يتعرض الأحداث في السجون اللبنانية لظروف نفسيّة وجسديّة غير ملائمة في مراكز إيوائهم التي يُفترض أن تعيد تأهيلهم ليكونوا عناصر فاعلة في المجتمع، لتصيح هذه المراكز "ممرات" لتأهيلهم لمزيد من الانخراط في عالم الجريمة.
يقع مركز "مبادرة" في محيط مستشفى ضهر الباشق الحكومي، وقد أسسته وزارة العدل بالتعاون مع وزارة الداخلية ومكتب الأمم المتّحدة المعني بمكافحة المخدرات والجريمة (UNODC)، وهو يُعنى بتأهيل الفتيات المُخالفات للقانون واللواتي صدرت بحقهن مذكرات توقيف أو اتخذت محكمة الأحداث بحقهن تدابير تأديبيّة أو عقوبات مخفّضة.
أمضت "نور" أكثر من ثلاث سنوات في مبنى المركز الذي خصّص الموقع الإلكتروني التابع لوزارة العدل، لتُعدّد المرّات التي حاولت فيها الانتحار فتبيّن المأساة التي كانت تعيشها في المركز الذي دخلته قبل أن تتجاوز الـ12 عاماً، بعدما هربت من منزل جدتها لوالدها وضُبطت وهي تتعاطى المخدّرات.
الوقت يمرّ بطيئاً جداً على القاصرات في مركز "مبادرة": الكتب والدفاتر ممنوعة في مركزٍ يقول عنه موقع وزارة العدل إنّ "البرامج التربويّة أولوية (فيه) للقاصرات اللواتي لم تتسنّ لهن فرصة الحصول على ثقافة مدرسيّة مناسبة لعمرهنّ"، وإن "هذا البرنامج من مسؤولية مدير النشاطات الاجتماعية، وهو يتمحور على مستويين أو أكثر: تعليم الأميّات، رفع المستوى المدرسي، المعلوماتيّة".
ما تعيشه القاصرات في مركز "مبادرة" يعانيه القُصّر الذكور الموجودون في أحد الأجنحة في مبنى الأحداث في سجن رومية. يتعدّى عدد هؤلاء الـ130، بينهم عدد كبير من السوريين، ويتوزّعون على أكثر من نظارة يضم كل منها نحو 20 سجيناً ينامون في غرفٍ تتضمّن أسرّة ومرحاضاً مشتركاً يتناوبون على تنظيفه.
يتحدّث "سمير" عن عسكريين "بلا رحمة ينتظرون أي خطأ لضربن"، ويوضح ابن الـ15 عاماً أنّ الخطأ "يعني وقوع أي شجار أو صراخ بين السجناء. سريعاً، يخرجنا الحراس من الغرف، ويطلبون منّا خلع ملابسنا ويرمون علينا مياهاً باردة، قبل أن ينهالوا علينا بالضرب بقساطل بلاستيكيّة".
في آخر إحصاء صدر هذا الشهر، أشارت وزارة العدل إلى وجود 141 حدثاً (ذكور وإناث) في السجون اللبنانيّة، أكثر من نصفهم سوريون. وهم يتوزّعون بين 132 قاصراً (120 موقوفاً و10 محكومين ومحكومان في قضايا ينتظران أحكامهما في قضايا أُخرى) في جناح الأحداث في سجن رومية، و9 قاصرات (7 موقوفات ومحكومتان) في مركز "مبادرة".