من 24 ساعة تغذية بالتيار الكهربائي، إلى صفر ساعة تغذية، هكذا تبددت أحلام اللبنانيين بالحصول على الكهرباء، وتحطمت الآمال عند صخرة الجشع والتسلط والكيدية.
حتى اليوم لم يتمكن الوزراء المتعاقبون على وزارة الطاقة، من حلّ قضية الكهرباء، لا بل استمروا بالفشل مرةً بعد مرة، متمسّكين بخطةٍ، أثبتت على مدى أكثر من 20 عاماً، فشلها وعدم جدواها في تأمين الكهرباء للمواطنين، واستمرار نزيف المؤسسة.
واليوم تجدد الخلاف، ولكن هذه المرة، مع رفع تعرفة فاتورة الكهرباء، من دون أي تأمين ولو لساعة تغذية إضافية في اليوم. وعلى الرغم من كل هذا الفشل، يستمر "التيار الوطني الحر"، الذي تعاقب وزراؤه على تولّي هذه الحقيبة، في رمي المسؤولية على الآخرين، رافضاً تحمّل مسؤولية الإنهيار الكبير الذي تعرض له هذا القطاع.
وفي هذا الإطار، اعتبر المدير العام السابق للاستثمار في وزارة الطاقة والمياه غسان بيضون، أن واقع الكهرباء في لبنان وصل إلى حائط مسدود قبل اليوم بسنوات، حيث انهارت المؤسسة والقطاع ومعهما الخزينة والمالية العامة، موضحاً أن هذا الأمر يأتي كنتيجة طبيعية لذلك النهج وسوء الإدارة والفشل الذي حكم وزارة الطاقة اعتباراً من العام 2010 بالرغم من كل التسهيلات التي توافرت للقيّمين عليها خلال تلك الفترة، حيث كانت للرئيس ميقاتي تجربة مباشرة مع "حاكمها"، وشكّل مشروع البواخر أحد وجوهها إضافة لتوفير مليار و200 مليون دولار لبناء معامل جديدة وتأهيل الشبكات. وقد لُدغ ميقاتي أكثر من مرة وفي أكثر من محور في هذا الملف، أبرزه تمثّل بعدم الإلتزام بتعيين مجلس إدارة كهرباء لبنان ضمن مهلة الشهرين من صدور القانون 181/2011، وكذلك بالنسبة لتعيين الهيئة الناظمة خلال ثلاثة أشهر.
وتابع بيضون في حديثٍ عبر "لبنان 24": "الغريب أن هذا النهج مستمر برغم التكلفة الهائلة التي تكبّدها الإقتصاد والمواطن، وأدت إلى انهيار الليرة وإفلاس الخزينة، ولا بدّ من تسجيل عتبٍ هنا على الرئيس ميقاتي، إذ على الرغم من مرارة تجربته، عاد وتبنّى خطتهم اللعينة للكهرباء في البيان الوزاري لحكومته،" مشيراً إلى خطة الكهرباء "الطارئة" بتسميتها الأخيرة، والتي "جاءت بعد فشلهم في الحصول على اعتمادات بحوالي 11 ألف مليار ليرة على حساب مشروع موازنة 2022، كانت مبنية في أساسها على أوهام وأخطاء ومخالفات عديدة ووعود غير قابلة للتحقيق. وأقصد هنا رفع التعرفة بعد زيادة التغذية إلى ما بين 8 و 10 ساعاتـ ولكن ما حصل هو أن تحديد التعرفة لم يأت بالدولار الأميركي، أو بالتدفقات المالية المتوقّعة،خصوصاً وأن الأخطر كان، ربطها بسعر صرف متحرك، مع احتمال زيادتها 10 سنتات في حال عدم تسديد الدولة والمؤسسات العامة فواتيرها".
وأعرب عن أسفه للسجال بين رئاسة الحكومة وهيئة الشراء العام من جهة والنائب "وريثة الطاقة"، حول المسؤولية عن وصول البواخر بنتيجة المناقصة وعقد النفقة قبل تأمين التمويل اللازم لتغطيتها؛ وعدم توفر التمويل، وذلك بعد تردد في اختيار الصيغة الفضلى لهذا التمويل، ناهيك عن الجدل حول دستورية اجتماع مجلس الوزراء لبحث مسألة تأمين الأموال اللازمة لتغطية تكلفة الكميات المحمّلة على ظهر البواخر الواصلة والمرتقب وصولها. وقال : يجب القيام بتحرك سريع يبرر اجتماع مجلس الوزراء، إذ "لا يمكن أن يجيز الدستور نزع آخر أجهزة الإنعاش عن دولة مريضة ومواطن في العناية المركّزة".
ودعا الى إعادة تفعيل محركات البحث عن أية وسائل أخرى للإنقاذ والمساعدة أياُ كانت المصادر المتاحة دون حرج أو إرباك أو تردد، مشدداً على أن "حماية حياة الناس أولوية على الدستور، وعلى أية اعتبارات سياسية تراهن على استمرار الحصار حتى تحقيق أهداف لن تتحقق!"