تحت سقف المعالجاتِ “الاضطرارية” لـ“مضاعفاتِ” مأزقِ تشكيل الحكومة الجديدة والتي بدأتْ “تتفشى” على أكثر من صعيد، تستمرّ المراوحة في مسارِ التعقيدات من دون بروزِ أي مؤشرات الى أن أطراف الصراع على الحصص والأحجام، في بُعديْه المحلي كما الذي يعبّر عن توازناتٍ ذات امتداد إقليمي، اقتربوا من القيام بخطواتٍ تَراجُعية من النوع الذي يمهّد لحلولٍ على طريقة “لا غالب ولا مغلوب” داخلياً وبمعاييرَ تراعي مقتضيات الحفاظ على مظلة الدعم الدولية للبنان.
وغداة إخماد “الحريق” السياسي – الطائفي بين “التيار الوطني الحر” والحزب التقدمي الاشتراكي والذي أَنْذر بأن يتدحْرج في أكثر من اتجاه “متفجّر”، تبلْور أكثر ان هذا التطور لم يأتِ من ضمن سياقٍ انفراجي يتّصل بـ “أصل” العقدة المتصلة بالتمثيل الدرزي والتي تتشابك مع عقدة تمثيل حزب “القوات اللبنانية” بوصْفهما أحد أبرز التعبيرات عن “الكباش” حول التوازنات السياسية، في ظلّ حرْص الرئيس المكلف سعد الحريري على رفْض تشكيل حكومة “الآخرين” التي يكون فيها مجرّد “واجهةٍ” لسياساتٍ ذات إسقاطات إقليمية وتأثيرات على التموْضع الاستراتيجي للبنان تُقتادُ إليها البلاد بقوةِ إما أكثرية الثلثين في مجلس الوزراء لتحالُف فريق رئيس الجمهورية – “حزب الله” وإما الفيتو التعطيلي من “التيار الحر” (مع حصة عون) أو كلاهما معاً.
وكان لافتاً في هذا السياق تطوران: الأوّل تأكيد رئيس “التيار الحر” وزير الخارجية جبران باسيل من كندا تَمسُّكه برفْض حصْر التمثيل الدرزي في الحكومة بـ “التقدمي” الذي يتزعّمه وليد جنبلاط تحت شعار عدم “احتكار” حزبٍ لتمثيلِ مكوّن طائفي، في موازاة توسيعه “رقعة الاشتباك” حول الحقائب لتطاول وبـ “مكبرات الصوت” العلاقة المتوتّرة أصلاً مع “تيار المردة” فاتحاً “معركة” انتزاع حقيبة الأشغال منه بعدما وصف وزيره الحالي يوسف فنيانوس بأنه “طشّ وطشّين” في هذه الوزارة.
والتطور الثاني المواقف المتصلّبة لعون التي عبّر عنها في إطلالة صحافية بصيغة “نَقَل الزوار” وأوضح مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية ان بعض ما ورد فيها “لم يكن دقيقاً لا سيما ما جاء في العنوان الرئيسي” لجهة “عون: جعجع يحارِب العهد” و”لا بخشيش لأحد ولن أضغط على باسيل”.
وحملت هذه المواقف تأكيداً من عون على حكومة الوحدة الوطنية “ولكن لن أبقى منتظراً الى ما لا نهاية، وفي الوقت المناسب سأتّخذ القرار المناسب”، ومعتبراً ان دوره كحَكم “استخدام صفّارتي الدستورية ورفع البطاقة الصفراء أو الحمراء عند الضرورة لحماية التوازن واللعب النظيف”، وملمّحاً الى وجود استهداف لعهده، والمنخرطون فيه (يقصد جعجع وجنبلاط) يتكلمون جهاراً عنه وأنّهم يدخلون معاً ويخرجون معاً من الحكومة، ومشيراً الى ان الحريري ليس جزءاً من هذا المخطط “ولكن من الواضح في الوقت نفسه أنّ هناك اعتبارات معيّنة تضغط عليه”.
في موازاة ذلك، وعلى وقع استمرار وكلاء الدفاع عن المتَهمين الأربعة من “حزب الله” بمرافعاتهم الختامية أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، قفز الى واجهة الضوء في بيروت اسم القيادي في الحزب مصطفى بدر الدين مع إطلاق بلدية الغبيري اسمه على أحد شوارع المنطقة، غداة وصْفه من فريق الادعاء بأنه “العقل المدبّر” لاغتيال الرئيس رفيق الحريري، علماً انه كان من المتَّهَمين في الجريمة قبل ان تُسقِط المحكمة ملاحقته بعد مقتله في سورية العام 2016.
وأثار تعليق اللافتات التي تحمل اسم بدر الدين صخباً كبيراً وسط استقطاب حاد على مواقع التواصل اذ عبّر مناصرو تيار المستقبل عن سخطهم من “السقوط الأخلاقي والقِيمي” الذي تعبّر عنه هذه الخطوة بـ “تكريم مُجْرِم” وتنفيذ اغتيال ثان للرئيس الشهيد مقابل دفاع مؤيدي الحزب عنها تقديراً لـ “البطل”.
وفيما كان وزير الداخلية نهاد المشنوق يرْفض خطوة البلدية ويوجّه كتاباً يطلب إزالة اللافتات بعدما وَضَعَها في مصاف “الخطر على النظام العام”، مؤكداً أن رفْضه توقيع قرار البلدية بإطلاق اسم بدر الدين على الشارع حين أرسلتْه الى الداخلية العام الماضي لا يمكن اعتباره موافقة ضمنية، كانت البلدية تتحدى المشنوق وتؤكد مضيّها بالقرار.