كشفت مصادر وزارية قريبة من قصر بعبدا ، انّ البحث قد تجدّد في المسودة الحكومية الأخيرة التي قدمها الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ، بعدما استلم موفد الحريري الوزير غطاس الخوري ملاحظات الرئيس عون على المسودة خلال زيارته قصر بعبدا يوم الجمعة الماضي.
وقالت المصادر نفسها لصحيفة “الجمهورية“: “بالإضافة الى التفاهم على وقف السجال حول الصلاحيات الدستورية وتأكيد التزام الرئيسين بالدستور، أكد عون على ملاحظاته السابقة على “مسودة الحريري”، التي وضعها تحت عنواني العدالة والمساواة في توزيع الحقائب والحصص، وجدّد مطالبته بوزارة العدل لكي تكون من الحقائب الموضوعة بتصرّف فريقه الوزاري، بالإضافة الى ملاحظاته بشأن حصة “القوات” الرباعية على انها “فضفاضة” من بينها حقيبتان خدماتيتان أساسيتان، وخالية من وزارة دولة كما هي حال حصص الفرقاء الآخرين، وايضاً بالنسبة الى رفضه المطلق لأحادية التمثيل الدرزي”.
من جهتها، ذكرت مصادر “المستقبل” لـ”الجمهورية“، انّ “الرئيس الحريري يرتكز أساساً في عمله على 3 مبادئ:
– أولا، تأليف حكومة وفاق وطني ، نظراً الى الحاجة لجلوس الكتل الاساسية في مجلس النواب على طاولة مجلس الوزراء للتمكّن من تنفيذ برنامج الاصلاحات في مؤتمر “سيدر”، كونه خشبة الخلاص الوحيدة للبنان.
– ثانيا، قراره بعدم الدخول في سجالات مع احد لإدراكه بأنه في النهاية سيجمع الجميع على طاولة مجلس الوزراء ، ما يستوجب التعاون لمصلحة البلد، فلا طائلة إذاً من السجالات والاتهامات المتبادلة.
– ثالثا، إدراكه جيداً لصلاحياته، وهو يتصرف ضمنها ويعمل علناً وبعيداً من الاعلام على رغم اتهامات البعض له”.
وفي السياق، قالت مصادر وزارية لصحيفة “اللواء“، ان الاجواء السائدة حاليا تؤشر الى ان كل الامورالحكوميه مؤجلة الى ما بعد عودة الرئيسين عون والحريري من سفرهما، وبالتالي فإن كل الامور معلقة الى حين عودتهما.
ولفتت المصادر، إلى أن الاتفاق على التهدئة السياسية ما زال قائما، وان المواقف التي اطلقها رئيس الجمهورية في احتفال جامعة سيدة اللويزة اول من امس تصب في مواصلة المساعي لإنجاز التشكيلة الحكومية للانصراف الى معالجة عدد من الملفات، واعربت عن اعتقادها ان سحب ملف الصلاحيات من الكلام والكلام المضاد يدفع باتجاه الدفع نحو الاهتمام بالموضوع الرئيسي اي ملف تشكيل الحكومة.
الى ذلك، اعلنت مصادر مطلعة لـ|اللواء“، ان لا معلومات عن كيفية تعاطي الرئيس المكلف مع التحفظات الرئاسية على الصيغة خصوصا ان المواقف على ضفتي “القوات اللبنانية” والحزب التقدمي الإشتراكي” لم تتزحزح، في الوقت الذي يتردد فيه ان ما بعد الخامس عشر من ايلول فرصة جديدة والا عود على بدء أو خيار آخر.
لكن مصادر نيابية متابعة لمفاوضات تشكيل الحكومة ، أعتبرت عبر “اللواء“، ان العقدة الاساسية التي تتحكم بالتشكيل اكثر من غيرها هي محاولة “التيار الوطني الحر” الحصول على 11 وزيرا وهذا امر يرفضه بشدة الرئيس الحريري ، متوقعة مزيدا من التصعيد في موقف التيار بهذا الخصوص ما لم يتم التفاهم على كامل الحصص لكل الاطراف مع الرئيس المكلف .
وأدرج في هذا السياق، محاولات من جانب “التيار” لتحميل كلام الرئيس الحريري في احتفال السراي مساء الجمعة، عن ان ثقة مجلس النواب هي التي تقرر ما إذا كانت الحكومة محترمة لنتائج الإنتخابات النيابية ، على غير ما تحتمل، إذ ذهب بعض نواب “التيار” ومحلليه إلى اعتبار هذا الموقف بمثابة دعوة مبطنة الي تخطي صلاحية رئيس الجمهورية بالتوقيع على مراسيم تشكيل الحكومة.
علماً ان الرئيس الحريري أكد في الخطاب ذاته احترامه للدستور ومعرفته به، والذي ينص على وجوب توافق رئيسي الجمهورية والمكلف بالتوقيع على مراسيم الحكومة، ولم يكن يقصد مثول الحكومة امام المجلس من دون توقيع الرئيس عون ، بحسب ما أكدت مصادر تيّار “المستقبل” لـ”اللواء“، التي حملت بدورها على أصوات في “التيار الوطني الحر” تعمل على تأخير تأليف الحكومة وعرقلته، وتصر بين ساعة وأخرى على النفخ في رماد الأزمة.
صحيفة “المستقبل” أشارت من جهتها، إلى أن معطيات الساعات الأربع والعشرين الماضية حملت بشائر تهدئة وتفاهم على ضرورة تبريد أرضية التأليف ، ونزع فتائل التصعيد على الساحتين الإعلامية والسياسية، بغية تحقيق الخرق المنشود في جدار المراوحة المستحكمة بالمخاض الحكومي تسريعاً لولادة حكومة الإئتلاف العتيدة.
وفي هذا الإطار، وضعت مصادر متابعة لمفاوضات التشكيل كلمة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري خلال عشاء السراي مساء الجمعة وأجواء زيارة الوزير غطاس خوري إلى قصر بعبدا في خانة “التطورات الدالة على إيجابية التوجهات الحكومية والعزم المشترك بين الرئاستين الأولى والثالثة على إعادة ضبط عقارب التأليف باتجاه التهدئة ووقف التمادي الكلامي المرافق للمشاورات الحكومية”.
وكشفت المصادر لـ”المستقبل“، أنّ اجتماع خوري مع رئيس الجمهورية ميشال عون ركز على هذا الجانب التهدوي من المشهد، وسط ترقب صدور أجواء من قصر بعبدا تعزز هذا الاتجاه وتبدّد اللُبس المثار حول مسألة الصلاحيات. علماً أنّ الرئيس المكلف كان قد رسم مساءً خارطة “قواعد التأليف” التي يعمل على أساسها، محدداً إياها بـ”ثلاثية” الوفاق والهدوء والدستور، معطوفة على تأكيد احترامه لنتائج الإنتخابات النيابية من خلال احتكامه إلى سلطة المجلس النيابي المنبثق عن هذه الانتخابات في منح التشكيلة الحكومية الجديدة “الثقة” من عدمها.