ورأت انه لا يمكن الاستمرار في نقل الضغط من المالية العامة على الجهاز المصرفي المسؤول عن تمويل كامل الاقتصاد بما فيه القطاع الخاص وليس القطاع العام وحده، وبالتالي عندما تتوجّه حصة متزايدة من توظيفات المصارف بالليرة وبالدولار نحو تمويل الدولة وترتفع معدلات الفوائد على النحو الذي أصبحت عليه اليوم يصعب أكثر فأكثر حصول القطاعات الاقتصادية على التمويل الضروري للاستثمار الخاص مشيرة في الوقت عينه إلى أنّ هذا الاستثمار لا يتوقّف فقط على تأثير الأزمة السورية أو معدّل الفوائد المتزايد أيضاً من جراء المخاطر بل يتطلّب مناخاً استثمارياً إيجابياً يستلزم أولاً وسريعاً تشكيل حكومة اليوم قبل الغد.
واعتبرت الدكتورة سهام رزق الله أنّ تشكيل الحكومة اليوم لم يعد مطلباً سياسياً فقط لانتظام عمل المؤسسات إنما مطلباً اقتصادياً ملحّاً أيضاً للحؤول دون التدهور الأخطر للوضع الاقتصادي للبلاد وتفويت فرصة الاستفادة من الصدمة الإيجابية التي وعد لبنان بها من مؤتمر سيدر، والذي التزم خلاله بجملة إصلاحات فعلية تتطلّب تكاتف وتضامن لضبط الهدر وتحسين المالية العامة وتحريك العجلة الاقتصادية وخلق فرص العمل وكسر الحلقة المفرغة لتنامي المديونية العامة.
وأكدّت في السياق عينه أن الأوضاع الاجتماعيّة والمعيشية التي يشهدها لبنان لم تعد تحتمل تأجيل الملفات وإدارة الأزمات عبر تأخير انفجارها، بل تتطلّب معالجة جذرية لها على جميع المستويات خاصة وقد ارتفعت نسبة البطالة، لتتجاوز الـ25 في المئة وأكثر، وكذلك معدّلات الفقر وتراجع مؤشرات التنمية المستدامة في جميع الميادين.
وتطرقت إلى تحذيرات البنك الدولي الأخيرة فقالت يكفي النظر لمجرى تطوّر المؤشّرات الاقتصادية الواردة في منشورات البنك الدولي الأخيرة في الجدول لتبيان خطورة التمادي في تأجيل الإصلاح الاقتصادي المنشود والملحّ، والذي لا يمكن حصوله إلا مع تشكيل حكومة سريعاً والتضامن في معالجة الملفات الأساسية.
وأكدت أن تثبيت سعر صرف الليرة اللبنانية إلى الدولار الأمريكي والدفاع عن استقراره الدائم بات عنصر الثقة الأساسي، كي لا نقول الوحيد، في الاقتصاد اللبناني، وقد نجح المصرف المركزي في المحافظة عليه في أحلك التجارب التي مرّ بها لبنان في السنوات الأخيرة ولا يزال، إلاّ أنّ المشهد الكامل للاقتصاد يتطلّب النظر إلى جملة المؤشرات في المالية العامة كما في حركة القطاعات الاقتصادية التي تحتاج لمناخ استثماري إيجابي وإصلاح اقتصادي فعليّ لتخفيف الضغط عن النقد والجهاز المصرفي ليلعب دوره الكامل كعمود فقري للاقتصاد ككل وليس كداعم اضطراري دائم لضعف المالية العامة للدولة.