لا جديد على خطّ تأليف الحكومة ، ولا موعد محدّداً للقاء جديد بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري ، وإن كانت بعض التسريبات قد تحدّثت عن لقاء وشيك بينهما، وهو أمر لم تؤكّده مصادر الطرفين، إلّا أنّها اعتبرت اللقاء بينهما ممكناً في أيّ وقت، انطلاقاً من حرصهما المتبادل على التعاون معاً في بلوغ استحقاق التأليف خواتيمه الإيجابية.
ونقل زوار رئيس الجمهورية أنّه ينتظر لقاء الحريري في بعبدا بعد إنهائه المشاورات التي تمّ الاتفاق عليها في آخر لقاء بينهما. وعكست أجواء “بيت الوسط” بأنّ الحريري ينتظر رئيس الجمهورية للبحث معه في ملاحظاته فور أن يطلب عون ذلك. كما عكست استغرابه لنشر مضمون لقاء الرئيسين والحديث عن ملاحظات، رغم تأكيد الحريري لعون استعداده لمناقشتها معه والتوسّع فيها.
وعكس زوّار عون ارتيابه من الحديث عن الصلاحيات وفتح جدل حولها، وتأكيده أنّه “يستخدم صلاحياته كاملة بالحدّ المسموح به، ولم يمسّ بصلاحيات الرئيس المكلف التي يحترمها ويحرص عليها”، معتبراً انّ “التمنّي عليه إجراء المزيد من المشاورات واستمرار التواصل بينهما لا يمسّ صلاحياته، بل يشكّل حافزاً من أجل تشكيلة متوازنة”.
وأبلغت مصادر عاملة على خطّ تأليف الحكومة صحيفة “الجمهورية”، أنّها تتوقع أنّ تنشيطاً ملحوظاً للمشاورات في الأيّام القليلة المقبلة بين الرئيسين، وكذلك بين الحريري وسائر القوى السياسية، لعلّها تُثمر قبل سفر عون في زيارات خارجية، بدءاً بستراسبورغ في 10 و11 و12 أيلول الجاري للمشاركة في افتتاح أعمال البرلمان الأوروبي، ثمّ نيويورك في 23 و24 و25 و26 أيلول حيث يترأس وفد لبنان الى اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ويُلقي كلمة لبنان فيها، وتليها سفرة الى يريفان في 11 و12 و13 تشرين الأوّل المقبل للمشاركة في أعمال قمّة المؤتمر الفرنكوفوني.
لكنّ أجواء مطبخ التأليف ومحيطه، تنسف نتائج أيّ مشاورات قد تحصل، فثمّة هوّة عميقة جداً تفصل بين عون والحريري ، ونظرتهما الى تركيبة الحكومة . وكلاهما يرمي الكرة في ملعب الآخر، فعون كما يؤكّد المطّلعون على أجوائه، قدّم كلّ التسهيلات للحريري، التي تمكّنه من حزم أمره والمبادرة الى تشكيل حكومة بالتوافق معه، والمستغرب رئاسيّاً أنّ هذه التسهيلات لم تجد لها ترجمة كما يجب من قِبل الرئيس المكلف.
وبحسب المعلومات المتوافرة لـ”الجمهورية”، فإنّ عون ليّن موقفه من حصّة “القوات اللبنانية”، التي لا يجب أن تزيد في رأيه عن 3 وزراء، فقبل بـ4 وزراء من بينهم وزير دولة. إذ ليس معقولاً أن تُحصر الحصّة المسيحية من وزراء الدولة برئيس الجمهورية و”التيار الوطني الحر”. كما أنّه ليس في وارد القبول مهما كلّف الأمر بإسناد 3 وزراء دروز لرئيس “الحزب التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط، مع الإشارة الى أنّ مقرّبين من العهد يشيعون انّ كتلة جنبلاط من 9 نواب، لا تخوّله الحصول على 3 وزراء. وثمّة كلام واضح من قبل هؤلاء بأنّه لا يمكن أن تمرّ تشكيلة حكومية لا تتوخى سوى مراضاة “القوات” وجنبلاط.
وتضيف المعلومات انّ الرئيس المكلف غير مرتاح لسقوط المسودة، وتؤكد أوساط تيار “المستقبل” انّ الحريري يرغب بالتعاون الكامل مع عون وحريص على أفضل علاقة معه، وعلى هذا الأساس تحرّك في مشاوراته. والمسودة الأخيرة التي وضعها كانت فرصة جديّة لحكومة متوازنة، وبالتالي هو قدّم أقصى ما عنده، ويشعر أنّ هناك من يتعمّد التخريب والتعطيل وسيأتي الوقت الذي يُشار إليهم بالإصبع.
واذا كان مصير المسودة التي قدمها الحريري قد حُسم بصورة عامّة على انّها سقطت وانتهت، فإنّ مصادر قريبة من القصر الجمهوري لا تتحدث عن سقوطها، بل انّ رئيس الجمهورية وبعدما تبلّغها من الرئيس المكلّف، وضع ملاحظاته على تمثيل القوات وجنبلاط، وأبلغه انّه لن يرفضها، بل دعاه الى أن يعود للتشاور في شأنها مع القوى السياسية المعنية استناداً الى الملاحظات التي وضعها.
وبحسب مؤيّدين لـ”مسودة الحريري” الأخيرة، فإنّهم يستبعدون أن يبادر الرئيس المكلّف الى تعديلها أو تبديلها، إذ انّها لم تأتِ غبّ الطلب كما يقول المزايدون، بل انّها مبنية على دراسة وتمحيص لواقع كلّ القوى وخصوصاً “القوات” والحزب الإشتراكي. وبالتالي، فإنّ المسؤولية تقع على رئيس الجمهورية لوقف محاولة تحجيم “القوات” و”الإشتراكي”، ومتابعة التشاور مع الرئيس المكلّف والسير في هذه المسودة، والأهم هو احتواء الجوّ السلبي الذي ساد في الأيام الاخيرة وأدخل البلد في جوّ طائفي خطير لا مصلحة لأحد في الانزلاق اليه.