كتب عماد موسى في "نداء الوطن": إن تأمين اعتمادات لمعالجة مصابي السرطان ومرضى غسيل الكلى أهم بكثير من المادة 17 والمادة 73 وأهم من الفقرة الثانية من المادة 64 والمادة 73، وأهم من دستور الجمهورية اللبنانية كلّه بمواده الـ 102. مريض السرطان الـ «عايف الله»، المهدد بالموت البطيء أو السريع، أولوية قصوى تتقدم على سلبية رئيس (سابق) نكِد وعلى صهر مدلل جشِع، وعلى قمصان عثمان، وعلى توازن سلطات، وعلى التنظير الميثاقي وعلى وزراء ضعفاء ولو بدوا «عناتر» زمانهم.
أي منهم صاغ تلك المطالعة التي لا تستقيم إلّا في أذهان المناكيد، ممثلي تيار التعطيل الدستوري والإبتزاز. حسناً فعل الوزير جورج بوشكيان، الذي أمّن النصاب الأخلاقي الأمس، قبل النِصاب الدستوري، أما هكتور فحضر إلى السراي الحكومي ليحاضر برئيس مجلس الوزراء بالعفة! كان على الوزراء المقاطعين لجلسة إستثنائية، أن يتنادوا للقيام بمبادرة ما تجاه مرضى عاجزين عن جبه الموت الزاحف صوبهم، كأن يتبرّع من هم على «قدّ الحال» بمبالغ رمزية ويدفع المقتدرون من حساباتهم «الدسمة» ثمن أدوية ملحّة...بدل التبرّع بأكاليل.
أي جدل تافه وأجوف حول دستورية إنعقاد جلسة لمجلس الوزراء والإخلال بثوابت التوازن الوطني وضرب الميثاقية على قفاها في وقت يشحذ المعدمون، وهم أكثرية، ثمن حبة دواء.مرضى السرطان القاتل، يتسوّلون أياماً إضافية كي يفرحوا بإشراقات الشمس وبأضواء القمر الكاشفة وبتفتح أزرار الغاردينيا على شبابيك الحزن. هؤلاء المعلّقون بحبال الهواء، ومثلهم من يعيشون على غسيل الكلى... يكرهون كل من تسبّب ويتسبب لهم بمزيد من الأسى والوجع والإنكسار والأذيّة. يكرهون من يقطع الطريق على مساعدة. يكرهون من لا يأبه لإقفال مستشفى أو لإفلاسه التام. يكرهون من حوّل حياتهم إلى مادة لشد الحبال السياسي وشدّ العصب وضرب الأعصاب.مرضى السرطان لا يتمنون الأذى لأحد، لكن بقليل من المجاز والوقاحة لا بأس أن يسمع الميثاقيون الجدد صوتاً مختلفاً ودعوة غير مستجابة: سرطان البروستات ياخدكن أو حمى مالطية لمن يرغب.