"لا فراغَ في الأمن..
نعيشُ اليوم فراغًا يشلّ البلد في ظلّ أوضاع اقتصادية ومعيشية مزرية. شللٌ يصيب القطاعات كافة ويؤثر على تسيير شؤون المواطنين وينعكس سلبًا على حقوقهم. وضعٌ اقتصادي ومعيشي سيىّء يقود إلى فلتان أمني وتكاثر للجرائم والتعدّي على الأملاك العامة والخاصّة. لكنّ الفراغ والشلل لا يدخلان في قاموسنا.. في قاموس الأمن. نحنُ لا نتوقّف عن خدمة ارتضيناها واجبًا علينا. لم ولن نقف يومًا متفرّجين على انهيار الأوضاع الأمنية. لم ولن نقف يومًا متفرّجين على جرائم تُرتكب. لم ولن نقف يومًا متفرّجين على حقوق تُنتهك. همُّنا الدائم المحافظة على الأمن رغم الأوضاع الصعبة التي نمرّ بها. همُّنا الدائم التصدّي للجرائم والمخالفات رغم كلّ التأويلات المشبوهة. نعملُ جاهدين وفي كلّ الظروف لإبعاد الظلم عن الأبرياء رغم كلّ التفسيرات المغلوطة. نحنُ لا نتعسّف. نحنُ لا ننحاز. نحنُ لا نستعطي إشادةً من احد. لن نضيّع إنجازات وتضحيات في زواريب مراهقة صغيرة. لن نضيّع تاريخًا ونضالًا في واقع يحكمه تسلّط عابر.
يكفي المواطنين تعبٌ وقهرٌ. يكفي المؤسسات ضربٌ. يؤلمنا الفراغ على المستوى السياسيّ، لكن ما يؤلمنا أكثر فراغ النفوس والقلوب. سنبقى للقسم أوفياء مهما اشتدّت الويلات. ولو كثرت صفحاتهم الصفراء. ستبقى صفحاتنا بيضاء...".
وكتب رئيس تحرير المجلة العقيد الركن شربل فرام مقالًا بعنوان "الفراغ ليس فراغًا كاملًا.."، وجاء فيه: "يُعرَّف الفراغ في قانون الفيزياء بأنّه المكان أو الحيِّز الخالي من أيِّ مادة. لكنَّ الفراغ ليس فراغًا كاملًا، حيث لم يُصر حتى الآن إلى إفراغ حيّز ما من كلّ جزيئات الهواء.
هذا في عالم الفيزياء، أمَّا في عالم الفكر فإنَّ الفراغَ الذي يصيبُ العقول ينعكسُ على المظاهر والسلوكيَّات، فخلوُّ العقل ممَّا يفيده يقودُ صاحبه إلى الضلال.
كذلك فإنّ الفراغ الروحيَّ وانعدام القيم يقودنا إلى انحلالِ المجتمعات وانهيارِ العلاقات الإنسانيَّة.
ما نشهده اليوم، على الساحات القريبة والبعيدة، يشكّلُ فراغًا مؤلمًا على الصعد كافَّة. كلُّ فراغٍ في وعاء الخير يقابلُه شرٌّ فائض.
حروبٌ بشعة تتسبَّب بضحايا ومشرّدين وتدمير من أجل الحصول على خيرات في الأرض، والأرضُ لنا جميعًا. انتهاكات ومجازر وويلات في صراعات الأديان، والأديانُ لنا جميعًا. مناكفات واصطفافات وبهلوانات في كلّ استحقاق داخليٍّ وفي كلّ حديث عن مصلحة الوطن، والوطنُ لنا جميعًا. هل يعرف اللاعبون بمصائر الشعوب أنّ الربح أو الخسارة في نهاية اللعبة يُدفعان من أرواح بريئة؟ هل يعرف القابضون على أزرار القتل أنَّ أصابعَهم لن تقوى على كتابة سطر ندامة في نهاية الجنون؟ هل يعرف العابثون في السياسة الداخليَّة أنّ إضاعةَ الوقت والفرص تُهدّد الاستقرار وتؤدّي للفلتان الأمني؟ لن تأتي الأجوبة عند السؤال. غالبًا ما تأتي الأجوبة عند كتابة التاريخ. وغالبًا ما نقرأ التاريخ بحسرة وألم. وغالبًا ما نشهد أنَّ من ينتصر يكتب التاريخ. وغالبًا ما ينتصر الفراغ. لكنَّ الفراغَ ليسَ فراغًا كاملًا.. تبقى جزيئات من الهواء.. تبقى جزيئات من الخير.. تبقى جزيئات من رحمة.. تبقى جزيئات من ضمير...".