تشكيل الحكومة أمام اختبار “تدوير الحقائب”

تشكيل الحكومة أمام اختبار “تدوير الحقائب”
تشكيل الحكومة أمام اختبار “تدوير الحقائب”

في غمرة “حقْل الألغام” السياسي الداخلي والخارجي وازدياد التحذيرات من مغبة إدارة الظهر للمؤشرات الاقتصادية والمالية البالغة الحساسية والتي يَرفع المعنيون الصوت بإزائها، يشهد ملف تشكيل الحكومة اللبنانية محاولة للخروج من الدوران في الحلقة المفرغة عبر أفكارٍ جديدة يُراد من خلالها “تدوير الحقائب” بين القوى المُتَصارِعة علّ الأمر يسمح بإحداث اختراقٍ إيجابي يُفْرِج عن تشكيلةٍ يتم التعاطي معها على أنها مرآة للتوازنات المحلية بامتداداتها الاقليمية.

وتشير معطيات الى مساعٍ لـ“تنقيح” الصيغة المبدئية التي كان الرئيس المكلف سعد الحريري حمَلها قبل نحو أسبوعين الى الرئيس العماد ميشال عون الذي أبدى ملاحظات جوهرية عليها، عبر تبادُل في الحقائب تحت سقف التوازنات التي أرستْها صيغة الحريري والتي راعتْ تمثيل حزبيْ “القوات اللبنانية” و”التقدمي الاشتراكي” بما يُرْضيهما ولم تمنح الثلث المعطل لفريق رئيس الجمهورية وتياره ولا غالبية الثلثين لتحالف عون – “حزب الله”.

وعلمتْ “الراي” ان من الأفكار التي يجري جس النبض حيالها معاودة منْح “القوات” منصب نائب رئيس الحكومة من ضمن حصة من أربعة وزراء فيها حقيبة دولة، لقاء تخليها عن حقيبة العدل التي لُحظت لها في صيغة الحريري على ان تؤول الى النائب في “التيار الوطني الحر” ابراهيم كنعان، أي الا تبقى في عهدة الوزير الحالي سليم جريصاتي، نظراً الى القبول الكبير لكنعان كأحد مهندسيْ المصالحة المسيحية الى جانب الوزير القوّاتي ملحم الرياشي.

وفي السياق نفسه، يتمّ التداوُل بأفكار تتناول حصص أطراف أخرى من ضمن عمليات تَبادُل للحقائب على غرار سحْب الصحة من “حزب الله”، بعد الكلام عن تحفظات أميركية عن أي تعاطٍ مع هذه الوزارة الخدماتية بحال تولّاها الحزب وتلويح بوقف بروتوكولات التعاون معها، ومنْحها تالياً إما الى تيار “المردة” (عوض الأشغال) أو الى “التقدمي الاشتراكي”.

على أن أوساطاً متابعة للملف الحكومي تستبعد أن تنجح هذه المحاولات في إحداث الكوة المطلوبة في جدار المأزق الحكومي، لافتة الى ان المشكلة أبعد من مجرّد صراع حقائب ويتعلّق جوهرُها بإصرار فريق عون على الحصول على الثلث المعطّل، وبالرغبة في التفلت من مقتضيات التسوية السياسية التي كانت أنهتْ الفراغ الرئاسي وهو ما بدأتْ ملامحُه بانقلابِ “حزب الله” على “النأي بالنفس” وصولاً الى تحويل منابِره منصات لحملات تارة على السعودية وأخيراً على الكويت وأميرها.

واذ تبقى عقدة تمثيل “التقدمي” ماثلة بقوة مع رفْض عون حصْر التمثيل الدرزي بالحزب الذي يتزعّمه وليد جنبلاط، فإن ما يعزّز صعوبة تَصوُّر إمكان الخروج من النفق المظلم استمرار “الجبهة الساخنة” على اشتعالها بين فريقيْ رئيس الجمهورية وجنبلاط الذي بلغ أمس حد التحذير من “اللعب بالنار” اذ غرّد: “يا لها من نظرية عجيبة بأن معاقبة الفلسطينيين وإقصاءهم وقتلهم يساعد في عملية السلام. إنها من بنات أفكار صهر ترامب جاريد كوشنير. ونفس النظرية يطبّقها الصهر في لبنان لتثبيت هيْمنته وما من أحد يعارضه سوانا ويدفع الثمن سوانا والبقايا مجموعة أصنام وجيف همّها تَقاسُم المصالح. لا تلعبوا بالنار”.

وكان لافتاً في حمأة “الحرب الكلامية” بين التقدمي – التيار الحر تأكيد الحريري من اقليم الخروب (الشوف) “لا منترك البيك (جنبلاط)، ولا البيك بيتركنا”، آملاً “ان تزول الخلافات التي نراها في تشكيل الحكومة وعلينا ان نتواضع قليلاً ونفكر أكثر بالبلد”.

أما رئيس “التيار الحر” وزير الخارجية جبران باسيل فمضى في تشدُّده معلناً من كندا في إشارة ضمنية الى جنبلاط “هناك من يتباهى بالحديث بأن العهد فشل”، ومعتبراً “ان البعض غير مستعجلين وسعداء بعرقلة تشكيل الحكومة وهدفهم افشال رئيس الجمهورية، والمطلب الحقيقي لهؤلاء ان نشكل حكومة كما الحكومة السابقة، ونكون بذلك ألغينا نتائج الانتخابات. وأقول انهم سيخسرون مرة ثانية”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى