فشل البرلمان العراقي الجديد، في انتخاب رئيس للجمهورية للمرة الثالثة على التوالي، رغم وجود الأكثرية النيابية الى جانب من ينادون بـ “العراق أولا”، وذلك عبر الثلث المعطل للنصاب، ما يهدد بحل المجلس النيابي العراقي.
على إثرها، أعلن زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر، انسحابه وكتلته الصدرية من مفاوضات انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة المرتقبة، لإعطاء فرصة للتفاوض مع جميع الكتل لتشكيل حكومة أغلبية، من دون الكتلة الصدرية.
وفي الجلستين الماضيتين احتدم الخلاف بين التحالف الثلاثي (الكتلة الصدرية، الحزب الديمقراطي الكردستاني، تحالف السيادة)، والإطار التنسيقي الذي يضم قوى سياسية شيعية. وكان الصدر حاسماً في موقفه بشأن إفشال تحقيق النصاب القانوني، بحيث قال في تغريدة في “تويتر”، مخاطباً الإطار التنسيقي، إنّه لن يتوافق معهم، “فالتوافق يعني نهاية البلد. لا للتوافق في كل أشكاله”.
وتشير مصادر مطلعة لـ”المركزية” الى ان العراق يشهد انسداد أفق سياسي كامل، ويحتاج الى تسويات كبرى، إنما الممسكون بزمام الأمور غير ناضجين بعد للقيام بها، فلا طرف التيار الصدري قادر على السيطرة على ثلثي البرلمان ولا جماعة “الإطار” حيث تضمن ايران حركة الثلث المعطل، كما ان العراقيون لم يستوعبوا الفكرة التي استوردت من لبنان وأدّت الى تعطيل البرلمان. رغم ذلك، ترى المصادر أن مقتدى الصدر استطاع في الجلسة الأخيرة، الحصول على كل اللجان وهذا صفعة جديدة لجماعة “الإطار”.
وتلفت المصادر إلى أن لا مرشح رئاسة وزراء حقيقي وقوي حتى الآن بانتظار التسوية الكردية -الكردية المؤجلة على رئاسة الجمهورية، لا شيء من الآن حتى 4 او 5 اشهر وقد تطول أكثر. المشهد السياسي ما زال على حاله في العراق لم يتغيّر. أما عن بورصة الاسماء، فكل اسم مرشح هو مناورة للحرق، لذلك تعود كل الأمور لتعويم رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي، ولكن التعويم يحتاج إلى نوع من التوافق او التسوية، إلا أن التسوية مؤجلة جدا.
وبالنسبة لرئاسة الجمهورية، تشير المصادر إلى أن حظوظ الرئيس الحالي برهم صالح مرتبطة بموقف أربيل، وموقف أربيل مركب ما بين الداخل والخارج، ما بين أربيل والسليمانية، وأربيل وبغداد، وبغداد وطهران، لافتة إلى ان مسعود البرزاني اتصل بصالح ودعاه وقال له بأنه يسحب مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني رَيبَر أحمد مقابل أن ينسحب هو ايضا من السباق الرئاسي. فرفض صالح. الخطر يكمن في ان الاسماء الحقيقية لرئاسة الوزراء والجمهورية أُحرقت، تمت المناورة فيها، فلا أحد يعلم كيف ستكون التسوية في رئاسة الجمهورية.
وتعتبر المصادر ان مصير العراق هو فراغ دستوري كما حصل في لبنان، حيث حزب الله عرقل انتخاب رئيس جمهورية لمدة سنتين ونصف السنة، وفي العراق ايضا باستطاعة جماعة ايران عرقلة اكتمال النصاب. وهناك محاولة ايرانية لمنع اكتمال النصاب لانتخاب رئيس جمهورية وبالتالي تشكيل حكومة، لأن الاقوى ما زال الكاظمي، مشيرة الى أن الوضع سيستمر هكذا كما استمر في لبنان، تعطيل بتعطيل، قد يطول سنة او سنتين. إذ يبدو ان ايران تنتظر التطورات في المنطقة ابتداء من الملف النووي والاتفاق في فيينا بين الولايات المتحدة الاميركية وايران، لأنها تعتقد ان الولايات المتحدة ستسمح لها بعد إنجاز الاتفاق، بايقاف التخصيب النووي، لكنها ستظل تمارس أي أفعال في المنطقة من اليمن مرورا بسوريا والعراق وصولاً الى لبنان.
وقد شهدت الفترة الأخيرة خلافات جدية بين السعودية والولايات المتحدة الاميركية بسبب تزايد ضربات الحوثيين للأراضي السعودية ومنشآتها النفطية، والامر سيان من جهة الامارات ايضا، خاصة لأنها اعتبرت الحوثيين منظمة غير ارهابية. وبالتالي فإن الوضع “مشقلب” في المنطقة ولا يبدو ان اي انتخابات ستحصل في العراق مبنية على تسوية بين ايران وأخصامها قبل أن تنتهي التسوية الشاملة في المنطقة. الأمر رهن انجاز التسويات التي تعد في المنطقة ومنها طبعا اجتماع النقب وشرم الشيخ خاصة الدول التي شاركت فيها من مصر والامارات كل هذه الامور تنتظر ان تتبلور ويصدر عنها تسوية ما حتى يدخل العراق فيها، ولبنان من ضمنها ايضا ينتظر دوره، تختم المصادر.