كتب فؤاد زمكحل في “الجمهورية”:
إنتهى استحقاقُ الإنتخابات النيابية اللبنانية، ولا شك في أنّ هناك سلبيات وإيجابيات. لكن علينا أن نُركز على بعض الحسنات. وفي هذا السياق نُحيّي انتخاب وجوه جديدة ومستقلة دخلت بيت الشعب، ونتمنّى أن يكون هذا الحجر الأول الأساس لبدء التغيير. نُذكّر أن إجراء هذه الإنتخابات النيابية ليس إنجازاً عظيماً لكنه واجب وطني ودستوري.
تحوّلت اليوم الأنظار إلى انتخاب رئيس لمجلس النواب ونائبه ورؤساء اللجان وهيئة المكتب، تحضيراً للإستحقاق الكبير لرئاسة الجمهورية في الأشهر المقبلة. بالتوازي، بدأنا نسمع أيضاً أصداء شعارات عن كيفية تأليف الحكومة الجديدة (القديمة) تحت تسمية مرة أخرى، اللقب المستخدم قديماً “حكومة وحدة وطنية”.
لا يُمكن أن يكون أي لبناني، مقيماً كان أو مغترباً، ضد فكرة الوحدة الوطنية، إذ إن قوة لبنان الفريدة بوحدته الحقيقية. لكن عندما نسمع ونرى الشعارات القديمة تعوم على سطح المياه، وهي التي أوصلتنا إلى هذه الكارثة الإقتصادية – الإجتماعية، نتخوّف من أن تكون مرة أخرى شعارات وهمية ووعوداً كاذبة.
إن لدينا خبرة وتجارب سيئة لِما سُّمي بـ”حكومات الوحدة الوطنية”، والتي كانت حقيقة بالتنفيذ “حكومات وحدة وهمية وتعطيلية”، وتوزيع المشاريع والصفقات، وحكومات التوظيف العشوائي، وتقاسم الحصص. فتحت عنوان برّاق هو “حكومة الوحدة الوطنية” يُمكن القول إنها كانت تمثّل أيّ شيء إلاّ الوحدة الشريفة والشفافة والعميقة والحقيقية.
لم يحن الوقت بعد، بأن نتعلّم من تاريخنا وخبرتنا المُرّة ونغيّر هذه الشعارات والوهمية، والإدارة السيئة والفاسدة التي أوصَلتنا إلى هذا الدرك السُفلي على كل الصعد. فإذا كان هدف إطلاق هذا الشعار القديم – الجديد “حكومة وحدة وطنية”، يعني في الواقع تقاسماً سياسياً وحزبياً، وخَلْقِ مجلس قيادي مصغّر في الحكومة كالسابق. لسوء الحظ، إنّ هذه التجربة كانت فاشلة وأوصلتنا الى ما وصلنا إليه اليوم.
نحن محكومون بأن يكون لدينا حكومة وحدة إقتصادية – إجتماعية، حكومة وحدة نقدية، مالية، حكومة مع بند وحيد في بيانها هو الوحدة الإنقاذية، للحدّ من هذا الإنهيار الإقتصادي الإجتماعي الكارثي، وليس حكومة وحدة سياسية، لن يكون أداؤها أفضل ممّا اختبرناه وعشناه ودفعنا ثمنه كلفة باهظة.
إنّ الواقع المرّ، وإن بعد طَي صفحة هذا الإستحقاق والإستفتاء الشعبي، لسوء الحظ لا يُمكن أن يتغيّر شيء على أرض الواقع والحياة اليومية، لأن المشاكل الداخلية لا تزال قائمة، لا بل تتفاقم، ولا يُمكن إدارتها من دون نية حقيقية لمواجهة هذه الأزمة من قبل السلطة التنفيذية وحتى من ضمن تصريف الأعمال أو سلطة تنفيذية جديدة، ليست مبنيّة على الشعارات القديمة – الجديدة والوهمية، وهي الوحدة التي لم ينطبق منها حرف واحد حتى الساعة.
إذا اردنا التغيير الحقيقي، فعلينا أن نبدأ بتغيير أنفسنا وأفكارنا وأذهاننا، وقلب الطاولة على الشعارات البالية، والتركيز على التنفيذ والملاحقة والنيات الحقيقية من أجل إنقاذ وطننا وشعبنا الغارق.