تتّجهُ الأنظارُ ابتداءً من الاثنين الى نيويورك حيث يترأس رئيسُ الجمهورية العماد ميشال عون وفدَ لبنان الى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وسط رصْدٍ لطبيعةِ اللقاءات التي سيعقدها ومضمونها الذي لن تغيب عنه الاستحقاقات الداهمة في المنطقة وتشظياتها المحتملة على “بلاد الأرز” التي تعاني “انكاشفاً” سياسياً في ضوء اقتراب أزمة تشكيل الحكومة الجديدة من دخول شهرها الخامس.
وإذا كانت الكلمة التي سيلقيها عون أمام الجمعية العامة الأربعاء ستركّز على ملفات الساعة إقليمياً والموقف اللبناني من قضايا عدة مثل الإرهاب والنازحين ورفْض ربْط عودتهم بالحلّ السياسي الى جانب قرار واشنطن بوقْف تمويل “الاونروا” وتداعياتِه على القضية الفلسطينية وحق العودة للاجئين، فإن أوساطاً مطلعة ترى أن المواقف التي أطلقها الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في ذكرى عاشوراء سواء بوجه اسرائيل مجاهِراً بامتلاكه “صواريخ دقيقة” تَوعّد بها تل أبيب بحال شنّتْ أي حربٍ عليه او لجهة سحْب حزبه من سياسة النأي بالنفس شكّل رسالةً بالغة السلبية حيال أفق الواقع اللبناني وربْطه، انطلاقاً من أجندة حزبية وبمعزل عن السلطات الرسمية بـ“فتائل” استحقاقاتٍ كبرى في المنطقة لن تغيب عن المداولات في نيويورك بين قادة الدول الكبرى.
وبحسب هذه الأوساط فإن توقيت معاودة نصر الله رسْم “معادلة الردع” مع اسرائيل في غمرة “اندفاعتها الجوية” في قلب سوريا تحت عنوان استهداف الأسلحة “الكاسرة للتوازن” ومنْعها من الوصول الى حزب الله كما قبيل العقوبات النفطية الأميركية على طهران، كرّس وجود “الإمرة الاستراتيجية” في يد الحزب الذي حدّد ايضاً الخط البياني للموقف من العقوبات المرتقبة على إيران بالدعوة الى “الوقوف بجانب طهران”، وهو ما يَطرح على لبنان الرسمي عبءَ كيفية الحفاظ على “خيْط” الفصْل بين الدولة وحزب الله، في الوقت الذي ترتكز مظلّةَ الدعم الدولية لاستقرار البلاد، التي تعبّر عنها مجموعة الدعم الدولية التي أنشئت برعاية الأمم المتحدة في 2013، على سياسة النأي بالنفس.
واذ يُنتظر ان تَحْضر الأزمة الحكومية في لبنان على هامش أعمال الجمعية العامة سواء في اجتماعات عون او ربما في لقاءات أخرى مثل التي ستجري بين الرئيسين الفرنسي ايمانويل ماكرون والايراني حسن روحاني، فإنّ إطلالة نصر الله وما قابَلها من ردود اسرائيلية ومعاينةٍ خارجية عزّزتْ الاقتناع لدى الأوساط المطلعة بحساسية أي “خطوة ناقصة” في الملف الحكومي من شأنها تكريس التماهي بين حزب الله والدولة التي تواجه تحديات مالية – اقتصادية كبيرة تزيدها وطأةً موجة إشاعات كتلك التي روّجت لأن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي يُعتبر “صمام أمان” مالياً – نقدياً، وضع استقالته بتصرف رئيس الجمهورية وهو ما نفته بشدّة مصادر قريبة من سلامة جازمة ان لا خوف على الوضع النقدي.
وفيما حملتْ مناسبة العيد الوطني السعودي إطلالة بارزة للرئيس المكلف سعد الحريري بموقفٍ بأبعاد داخلية – اقليمية أشاد فيه “بالسياسة الحكيمة التي اتبعتها قيادة المملكة (…) والتحرك السريع والفاعل للتصدي للمخططات الخبيثة لمواجهة الانقلاب على الشرعية في اليمن الشقيق والقضاء على كل التحركات والأنشطة المدعومة مباشرة من إيران لاستهداف أراضي المملكة السعودية”، دَهَم المشهد الداخلي تطورٌ مأسوي أعاد الى الأذهان “قوارب الموت” في المتوسط لنازحين سوريين غالباً ما تتحوّل رحلتُهم الى “شواطىء الأحلام”… كوابيسَ.
هذه كانت حال الطفل خالد نجمة (سوري امه فلسطينية) ابن السنوات الخمس الذي “التهمتْه” المياه قبالة شاطىء عكار (شمال لبنان) بعدما غرق قاربٌ كان يقلّه مع والدته نيفين وشقيقته (لملاقاة والدهم الذي سبق ان ركب البحر قاصداً إحدى الدول الأوروبية) و30 سورياً آخرين و6 لبنانيين فجر السبت في رحلةٍ غير شرعية لم تكتمل وكان يفترض ان تحملهم الى قبرص ومنها الى أوروبا.
وفيما جرى إنقاذ جميع الركاب الآخرين الذين نُقل اربعة منهم الى المستشفيات وبينهم نيفين، جاء مصرع خالد، الذي كان نائماً حين انقلب القارب تحت وطأة الحِمل الزائد، ليشكّل صفعةً جديدة للعالم الذي “يتقاذف” ملف النازحين، ويستحضر الموت الصاعق للطفل إيلان الكردي في أيلول 2015 حين لفظْه البحر على أحد الشواطئ التركية.
وبعدما تحدثت تقارير بعيد انكشاف غرق الزورق عن امكان وجود أحد المطلوبين في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين (صيدا) على متنه، تبددت هذه التقارير بنفيها من مصادر عسكرية، فيما أعلنت قيادة الجيش اللبناني انه “لدى توافر معلومات عن تعرض مركب بحري للغرق قبالة شاطئ الشيخ زناد- عكار وعلى متنه 39 شخصاً كانوا متجهين إلى قبرص بطريقة غير شرعية، توجهت دورية من القوات البحرية وعملت على انتشال جثة طفل يبلغ من العمر 5 سنوات وإنقاذ الباقين، نقل منهم 4 أشخاص إلى المستشفيات”.