أخبار عاجلة
لماذا يكون تقبيل حديثي الولادة خطيراً؟ -

لأول مرّة لم يستفزّني جبران باسيل

لأول مرّة لم يستفزّني جبران باسيل
لأول مرّة لم يستفزّني جبران باسيل

لأول مرّة منذ أن سُمح لرئيس "التيار الوطني الحر" السيد جبران باسيل بـ"احتلال" المشهد السياسي، عبر سياساته التعطيلية، لم يستفزّني على الاطلاق عكس اطلالاته المتكررة الأخيرة.

لم يستفزني لأنه بكل بساطة كان هو المستفَزّ. ففي كل كلمة قالها كان مستفَزًّا إلى درجة أنه لم يستطع تمالك نفسه من شدّة تأزّمه وشعوره بأنه لم يعد لديه أي أمل في رئاسة طالما حلم فيها يوم كان يمارس دورها في الظّل، ولم يكتفِ بإيصال البلاد إلى ما وصلت إليه بالتكافل والتضامن مع مَن كان يُفترض به أن يكون رئيسًا حكمًا، وليس رئيسًا لـ"التيار البرتقالي". وهذا ما بدا واضحًا في آخر يوم قضاه في بعبدا بعد ست سنوات عجاف لم يشهد لبنان مثيلًا لها.

لم يستفزّني جبران باسيل، لأنني أدركت أن الرجل خسر كل أوراقه السياسية، بعدما قرر اعتماد سياسة حرق كل المراكب، وهو بالتالي لجأ إلى أسلوب حرق المراحل عندما كشف بأنه ذاهب إلى خيار رئاسي آخر غير "الورقة البيضاء". وهذا يعني وفق "المنطق الباسيلي التعطيلي" أن لا رئيسَ للجمهورية في القريب المنظور، وهو مقتنع بأن جميع الأطراف، بمن فيهم الحلفاء "المشكوك بأمرهم"، وكذلك الخصوم، في حاجة إلى أصوات نواب تكتل "لبنان القوي"، وهو يعتبر نفسه "بيضة القبّان" الحقيقية، التي تستطيع ترجيح كفّة الميزان لمصلحة هذا الطرف أو ذاك، وفق ما يمكن أن ينتج عن أي تحالف انتخابي من تفاهمات واضحة وصريحة على الأسس التي سوف تُعتمد في المرحلة المقبلة، بحيث يُفترض أن يكون للسيد باسيل دور أساسي فيها، إن من ناحية تمثيل تياره في الحكومات التي ستتوالى بما يناسب حجمه النيابي التمثيلي، وكذلك الأمر بالنسبة إلى التعيينات المفصلية في المؤسسات العسكرية والمالية والإدارية. وبذلك يمكن أن يكون في هذا الموقع أقرب إلى خصومه أكثر من قربه إلى من كان يعتبرهم حتى الأمس القريب حلفاءه الاستراتيجيين.

وفي رأي أكثر من مراقب سياسي حيادي أن باسيل استفاد من حجة "عدم دستورية" جلسة مجلس الوزراء، و"عدم ميثاقيتها" لتوجيه سهامه ضد "حزب الله"، الذي لم يسمّه بالاسم، وذلك بعدما تأكد أن "حارة حريك" تفضّل الوزير السابق سليمان فرنجية عليه في المرحلة المقبلة، خصوصًا أن خيبات أمل "الحزب" من عهد دعمه حتى الآخِر لا تُعدّ ولا تُحصى، وهو في غير الوارد تكرار التجربة الفاشلة. ولذلك قرّر أن "يكسرّ الجرّة" معه، وأسمعه كلامًا لم يسمع مثيلًا له حتى من ألدّ أخصامه السياسيين، حتى أن بعض المقربين من "حارة حريك" قالوا إن هذا الكلام لم نسمعه حتى من سمير جعجع بالذات.

أول "الكلام الباسيلي" جاء عندما اتهمّ "حزب الله" بأنه مشغّل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أمّا ثانيه فكان بمثابة رسالة واضحة وغير مشفرّة عندما قال "إذا كان احد يظن أنه يضغط علينا في الموضوع الرئاسي فنقول له انه لن ينفع وهذا الامر يؤدي الى تصلب اكبر".

 أمّا ثالث المواقف فحين تحدّث عن أن "موقفنا قوي واقوى ما فيه ان فيه شركاء وطنيين لم يخذلوا لبنان وصيغته وعيشه المشترك ولا مرة، ابن سلام وابن ارسلان وقفا دائما مع ما يحفظ الميثاق والصيغة، مشكلتنا مع الصادقين الذي نكثوا بالاتفاق وبالوعد والضمانة، وهذه ليست المرة الاولى، اقله في الفترة الاخيرة، من انتخاب المنتشرين والانتخابات بحد ذاتها الى الحكومة". 

 ورابع "الرسائل الباسيلية" جاءت عندما خوّن "حزب الله بقوله "‏لا اعتقد ان هناك من يصدق اليوم ان هذه المواجهة هي مع ميقاتي. المشكلة هي مع من قالوا صراحة ان مجلس الوزراء ينعقد والمراسيم لا تحتاج إلى توقيع جميع الوزراء وهم في السابق لم يقبلوا الا بتوقيعها من جميع الوزراء، المشكلة هي مع من اوقف مجلس وزراء كامل الصلاحيات اربعة أشهر بوجود رئيس جمهورية لأن هناك موضوعًا من خارج صلاحيات مجلس الوزراء اتوا به وقاموا بمشكل ولم يحضروا، وعدم حضورهم ادى الى عدم عقد جلسات، ألم تكن هناك حاجات انسانية يومها؟". 

وخامس الرسائل تهديده بالسعي أكثر واسرع للخروج من قضية الورقة البيضاء والذهاب إلى مرشح رئاسي لأنه "مش ماشي الحال ابدا"، ويجب البدء جديا باللامركزية الموسعة، ان لم يكن في القانون بعد 30 سنة من الطائف، فلنبدأها على الارض". لهذه الأسباب كلها لم يستفزّني جبران باسيل. ولن يفعل بعد اليوم، لأنه هو من أصبح مستفزًّا.

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى