وصف رئيس حزب القوات اللبنانية المرشحين المعارضين بأحجار العثرة، وذهب أبعد من ذلك إذ استخدم عبارات على مستوى "ظواهر" و"عاجزين" و"بيحكوا حكي فقط لا غير". بالنسبة لجعجع، القوات اللبنانية هي "السيارة الموجودة في طليعة السبق، فانتظروا بدءاً من بشري ووصولاً إلى بيروت أن يرموا لنا في كل يوم عفشة أو تنكة فاضية أو قنينة زجاج أو شوية زبالة وقصص، ليخلّوا بتوازن هذه السيارة".
سيارة معراب، نفسها التي يتحدث عنها سمير جعجع اليوم، هي التي قادت اللبنانيين قبل 6 أعوام إلى مهوار العهد القوي من خلال تحالف معراب وورقة التفاهم وشعار "أوعى خيّك" الذي سلّم البلد كلياً لحزب الله وحلفائه. وراء مقود هذه السيارة، يجلس جعجع، وإلى جانبه زوجته النائب ستريدا جعجع، وعلى المقعد الخلفي نواب ووزاء ومسؤولون حزبين يردّدون الشعارات والأغاني الحزبية فداءً للزعيم باسم نهج حزب يسير في الطليعة. وسيارة معراب، هي نفسها التي أقلّت القوات اللبنانية من حزب محظور ومبتور وموضوع على الهامش السياسي أيام الاحتلال السوري للبناني، إلى حزب مشارك في السلطة السياسية، شريك لحزب الله وسائر حلفاء نظام الأسد. استقلّ القواتيون هذه السيارة ووصلوا بها إلى طاولة الشراكة السياسية، والحصص الوزارية، وسائر الصفقات التي تم الإعداد لها خلال أكثر من عقد ونصف ماضيين وأدّت إلى إسقاط الدولة وإفلاس الخزينة وإفشال المؤسسات.
سيارة معراب شاركت في كل الحكومات السابقة منذ عام 2005، أي حكومات الشراكة الكاملة مع حزب الله وفق مقتضيات التحالف الرباعي. في هذه الحكومات، أقرّوا الموازنات أو لم يقرّوها وصرفوا المال العام من دون موازنات وعلى القاعدة الإثني العشرية. في زمن الخصومة مع جبران باسيل، اقتحمت السيارة خطة الكهرباء، وفي زمن التسوية مع "جبل بعبدا" دافع جعجع شخصياً عن خطة باسيل، والتي للصدفة تقدّر خسائرها بأربعين مليار دولار. وفي مقلب آخر، لم يسجّل لسيارة معراب الفوز بأي سباق خاضته منذ عودته إلى نادي السلطة الحاكمة عامة 2005، وإلا فليخبرنا جمهور هذه السيارة عن إنجاز وحيد قامت به منذ ذلك الحين في وزارة الصحة أو السياحة أو الثقافة أو العدل أو البيئة أو أي وزارة أخرى تسلّمتها القوات اللبنانية.
سيارة معراب تريد اليوم التوقف عند كل مفترض لتقلّ صوتاً انتخابياً من هنا أو لتضرب صورة مناقس من هناك. أصحاب السيارة يحاولون تلميعها بطلاء طهارة وعفّة في ورشة تحديد يطلقون عليها اسم وضوح المعركة والقدرة على المواجهة. وهي السيارة التي، حين جاء موعد المواجهة، انضمّت إلى طاولة الحصص وتقسيم المغانم. هي السيارة نفسها التي ترجّل منها شبان للاعتداء على قصّر في الجميزة يوم 4 آب 2021، وأجبرتهم على اعترافات على طريقة حزب البعث السوري الاشتراكي.
سيارة معراب في طليعة السبق الانتخابي، وفق المنطق السلطوي للاستحقاق الانتخابي لحصد المقاعد وتوسيع التمثيل للتفاوض على حصة أكبر من السلطة والنهب العام في ظلّ غياب أي بند إصلاحي على لوائح أحزاب هذه السلطة بمختلف ألوانها وأشكالها. سيارة معراب، كغيرها من سيارات أحزاب السلطة السياسية، تقود اللبنانيين إلى المهوار بعد أن أوصلتهم إلى شفيره على مدى عقود. ومن هذه السيارة ترجل جعجع، والنائب ستريدا جعجع، مراراً، للغزل بجبران باسيل والعهد، وسواهم. تغزّلا بالرئيس نبيه بري، بحاكم مصرف لبنان، بزعيم الجبل وليد جنبلاط، وحاولوا فتح كوّة الحوار مع حزب الله. حزب القوات اللبنانية جزء من السلطة، وسيارته تقوده إلى السلطة والتحالف مع أركان نظامها بغض النظر عن أي مسار اتّخذته.