الحملة الشعواء التي شنها إعلام “التيار الوطني الحر”، وعدد من وزرائه ونوابه على “اتفاق الطائف”، ودستور الطائف، وإصلاحات الطائف، كشفت النوايا المبيتة للإلتفاف على منجزات مرحلة السلم الأهلي، التى اسس لها إتفاق نواب الأمة على ميثاق وطني جديد في مدينة الطائف السعودية، والذي أنهى خمس عشرة سنة من الحروب العبثية والمدمرة في لبنان.
كما تدل العبارات المستهجنة التي وردت في نشرات أخبار تلفزيون “التيار”، على رغبة دفينة في قطع علاقات التعاون بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري ، وإيصال الأزمة السياسية الحالية إلى نقطة اللاعودة بين الرجلين، والعمل على دفن التسوية التي أوصلت العماد عون إلى رئاسة الجمهورية!
ويبدو أن التنصل من إلتزامات تلك التسوية المثيرة للجدل، اصبح يطبع سلوك “التيار الوطني الحر” ورئيسه الوزير جبران باسيل في الفترة الأخيرة، حيث تم إسقاط “تفاهم معراب” بين “التيار” و”القوات اللبنانية”، بسبب نكوص الطرف الأول بما نصت عليه بنود التفاهم من تعاون وشراكة في إدارة السلطة مع “القوات”، بل إنقلبت ممارسات “التيار” ومواقفه رأساً على عقب، في إطار الإصرار على تحجيم “القوات” في الحكومة العتيدة، وإبعادها عن إدارات الدولة ومؤسساتها، من خلال إستبعاد مرشحيها لمناصب ووظائف إدارية، وحصر الحضور المسيحي في الإدارات العامة بمرشحي “التيار”!
وما يجري منذ يومين من توتير متعمد، وتصعيد مفتعل، ضد الرئيس المكلف يعني أن قرار دفن التسوية مع تيار “المستقبل” بدأ يأخذ طريقه للتنفيذ، وبالتالي فقد تم وضع العلاقة بين بعبدا وبيت الوسط في دائرة الإستهداف الباسيلي، مما يعني أن البلد مقبل على أزمة سياسية وطنية متمادية، ستجهض كل المحاولات التي بذلت حتى الآن لتأمين الإقلاع المنشود للعهد!
الخاسر الأكبر في التدهور الحاصل حالياً في الوضع السياسي هو الفريق الذي يعتبر نفسه مقرباً من الرئيس، ولكنه لا يترك لغماً واحداً يعتب على عدم تفجيره!!!
يبقى السؤال: لمصلحة من الإطاحة بهذا الإستقرار الهش في البلد؟