وفي اعتقاد غبريال أن الولايات المتحدة تريد أن ترى في لبنان حكومة قادرة على استعادة ثقة شعبها وملتزمة بتنفيذ الإصلاحات السياسية والاقتصادية اللازمة لإحداث تغيير ذي مغزى وتعزيز الحكم الصالح وإنقاذ اقتصاد لبنان. وكل ذلك لا يمكن أن يحدث من دون انتخاب رئيس في الوقت المناسب، يليه تكليف رئيس للحكومة فتشكيل حكومة نظيفة وقادرة على استعادة الثقة المحلية والخارجية. ويجب أن يعمل الرئيس والحكومة وفق نهج إصلاحي ودعم المسار نحو خطة تعافي اجتماعي واقتصادي فعالة وتنفيذ برنامج إصلاح شامل، وفق ما جرى الاتفاق عليه مع صندوق النقد يهدف إلى إعادة بناء الاقتصاد واستعادة الاستدامة المالية وتعزيز الحكم والشفافية وإزالة العوائق التي تحول دون نمو فرص العمل وزيادة الإنفاق الاجتماعي وإعادة الإعمار.
ويقول غبريال في هذا السياق ان الاصلاحات المطلوبة من لبنان تشمل قطاع الطاقة، وموقف الولايات المتحدة يتمثل بالضغط على الحكومة اللبنانية وعلى وجه الخصوص وزارة الطاقة لتقديم الضمانات اللازمة للبنك الدولي وانتهاز الفرصة الفورية والقصيرة المدى لزيادة الكهرباء لشعب لبنان. وبمجرد تحقيق ما يطلبه البنك الدولي لجهة التدقيق في الحسابات في مؤسسة كهرباء لبنان، الهيئة الناظمة للكهرباء وتصحيح الأسعار، فإن الولايات المتحدة ستستخدم نفوذها لدى البنك. هذا فضلا عن أن الولايات المتحدة تدعم أيضًا المبادرات المحلية، لا سيما مشاريع الطاقة الشمسية التي تعمل على تلبية احتياجات الطاقة للمواطنين المحليين، وقد شجعت الحكومة اللبنانية على إنشاء هيئة ناظمة لقطاع الكهرباء لتنظيم هذا القطاع والعمل لجهة توليد الطاقة وتوزيعها تمهيدا لتحقيق الاستدامة على المدى الطويل.ويعتبر غابريل في هذا السياق، أن الولايات المتحدة تفعل كل ما في وسعها لمساعدة لبنان، ويتعين على وزارة الطاقة أن تقوم بدورها من خلال تقديم برنامج استرداد التكلفة وفق المعايير الدولية، وكذلك اقتراح إنشاء هيئة ناظمة تراعي المعايير الدولية، فمن دون هذه الإجراءات التي يطلبها البنك الدولي من حكومة لبنان، ستضيع هذه الفرصة المجدية لتحقيق مكاسب كهربائية على المدى القصير.
وسط ما تقدم، يقول غبريال إن استقرار لبنان يصب في مصلحة الولايات المتحدة لأسباب عدة. وقد قال ممثلو حكومتنا الشيء نفسه. وبصفتنا حليفا في شرق البحر الأبيض المتوسط، مع مجتمع تعددي ، يستضيف أعلى نسبة من اللاجئين في العالم، وعلى مقربة من شركاء وأصدقاء آخرين للولايات المتحدة، فإننا نعتقد أن الإدارة الحالية تقدر العلاقة مع لبنان، وهي ليست بالأمر السهل ، بالنظر إلى التحديات العالمية الهائلة التي تتطلب اهتمامًا ومشاركة كبيرين من الولايات المتحدة. وبالتالي يمكن القول إن عدم استقرار لبنان من شأنه أن يفاقم الامور في منطقة غير مستقرة بالفعل ، مع تداعيات اقتصادية وأمنية وإنسانية على الشرق الأوسط بأكملها. ولهذا السبب ، نعتقد أن الولايات المتحدة تستخدم جهودها الدبلوماسية، ليس فقط على المستوى الثنائي ، ولكن أيضًا بالتعاون مع حلفائها وشركائها لدعم استقرار لبنان.
وبينما يظن كثيرون أن واشنطن بعد ترسيم الحدود البحرية لم تقدم المساعدة للبنان لتخفيف معضلاته وعبء اللاجئين السوريين، الا ان غبريال يؤكد أن المساعدات الإنسانية التي تزيد عن 3 مليارات دولار لدعم لبنان وشعبه منذ عام 2012 تشير إلى خلاف ما يقال، ناهيك عن دعم الولايات المتحدة للأجهزة الأمنية الشرعية في لبنان مثل الجيش . فالولايات المتحدة كانت دائمًا صديقة لا تقدر بثمن للبنان ، ويتجلى ذلك من خلال مساعداتها العسكرية والإنسانية والتنموية، وتقديمها الدعم لقوات الأمن الدولية التي لا تزال تعطى الأولوية في الاعتمادات السنوية التي يصرح بها الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، لكن يجب الاعتراف، بحسب غابريال، بالأعباء الهائلة التي يتحملها لبنان كشعب، لا سيما بالنظر إلى دوره كبلد مضيف للاجئين في العالم ويتحمل العبء الأكبر. فعندما زارت مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية سامانثا باور ، لبنان الشهر الماضي ، كانت قضية اللاجئين في سلم اولوياتها. فالوكالة تعتبر أن أي حل للوضع غير المستدام للاجئين في لبنان يجب أن يتوافق مع القانون الدولي. من هنا لا يخفي غبريال قلقه، ويقول ينبغي النظر في عمل المزيد لتلبية احتياجات كل من اللاجئين والمجتمع اللبناني المضيف، وندعو إلى دراسة مستقلة للنظر بشكل أعمق في هذه القضية بهدف الخروج بتوصيات تلبي المعايير الدولية، مع تشديده على ان الولايات المتحدة مهتمة بدعم حقوق اللاجئين في لبنان وتبدي في الوقت عينه امتنانها للبنان لاستضافتة اللاجئين.