جاء في “المركزية”:
لم يحالف الحظّ رئيس “لقاء سيدة الجبل” النائب السابق فارس سعيد في الانتخابات النيابية والذي أكّد بعد إعلان النتائج أنه “لن يتراجع عن خدمة لبنان ومحبّة الناس”. أول مواقفه على ما أفرزه الاستحقاق الانتخابي كان تشديده على أن “الخسارة والربح لا يقاسان في الانتخابات باحتساب رقمي للمقاعد لهذا ولذاك الفريق، انما في النجاح على خوض المعركة “مع او ضدّ حزب الله”، مؤكّداً أن “المجلس الوطني وسيدة الجبل نجحا في دفع القوى السياسية نحو هذا الخيار. احسنوا المتابعة وتواضعوا في المقاربة بدأت معركة رفع الاحتلال الايراني عن لبنان”.
وفي قراءة للمشهد الانتخابي الجديد والاتجّاه الممكن أن تسلكه السياسة المحلية، خصوصاً في ظلّ الحديث عن مرحلة صعبة تنتظر البلد مع عودة الانقسام الحاد، يوضح سعيد لـ “المركزية” أنه “لم يكن يوماً واهماً بان هذه الانتخابات ستبدّل الأوضاع في لبنان لجهة إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية-السياسية-المالية، إنما حصلت وقائع يجب أن تؤخذ في الاعتبار”، معدّداً جملة من النقاط على الشكل الآتي:
“بدايةً، خسر “حزب الله” وحلفاؤه الغالبية النيابية، بالتالي لا يمكن أن يخرج علينا قاسم سليماني جديد ويقول إنه يمتلك الغالبية النيابية في البرلمان اللبناني.
ثانياً، ردّ الحزب على لسان النائب محمّد رعد على هذه الخسارة بخشونة، مهدّداً النواب بنموذج عراقي في لبنان، بمعنى انه حتّى لو حصلتم على غالبية نيابية فلستم قادرين على حكم البلد إلا من خلال التسوية معنا.
ثالثاً، بعد الانتخابات النيابية تتزامن ثلاثة استحقاقات داخلية: انتخاب رئيس مجلس نواب، تعيين رئيس حكومة وتشكيلها، انتخاب رئيس جمهورية. كما أن هناك مسؤولية كبيرة على عاتق المجلس النيابي الجديد لتسريع تشكيل حكومة من أجل إيجاد حلول للأزمة المالية-الاقتصادية التي يعيشها اللبنانيون. بالنسبة إلى الاستحقاق الأوّل، صدرت مواقف من داخل مجلس النواب عن قوى سياسية وازنة مثل “القوات اللبنانية” وأخرى مدنية أعلنت عدم رغبتها في انتخاب نبيه بري رئيساً لمجلس النواب. القانون ينصّ على أن الرئيس يُنتخب من أعضاء المجلس ويكون من الطائفة الشيعية، في حين لا وجود لأي عضو شيعي خارج الثنائي “أمل-حزب الله”. فما العمل؟ سبق وطالبتُ “القوات” وغيرها بالتحضير لنائب شيعي مستقلّ في جبيل أو بعبدا أو البقاع، لكن لم يستجب أحد لهذا المطلب، استباقاً للمأزق الذي نعيشه اليوم المتمثّل برفض رغبة النواب الشيعة في انتخاب بري والاصطدام معهم أو القبول به والاصطدام مع الرأي العام.
رابعاً، النواب التغييريون الذين دخلوا الندوة النيابية والذين يريدون ربما وضع موضوع الإصلاح الإداري وحسن العمل السياسي والاقصادي كأولوية على حساب الاولوية السيادية للبلد، كيف يتعاملون مع واقع وضع يد إيران على لبنان؟ هل سيذهبون في اتّجاه رفع الاحتلال الإيراني عن لبنان من داخل المجلس النيابي، أم سيضعون سلاح “حزب الله”، الذي يمثّل الاحتلال الإيراني، على جنب من أجل قيادة الرأي العام في اتّجاه ماء، كهرباء، إصلاح، خدمات، إصلاحات قانونية…
خامساً، لامس سعر صرف الدولار الـ 30000 ليرة لبنانية، كيف الخروج من هذه الأزمة الاقتصادية فوراً مع كلّ التعقيدات المذكورة؟
سادساً، كيف للقوى التقليدية خارج القوى التغييرية مثل الأحزاب الطائفية الوازنة، أكان عند المسيحيين أو الدروز، التعامل مع هذا الواقع الجديد؟
سابعاً، مع شرذمة الوضع السني من هي القيادة السياسية السنية؟ وممن تتألّف لمواجهة الأخطار؟ خصوصاً وأن السنة لطالما كانوا دعاة بناء الدولة في لبنان وهم حماة الدولة والجمهورية كيف يمكن لهم أن يتّحدوا بالحدّ الأدنى من أجل تأدية دورهم كمساحة مشتركة بين جميع الطوائف؟
ثامناً، هل سيتفجّر موضوع تشكيل الحكومة من بعد انتخاب رئيس مجلس نواب؟ علماً أن رئيس السن هو نبيه بري، أي أنه خلال فترة انتخاب الرئيس سيدخل إلى الجلسة النيابية الأولى ليرأسها حتّى انتخابه رئيساً، فكيف سيتعامل المجلس مع هذا الواقع؟