تتراجع حظوظ رئيس "حركة الإستقلال" النائب ميشال معوّص ورئيس تيّار "المردة" سليمان فرنجيّة في الوصول إلى بعبدا، فبعد 10 جلسات إنتخابيّة لم يستطع الأوّل توحيد نواب "المعارضة" لانتخابه، فيما لا يزال الأخير غير مرشّحٍ لأنّ "حزب الله" لم ينجح حتّى تاريخه، بتأمين التوافق عليه من جهّة، والكتل المسيحيّة الكبيرة المؤلّفة من "لبنان القويّ" و"الجمهوريّة القويّة" لن تقوم بالتصويت له من جهّة أخرى، ما ينزع عنه الغطاء المسيحيّ.
وأمام هذا الواقع المتأزم والتقليديّ عند كلّ إستحقاقٍ رئاسيٍّ، عاد الحديث في الكواليس السياسيّة عن التوافق على مرشّحٍ غير حزبيّ وغير مُسيّس. وبانتظار نجاح الدعوة للحوار، يبقى أيضاً موضوع الإتّفاق على الرئيس المقبل معلّقاً. في الإطار عينه، لا تزال الحركة العربيّة والدوليّة لإنجاز الإنتخابات الرئاسيّة قائمة. ويقول مراقبون إنّه على الورق هناك 3 أسماء مطروحة حاليّاً وهي ميشال معوّض وسليمان فرنجيّة وقائد الجيش جوزاف عون. ومن هؤلاء المرشّحين، تتّجه الدول الخارجيّة إلى تزكيّة الأخير لعدّة أسباب، أبرزها أنّه ليس من المنظومة السياسيّة التي حكمت لبنان خلال السنوات الست الماضيّة، ولا يتحمّل تبعات الأزمات الإقتصاديّة والمعيشيّة التي وصلت إليها البلاد بسبب سوء الإدارة.
أمّا المعضلة التي تُواجه العماد عون، قتتمثّل بغياب الحماسة لدى بعض الكتل النيابيّة في انتخاب قائدٍ للجيش عند كلّ مناسبة، وأبرزها الأحزاب المسيحيّة التي تخوض الإنتخابات النيابيّة والفوز بأكبر عددٍ من المقاعد لأنّ هدفها الأبرز إيصال شخصيّة سياسيّة إلى رئاسة الجمهوريّة. وبالحديث عن "القوّات اللبنانيّة" التي لا تزال تتمسّك بترشّيح معوّض، يجدر التذكير إلى أنّها أوّل من بادر بطرح إسم قائد الجيش، وعلى الرغم من رغبتها في إيصال شخصيّة تحدي تُبادر إلى معالجة المواضيع الحساسّة في البلاد، وفي مقدمتها السلاح غير الشرعيّ والحياد، فإنّ موقف معراب أصبح واضحاً من دعم العماد عون، لكنّها تشترط أوّلاً الجلوس معه، للتداول بالمرحلة السياسيّة المقبلة.
ويسأل مراقبون أنّه إذا حصل هذا اللقاء ولم يقبل قائد الجيش بأنّ يكون على خصومة مع "حزب الله" وأراد مدّ يدّه لكافة الأفرقاء للعمل معهم على برنامج إنقاذيّ أساسه الإبتعاد عن التجاذبات السياسيّة، هل تظّل معراب داعمة له؟ ويُذكّر المراقبون أنّ "القوّات" تجنّبت ترشّيح رئيسها سمير جعجع لأنّه لم يكن لينال دعم كتلة "اللقاء الديمقراطيّ" إضافة إلى أصوات أخرى كثيرة من نواب "المعارضة"، فقرّرت السير بمعوّض لأنّ توجّهاته السياسيّة شبيهة بمواقف جعجع ، وخصوصاً في موضوع السيادة، لكنّه ليس مرشّحاً مسيحيّاً من الصفّ الأوّل، ولا يستفزّ إسمه جميع نواب "المعارضة".
وبالحديث عن المرشّحين الوسطيين، يرى مراقبون أنّهم إذا كانوا مثل الذين يطرحهم نواب كتلة "المجتمع المدنيّ"، فإنّهم يُعتبرون بلا رائحة وبلا لون، فقد وضع النائب جبران باسيل معياراً على كلّ مرشّح، وهو أنّ يكون إمّا يحظى بكتلة نيابيّة، وإمّا أنّ يكون مدعوماً من واحدة. ويوضح المراقبون أنّ المقصود من الفكرة الأخيرة أنّ يكون لباسيل دورٌ بارزٌ في المرحلة المقبلة لكيّ يتنازل للمرشّح ويُعطيه أصوات تكتّله. ويُضيف المراقبون أنّ "القوّات" لم تُبد أيضاً حماسة حتّى الآن بدعم شخصيّة أخرى، وقد أتى لقاء جعجع يوم الخميس الماضي بالنائب وائل أبو فاعور، إضافة إلى إجتماع رئيس الحزب "التقدميّ الإشتراكيّ" وليد جنبلاط بميشال معوّض، ليدلّ على أنّ معراب والمختارة لا تزالان تقفان خلف رئيس "حركة الإستقلال".
وبينما أبدى باسيل رفضه إنتخاب قائد الجيش، يبقى على "القوّات" أنّ تُبادر وتُصوّت له، فيقول مراقبون إنّ نوابها لو استمرّوا بمنطق المواجهة ومرشح التحديّ، وامتنعوا عن الإقتراع لعون إنّ لم يرد التطرّق لموضوع السلاح غير الشرعيّ، فإنّ معراب ستكون مرّة جديدة إلى جانب ميرنا الشالوحي في اجهاض التسويّة الرئاسيّة، وسيتمّ البحث عن شخصيّة وسطيّة ثانيّة ربما لن تلقى أيضاً تأييداً مسيحيّاً. ويختم المراقبون أنّ أفضل فرصة لإنهاء الأزمة تقضي بانتخاب عون لأنّه لا ينتمي لأيّ طرفٍ سياسيٍّ، وهو ضمانة في مدّ جسور التواصل داخليّاً وخارجيّاً.