لا مؤشّرات تُوحي بأنّ هناك حلحلة في الملف الرئاسيّ، فمواقف الكتل النيابيّة على حالها حتى اللحظة، ولم تفضِ الإتّصالات التي حصلت بين معراب والمختارة من جهّة، وبين عين التينة والحزب "التقدميّ الإشتراكيّ" وبين وليد جنبلاط ورئيس "التيّار الوطنيّ الحرّ" النائب جبران باسيل من جهّة ثانيّة إلى أيّ تطوّرٍ يمكن أنّ يُساهم في الذهاب إلى الحوار أو التغيير في المعادلة الرئاسيّة، فلا يزال "فريق الثامن من آذار" من دون مرشّحٍ، فيما "المعارضة" منقسمة بين داعمٍ لرئيس "حركة الإستقلال" النائب ميشال معوّض وبين عصام خليفة والأوراق التي تحمل شعارات.
ورغم أنّه تمّ طرح أسماء جديدة لمرشّحين في الكواليس، فلا يبدو أنّ الكتل قامت خلال فترة الأعياد بدراستها أو الموافقة عليها، ما يعني عمليّاً أنّ الأزمة الرئاسيّة مستمرّة بانتظار موافقة الأفرقاء على تلبيّة الدعوة للحوار. وهناك عقبتان تقفان أمام انتخاب الرئيس في السنّة الجديدة: فنواب "فريق الثامن من آذار" يُريدون التوافق على المرشّح سلفاً عبر الحوار، أمّا "المعارضة"، فتُنادي بتطبيق الديمقراطيّة والإقتراع لأحد المرشّحين المطروحين.
وفي هذا الإطار، يقول مراقبون إنّ بداية الـ2023 لن تحمل أيّ خرقٍ في الإستحقاق الرئاسيّ، لكنّهم يولون إهتماماً للحركة التي يقوم بها نواب "اللقاء الديمقراطيّ" بين معراب وعين التينة، فإذا نجحت المختارة في جرّ "القوّات" إلى الحوار، واستطاع "حزب الله" بطريقة ما إقناع "التيّار الوطنيّ الحرّ" بعدم رفض دعوة برّي الثالثة، فإنّه سيبدأ النقاش جدّياً بين كافة الكتل على إسم الشخصيّة الوسطيّة.
وفي هذا السيّاق، يُصّر النائب جبران باسيل على سحب الحوار من عباءة الرئيس برّي، وتوظيفه مسيحيّاً للضغط على "الثنائيّ الشيعيّ". إضافة إلى ذلك، لم يُلاحظ أيّ تنازل في ما يخصّ صفات الرئيس المقبل، فـ"الجمهوريّة القويّة" تطمح لإيصال مرشّحها السياديّ"، بينما "حزب الله" و"حركة أمل" يتجنّبان الدخول في معارك سياسيّة مع الرئيس الجديد هما بغنى عنها.
ويرى مراقبون أنّ بكركي لم تحسم بعد قرارها بالدعوة لحوار مسيحيٍّ أو عدمه، لأنّ "القوّات" ترفض التقارب مجدّداً من "الوطنيّ الحرّ"، وخصوصاً بعد فشل ترجمة بنود "إتّفاق معراب" بينهما. ويعتبر المراقبون أنّ الظروف لحوار البطريرك مار بشارة بطرس الراعي ورئيس مجلس النواب لم تنضج بعد. وترى أوساط سياسيّة أنّ بكركي يمكن أنّ تلعب دوراً مهمّاً جدّاً بالنسبة للدعوة للحوار، من خلال حثّ الأفرقاء المسيحيين على ضرورة التشاور مع بقيّة الكتل، لأنّ الأزمة الرئاسيّة تُهدّد الموقع المسيحيّ الأوّل في الدولة، لكنّها في الوقت عينه، لا تزال تنتظر أنّ يقوم النواب بواجبهم الدستوريّ، محمّلةً إيّاهم مسؤوليّة الفراغ.
