قبل 48 ساعة على الجلسة الأولى لبرلمان 2022 لانتخاب رئيس للمجلس ونائبه وأعضاء هيئة مكتب المجلس، بدا أن «تسوية» ما يجري التحضير لها لرفع عدد الأصوات التي يرجّح أن ينالها المرشح الوحيد لرئاسة المجلس الرئيس نبيه بري إلى أكثر من 65 صوتاً. إذ أعاد حزب الله تشغيل ماكيناته لتقريب وجهات النظر بين حلفائه. مصادر مطلعة على الاتصالات المتسارعة قبل موعد الجلسة قالت لـ«الأخبار» إن «الأمور مش مسكرة حتى الآن تماماً» مع التيار الوطني الحر في شأن التعاطي مع ترشيح الرئيس بري، خصوصاً أن التيار «لمس من ثنائي أمل – حزب الله جواً إيجابياً تجاه ترشيح النائب الياس بو صعب لمنصب نائب رئيس المجلس. وإذ نفت أن يكون «أي ديل قد ركب بعد»، أكّدت أن «هناك جواً إيجابياً إلى حد ما. هناك أخد وعطا، والاتفاقات في مثل هذه الأمور تتم في اللحظات الأخيرة، خصوصاً أن ما من مرشح آخر غير بري، والجميع يدرك أن ليس من مصلحة أحد أخذ الأمور إلى مواقف حادة»، مشيرة إلى أن «مساعي حزب الله لا تزال متواصلة للتوصل إلى اتفاق لا غالب ولا مغلوب».
وكان بو صعب التقى بري السبت الماضي، بالتزامن مع تصعيد أوساط الأخير لهجتها تجاه القوات اللبنانية بإعلان المستشار الإعلامي لرئيس المجلس، علي حمدان، إن «معايير السيادة عندنا تختلف عن معايير القوات ومن الطبيعي أن لا تنطبق مواصفات رئيس البرلمان التي حددها سمير جعجع على بري». وفي موقف لافت، أعلن بو صعب أمس أن التيار الوطني الحر لن يصوّت لبري لرئاسة المجلس، إلا أنه سيترك لأعضاء التكتل حرية الاختيار. وقال إن «من الطبيعي لمرشح لموقع نيابة رئاسة مجلس النواب التواصل مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي سيكون حكماً الثلاثاء رئيساً للمجلس (…) زيارتي لبري واتصالاتي مع الجميع هي بالتنسيق مع رئيس التكتل النائب جبران باسيل».
وقد تكثّفت الاتصالات مع الكتل البرلمانية في الأيام الماضية للعمل على تقريب وجهات النظر. وأكد مقربون من رئيس المجلس أن بين 60 و64 صوتاً «باتت مضمونة» حتى الآن (مقابل 98 صوتاً و30 ورقة بيضاء في 2018). وفيما سيكون عدد الأوراق البيض المتوقعة في جلسة الثلاثاء أعلى بكثير من المرة الماضية، مع إعلان أن الكتلتين المسيحيتين الأكبر في البرلمان (التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية) فضلاً عن نواب «التغيير» رفض التصويت لبري. إلا أن المعلومات تتحدث عن «اختراق» سيسجّله 4 نواب من التيار الوطني الحر، على الأقل، سيصوّتون لمصلحة بري. وأثارت زيارة بو صعب لعين التينة، أول من أمس، أسئلة كثيرة حول ما إذا كان هناك «اتفاق ضمني» بينَ بري رئيس المجلس ورئيس التيار النائب جبران باسيل، فيما نفت مصادر الأخير الأمر، مؤكدة أن «التيار لا يزال يتمسّك بموقفه بعدم التصويت».
أوساط متابعة قالت إن الأصوات المحسومة بالتصويت «مع»، حتى الآن، هي: كتلتا حزب الله وحركة أمل، المردة، كتلة الحزب الاشتراكي، كتلة الإنماء لعكار، الطاشناق، الأحباش، إضافة إلى عدد من النواب من بينهم جهاد الصمد، حسن مراد، جان طالوزيان، ميشال المر، فضلاً عن نواب آخرين لا يزال التواصل جارياً معهم». وعليه هناك خلاصتان أساسيتان لهذا السيناريو: الأولى أن بري سيعاد انتخابه لولاية سابعة بأصوات كتلتين شيعية وسنية وبعض المسيحيين، أي أن الحاصل الذي سيناله لن يكون، للمرة الأولى، «وطنياً» بالمعنى التوافقي حوله. والثانية هي أن انتخاب نائب لرئيس المجلس سيكون نتاجاً لانتخاب الرئيس، ووفقَ المعادلات نفسها. في هذا الإطار، فإن تصويت أربعة أو خمسة نواب من التيار الوطني الحر سراً لبري، سيجعل بو صعب الأوفر حظاً لنيل الموقع وسيحوز على عدد الأصوات نفسه الذي سيحصل عليه بري، مع فارق أن التيار سيصوت له بدلاً من نواب الحزب الاشتراكي الذين لم يحسموا قرارهم حتى الآن بشأن موقع نائب الرئيس، لكنهم على الأغلب لن يصوتوا لبو صعب. وفي اعتقاد بعض المصادر أنه في حال تمّ في الساعات المقبلة اجتراح حل مع التيار الوطني الحر، فإن «إهداء» بعض الأصوات العونية سيتم في الدورة الثانية لا في الدورة الأولى، في تكرار لسيناريو جلسة انتخاب الرئيس ميشال عون.
من جهة أخرى، لا تزال الأنظار موجهة إلى نواب «قوى الاعتراض» الذين سيخوضون أول اختبار لهم في الاستحقاقات الدستورية، علماً أنهم لا يزالون عاجزين عن تشكيل كتلة واحدة بسبب التباينات في ما بينهم حول ملفات عدة. علماً أن أوساطهم تتحدث عن «حسم أمر رئاسة المجلس بعدم التصويت لبري»، لكن لا يزال هناك تباين بشأن الاسم الذي سيرشحونه لموقع نائب الرئيس، إذ تنقسم الأصوات بين النائب ملحم خلف والنائب غسان سكاف الذي أعلن ترشحه أمس. وقالت مصادر هذه القوى إن المعركة الأساسية التي سيخوضها «نواب الثورة» هي معركة اللجان النيابية حيث سيحرصون على حجز مواقع أساسية في لجان مهمة كالمال والموازنة والإدارة والعدل»، كما سيشاركون بالترشح لجميع مناصب هيئة مكتب المجلس، أي أمين السر والأمانة العامة.