العهد والدائرين في فلكه من الحصول على الثلث المعطل في الحكومة المقبلة. ذلك أن الجميع، بمن فيهم الحزب، يجرون حسابات حكومية ذات طابع استراتيجي بعيد المدى، معتبرين أن الفريق الوزاري العتيد من المفترض أن يعمّر حتى الانتخابات النيابية المقبلة.
وتلفت في هذا الإطار إلى أن الحزب قد لا يسمح للرئيس عون وفريقه، على متانة الحلف القائم بينهما – ظاهريا على الأقل، بأن يمسك بورقة الثلث المعطل التي تتيح له تحكما شبه مطلق بالحكومة.. ولا يغيب عن بال المصادر التذكير بأن العلاقة على خط بعبدا –حارة حريك ليست في أفضل حالاتها بدليل التسريبات الاعلامية عن لقاء “عاصف” جمع الأمين العام لـ “الحزب” ورئيس التيار الوطني الحر، عشية خطاب نصرالله الأخير والذي اتسم بحدية غير مسبوقة، خصوصا أنه يأتي بعيد اعتراض الرئيس عون العلني على تمسك حزب الله بمطلب توزير السنة المعارضين، متهما الضاحية بتعطيل مسار المفاوضات، وتاليا انطلاق العهد، كما أراد له.
ومن هذا المنظار، تقارب المصادر مواقف رعد الذي ذكّر من يعنيهم الأمر بـ “أننا ننتظر الامام المهدي منذ 1300 عام”، معتبرة أن هذا التصعيد الكلامي يأتي ردا على الدعوة إلى تقديم التنازلات التي أطلقها رئيس الجمهورية السبت الفائت مستشهدا بسليمان الحكيم.
على أن هذا البعد المحلي للاشتباك الآخذ في التفاقم بين ثلاثي بعبدا – بيت الوسط – الضاحية، خصوصا أن أوساط الرئيس المكلف تؤكد أنه ليس في وارد الاستسلام لشروط حزب الله الذي يرمي إلى المضي في مسار السيطرة على البلاد وقرارها السياسي، لا يجوز أن يشيح النظر، بحسب المصادر، عن البعد الاقليمي للشلل الحكومي. ذلك أن تصلب مواقف الحزب لا يمكن أن يكون منفصلا عن الاشتباك الدائر بين واشنطن وطهران، خصوصا بعد فرض عقوبات أميركية جديدة أشد ايلاما على الجمهورية الاسلامية، ما يعني أن الحكومة العتيدة قد لا ترى النور قبل جلاء الصورة الاقليمية، وهو ما قد لا يحصل في المدى القريب.