وخلافاً لذلك، يعتقد مراقبون أنّ تنازل "القوّات" و"الوطنيّ الحرّ" لـ"حزب الله" والذهاب للحوار يعني حكماً تسليم موقع رئاسة الجمهوريّة لـ"الثنائيّ الشيعيّ" عبر السير معه بتسويّة. ويلفت المراقبون إلى أنّ كتلتيّ "لبنان القويّ" و"الجمهوريّة القويّة" تتحكمان حاليّاً بالملف الرئاسيّ، فباسيل صعّب على الضاحية الجنوبيّة إمكانيّة وصول رئيس تيّار "المردة" سليمان فرنجيّة إلى بعبدا، فيما "القوّات" لا تزال متمسّكة بميشال معوّض وترفض التحاور مع "الوفاء للمقاومة" و"التنميّة والتحرير"، وتصرّ على إنتخاب الرئيس في جلسة دوراتها مفتوحة على الحوار والإقتراع، ما يعني أنّ نواب معراب يعملون على فرض شكل الحوار وطريقة الإنتخاب على "حزب الله" و"حركة أمل".
ويُتابع المراقبون أنّ ورقة الضغط والتعطيل هي بيد "القوّات" و"التيّار"، ويبقى على "حزب الله" العمل على إصلاح علاقته بباسيل كيّ لا يجد نفسه يتنازل لخصمه الإستراتيجيّ سمير جعجع. ويقول مراقبون إنّ ما يُريده باسيل هو أنّ يتبنّى 8 آذار ترشّحه، لكن هناك صعوبة بتأمين الإجماع على إسمه، وخصوصاً وأنّ "المعارضة" ستقطع الطريق أمام وصوله. كذلك، فإنّ مهمّة "القوّات" غير سهلة أيضاً في ظلّ تشتّت كتل "المعارضة" ورفض بعضها منطق التحديّ الذي تفرضه معراب، إنّ بمرشّحها وإنّ بمحاولتها السيطرة على قرار نواب "المجتمع المدنيّ" و"الإعتدال الوطنيّ" والمستقلّين. ويرى المراقبون أنّ أقلّه توصّل "حزب الله" وباسيل لمرشّحٍ توافقيٍ بينهما، سيحلّ مشكلة الترشّيح لدى نواب "الممانعة".
ويوضح المراقبون أنّ "التيّار" عليه السير مع "حزب الله" بشخصيّة قريبة منهما، لكّنها في الوقت عينه قادرة على نيل الدعم من النواب السنّة و"اللقاء الديمقراطيّ" لإقصاء "القوّات" من المشهد الإنتخابيّ. ويرى المراقبون أنّ هذا المرشّح موجودٌ، وهو قريب من المختارة، وسبق وأنّ ساهم في عدّة لقاءات بين وليد جنبلاط ورئيس الجمهوريّة السابق ميشال عون، وبين الأوّل وباسيل.
ويُتابع المراقبون أنّ الكرّة في ملعب ميرنا الشالوحي والضاحيّة الجنوبيّة، والتنسيق بينهما، إنّ عاد إلى طبيعته يمكن أنّ ينتج عنه مرشّح من فريق الثامن من آذار. ويسأل المراقبون هل يستمرّ "الثنائيّ الشيعيّ" بالدعوة للحوار لتأمين توافقٍ يصل لـ86 نائباً لمرشّحه إنّ أعلن عن إسمه رسميّاً، أمّ يعمل على تسويّة شبيهة لتلك التي أدّت إلى انتخاب برّي لولاية جديدة لرئاسة مجلس النواب؟ والأهمّ، هل يتبنّى "حزب الله" و"أمل" مرشّحا قريبا من "التيّار الوطنيّ الحرّ" ويُؤثّر باسيل على خياراته السياسيّة؟