أفادت معلومات أن الاتصالات التي جرت خلال الأيام الماضية بين المرجعيات السياسية على خط تشكيل الحكومة ، ومن خلال تمنيات إقليمية وأوروبية، كان لها الأثر الإيجابي في إعادة تحريك الملف الحكومي، وبروز أجواء حلحلة، وهذا ما ستظهر معالمه خلال الأيام المقبلة، من خلال صيغة جديدة لتوزيع الحقائب على الكتل النيابية، سيحملها الرئيس المكلف سعد الحريري إلى قصر بعبدا.
وفي المعلومات التي توافرت لصحيفة “اللواء”، ان الصيغة المعدلة للحريري إلى عون لن تتغير عن الصيغة السابقة، لناحية الحفاظ على حقوق أو حصة “الحزب التقدمي الإشتراكي” وحزب “القوات اللبنانية”، ولكن ثمة إعادة صياغة في الحقائب، بمعنى انه سيكون هناك مدخل لحل معضلة ما يسمى بالعقدة الدرزية ، قد يكون عبر توزير وسطي مقبول جداً من قبل رئيس الحزب وليد جنبلاط ، وهذه المسألة في لمساتها الأخيرة، أي ان يكون هناك وزيران للحزب الإشتراكي وثالث حيادي، لكن يحمل الصفة الجنبلاطية.
اما بالنسبة لحصة “القوات” والتي قبلت بأن يكون لها 4 حقائب، لكن “التيار الوطني الحر” اعترض عليها وطالب بأن يكون لها ثلاث حقائب ووزير دولة أسوة بالكتل الأخرى، فإن الرئيس الحريري يميل إلى هذه الصيغة، لكن “القوات” تشترط للقبول بوزارة دولة، بأن تكون لها حقيبة سيادية، أو ان يكون من حصتها منصب نيابة رئيس الحكومة، وحتى الساعة لم تعرف ماهية الصيغة التي يقترحها الرئيس الحريري، وان أكدت المعلومات أنها ستكون محسومة خلال الساعات المقبلة، في ظل الاتصالات الجارية على خط “بيت الوسط” – معراب ، وايضاً من خلال زيارة مرتقبة لعضو “اللقاء الديموقراطي” النائب وائل أبو فاعور للرئيس المكلف.
وتُشير المعلومات، إلى ان اتصالات تلقتها أكثر من مرجعية سياسية من أصدقاء من دول عربية وأوروبية تتمنى عليهم تشكّيل الحكومة في أقرب وقت ممكن، نظراً للمخاطر المحدقة بالبلد، والتي باتت بدورها تشكّل خطورة على الطائف والسلم الأهلي، وتزيد قلقاً اضافياً على الصعيدين المعيشي والاجتماعي في ظل الأوضاع الاقتصادية المزرية، ولذا يتوقع ان تكون الأيام القليلة المقبلة محطة مفصلية على خط الصيغة المعدلة التي سيحملها الرئيس المكلف إلى رئيس الجمهورية ميشال عون ، وسط تمنيات بأن تكون صيغة نهائية لاعلان مراسيم الحكومة، والا في حال رفضت فيعني ذلك ان هناك تصعيداً سياسياً واصطفافات جديدة وتحالفات قد تقلب الطاولة رأساً على عقب.
ولعل هذا الاستشعار إلى مخاطر المرحلة المقبلة، فيما لو بقيت الأزمة الحكومية قائمة إلى ما شاء الله، هو ما دفع فرنسا إلى الدخول على الخط الحكومي، بهدف حث الفرقاء اللبنانيين على الإسراع بتشكيل الحكومة، لا سيما وان الأوضاع السياسية والاقتصادية لا تسمح لهم بترف الانتظار أو اللعب على حافة الهاوية.
وتمثل التحرّك الفرنسي، والذي سبق ان اشارت إليه “اللواء” في حينه، بزيارة السفير الفرنسي برونو فوشيه إلى الرئيس عون في بعبدا، حيث أجرى معه، بحسب معلومات مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية “جولة أفق تناولت الأوضاع العامة والتطورات الأخيرة والعلاقات اللبنانية – الفرنسية، كما تطرق البحث إلى موضوع تشكيل الحكومة الجديدة”، وأشار فوشيه هنا إلى ان بلاده تبدي اهتماماً خاصاً بهذا الموضوع لا سيما لجهة متابعة تنفيذ قرارات وتوصيات مؤتمر “سيدر”، وجدد فوشيه التأكيد على ان زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بيروت ستتم في موعدها بين 11 و14 شباط المقبل.
