انضمّ الحمام إلى الطيور التي تهدّد حركة الطيران، خصوصاً أن كثيرين من كشّاشي الحمام يعملون قرب حرم المطار في مناطق الأوزاعي والرمل العالي والشويفات.
يشتري لكشّاش طيور الحمام، ويزوّجها على سطح منزله لـ"يعلّقها" به، ويدرّبها على التحليق، ثم يطلق سراحها. إن عادت إليه يكون قد نجح في ترويضها. أما إذا استولى كشاش آخر عليها، فلا يسأل عنها، ولا يتّهم صاحب النصيب بالسرقة، لأن قواعد اللعبة تقول: "عندما يحلّق حمام في الجو لا يعود ملكاً خاصاً".
كشاشو الحمام في الأوزاعي "خير الله"، يجيب صاحب محل مفروشات عندما تسأله عن واحد منهم. يؤشّر إلى السماء حيث سرب الحمام كصفّ العسكر، وإلى بيوتها الخشبية تغزو الأسطح. ثم يرشدك إلى بيت كشاش، واعداً «إذا لم تجديه في منزله، أدلّك على آخر». تصل متأكداً أنك لم تضلّ الطريق، فلكشاشي الحمام عالمهم الخاص. على سطح بناء قديم، يجلس رجل ثلاثيني على كرسي سارحاً في طيور الحمام التي تحوم من حوله، يرمي حبّات الذّرة البيضاء والصفراء أرضاً، فتهبّ لالتهامها، فيما تنتظر أخرى في الأقفاص موعد حريتها ساعة الكش عند التاسعة من كلّ صباح.
كتبت زينب حمود في "الأخبار":
كشاشو الحمام في الأوزاعي "خير الله"، يجيب صاحب محل مفروشات عندما تسأله عن واحد منهم. يؤشّر إلى السماء حيث سرب الحمام كصفّ العسكر، وإلى بيوتها الخشبية تغزو الأسطح. ثم يرشدك إلى بيت كشاش، واعداً «إذا لم تجديه في منزله، أدلّك على آخر». تصل متأكداً أنك لم تضلّ الطريق، فلكشاشي الحمام عالمهم الخاص. على سطح بناء قديم، يجلس رجل ثلاثيني على كرسي سارحاً في طيور الحمام التي تحوم من حوله، يرمي حبّات الذّرة البيضاء والصفراء أرضاً، فتهبّ لالتهامها، فيما تنتظر أخرى في الأقفاص موعد حريتها ساعة الكش عند التاسعة من كلّ صباح.
كتبت زينب حمود في "الأخبار":
يتساءل كثيرون عن ماهية كشّ الحمام، وما إن كانت هواية أو مصلحة. ويقول أحد الكشاشين: "هي في الأساس هواية، البعض يدمنون عليها فيقضون ساعات على الأسطح من دون أن يشغلهم أي عمل آخر، والبعض يتخذها مصلحة من أجل المنفعة المادية فيتاجر ببيع الحمام وشرائه".
الأمر كله يرتبط بالاتفاقيات التي تبرم غالباً خلال لقاء لمجتمع الكش. أحد الأماكن التي تجمعهم هو مقهى الحلبي في محلّة الكولا الذي تلفّ زواياه أقفاص الحمام المعروضة للبيع والشراء، وتتوسطه طاولات وكراس.
ليس كش الحمام نشاطاً بسيطاً، بل عالم معقّد له قواعده وأصوله وأخلاقه، إذ لكلّ كشاش وقت يصفر فيه يومياً ليطلق "كشته". ومهما اختبأ أبناء مجتمع الكش خلف التسلية والمتعة، يبقى الاستيلاء على طيور الغير هو الهدف الصريح. كثيراً ما يعود السرب ناقصاً طيراً أو اثنين، يلتقطه كشاش لا يعرف صاحبه فيستولي عليه، وحتى إذا عرف هوية الطير قد يقرّر الكشاش إفلاته أو «اللّعب بالنّار». وهذا يتوقف على أخلاقه وتصنيفه في مجتمع الكش. فهم ليسوا سواسية. «هناك من يحبّ أن يكش للكيف، أو لتعكير مزاج الآخر، أو للتسلية فيبرم اتفاقاً مع آخر ويكشان في الوقت ذاته فيكون التحدي بالتراضي».
الأمر كله يرتبط بالاتفاقيات التي تبرم غالباً خلال لقاء لمجتمع الكش. أحد الأماكن التي تجمعهم هو مقهى الحلبي في محلّة الكولا الذي تلفّ زواياه أقفاص الحمام المعروضة للبيع والشراء، وتتوسطه طاولات وكراس.
يتلقّى كشاشو الحمام، جيران المطار، منذ سنوات طويلة، إنذارات من البلديات ويتعرّضون لمطاردات من القوى الأمنية للتوقف عن الكشّ لما فيه من إعاقة لحركة الطيران. يذكر أحدهم كيف خبّأ الحمام قبل عشر سنوات عندما سمع عن "كبسة". بهتت رحلة المطاردة اليوم مع التفلت الأمني، لكن في كل مرة يُطرح فيها الموضوع على الكشاشين يصرّون على أن "الدولة تتبلّى عليهم، فطائر الحمام يهرب من الطائرة ولا يقترب من مسارها. وفي حين تعلّق على الحمام تترك طيور النورس تسرح وتمرح عند مكب خلدة، علماً أن الأخيرة يبلغ حجمها نحو أربع مرات حجم طائر الحمام، ومعروف عن النورس أنه طائر لا يهرب ويطير ببطء".