وفي تقدير مصادر سياسية، ان الإعلان عن موعد زيارة الرئيس ماكرون في هذا الوقت بالذات، يشكل إشارة فرنسية إيجابية تجاه لبنان، وفي الوقت نفسه رسالة للحث على تشكيل الحكومة، إذ انه من غير المعقول ان يأتي رئيس فرنسا إلى لبنان، من دون ان تكون هناك حكومة دستورية مكتملة المواصفات.
وفيما نفت المصادر ان يكون السفير الفرنسي حمل معه إلى قصر بعبدا أي مبادرة لمعالجة الأزمة الحكومية، ذكرت معلومات ان السفير ينوي ان يوسع مروحة لقاءاته بزيارات سيقوم بها مستقبلاً إلى كل من الرئيسين نبيه بري والحريري وايضاً إلى قيادات حزبية، مثل النائب السابق وليد جنبلاط ورئيس حزب “القوات” سمير جعجع ، وهو كان التقى أمس، وزير الإعلام ملحم الرياشي في مكتبه في الوزارة، ونقل له عدم ارتياحه إلى تأخر تشكيل الحكومة وانعكاس ذلك سلباً على مؤتمر “سيدر”.
وأشارت المصادر إلى ان زيارة فوشيه إلى بعبدا كانت استطلاعية، حيث نقل اهتمام بلاده باستقرار لبنان وحرصها على أفضل العلاقات معه، ورغبتها بتشكيل الحكومة سريعاً لمتابعة تنفيذ مؤتمرات القرارات الدولية من أجل لبنان.
وقالت ان الحراك الفرنسي عبارة عن تمني بالإسراع في تشكيل الحكومة، من دون تدخل في كيفية تشكيلها.
مبادرة الراعي
ومع ان المصادر المواكبة لعملية تأليف الحكومة، أكدت ان هناك مشاورات تجري وكلام يتم تداوله في ما خص المساعي، ولكن من غير المعروف كيف تستثمر، لفت الانتباه، إلى ان مبادرة البطريرك الماروني بشارة الراعي بالدعوة إلى تشكيل حكومة طوارئ حيادية من خارج الأحزاب لم تلق الصدى المطلوب سوى من رئيس الحزب الإشتراكي الذي غرد على حسابه الشخصي عبر “تويتر” قائلاً: “كم بليغ وحكيم كلام البطريرك الراعي الذي دعا إلى حكومة حيادية لمعالجة الوضع بعيداً عن السجالات”، في حين كشفت مصادر مسيحية قريبة من بكركي ان مراجع دبلوماسية غير لبنانية كانت زارت الصرح البطريركي وأسرت إلى البطريرك بأن حكومة حيادية أو اكسترا برلمانية من شأنها ان تشكّل المخرج المقبول لازمة التأليف التي تدحرجت لتلامس المندرجات الطائفية وتعمقها في النفوس.
وتوقعت المصادر ان يعمل البطريرك الراعي في الأيام المقبلة على تفعيل مبادرته، عبر الايعاز إلى أوساط كنسية وسياسية التركيز في مواقفها على مثل هذه الصيغة الحكومة التي بادر إلى طرحها، علماً ان مراجع رئاسية لا ترى في هذا الطرح حلاً للأزمة، طالما انه لا ينسجم مع ارادتها في ان تكون الحكومة المقبلة، حكومة منتجة وحكومة عمل وتكون معبرة عن طموحات ولاية الرئيس عون.
تهدئة بعد العاصفة
في هذا الوقت، استشعرت قيادتا الحزب التقدمي الإشتراكي و”التيار الوطني الحر” خطورة انزلاق وزراء ونواب وكوادر ومحازبي وانصار الفريقين الى سجالات حادة اتخذت ابعادا طائفية في المناطق المشتركة بين الطرفين لا سيما في عاليه والشوف، فدعتا في بيانات رسمية الجميع الى وقف السجالات، التي نتجت عن قرارات وزارية من الجانبين بنقل او تجميد عمل موظفين في التربية والبيئة ومؤسسة كهرباء لبنان. لكن وزير البيئة طارق الخطيب اكد تمسكه بقراره حول الموظف في محمية الشوف حتى عودة وزير التربية عن قراره بخصوص الموظفة في وزارة التربية.