شهد يوم أمس ذروة الاتصالات التي كان الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري قد أطلقها الأسبوع الماضي لإحداث كوة في جدار المأزق الحكومي ، وذلك بزيارته القصر الجمهوري ولقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بعيد اجتماعٍ عقده مع رئيس “التيار الوطني الحر”جبران باسيل ، وكان جرى التعاطي معه على أنه سيكون مفصلياً في تحديد مسار الأزمة الحكومية نحو منحى انفراجي أو في اتجاه المزيد من التعقيد.
وتمحورتْ المرحلة الختامية من الجولة التفاوضية الجديدة التي أطلقها الرئيس المكلف حول تنازلاتِ الحدّ الأقصى التي قدّمها كل من حزبيْ “القوات اللبنانية” و”الحزب التقدمي الإشتراكي”، الأولى بقبولها بالتراجع عن مطلب 5 وزراء وعن موقع نيابة رئاسة الحكومة والحقيبة السيادية مقابل الحصول على أربعة وزراء بأربع حقائب أي بلا وزارة دولة، فيما لم يقفل الثاني أي “الإشتراكي” الباب، بحال وافَقَ فريق عون على حصة “القوات”، أمام التراجع عن مطلب حصْر التمثيل الدرزي به والسير تالياً بخيار وزيريْن “صافييْن” مع ثالثٍ يشترك فيه مع كل من رئيس البرلمان نبيه بري والحريري ولا يكون بطبيعة الحال النائب طلال أرسلان .
وفيما بدا ان هذا السقف الذي وصل إليه كل من “القوات” و”الإشتراكي”هو “آخر كلام” لدى هذين الفريقيْن، اللذين يصرّ الحريري على مراعاتهما بهذا الحدّ لاعتباراتٍ تتّصل بالتوازنات السياسية ذات الامتدادات الاقليمية داخل الحكومة الجديدة التي يعاينها عن كثب المجتمع الدولي، فإنّ رئيس مجلس النواب بري ، الذي كان أخذ على عاتقه إيجاد مَخْرج للعقدة الدرزية، عبّر أمس عن انتقاله من مرحلة “التشاؤل” في مقاربة مسار الملف الحكومي الى التفاؤل ولا سيما بعد اجتماعات الساعات الماضية بين المعنيين.
وإذ حمَل الحريري الى قصر بعبدا “صيغة الحلّ الوسط” لجهة توزيع الحصص بين الأحزاب والقوى السياسية، على ان تليها بحال جرت الموافقة عليها، مرحلة التفاهم على توزيع الحقائب على الأطراف المشارِكة في الحكومة ثم الأسماء، بدا الرئيس المكلف في كلامه عقب اللقاء مع عون حذراً في توقُّعاته وإن كان أكد أنه للمرة الأولى صيغة (من دون أسماء) الى رئيس الجمهورية “مختلفة كثيرا” عما سبق ان عرَضه سابقا، “ولا يملك تفاصيلها إلا فخامة الرئيس وأنا، ولم يجرِ التشاور في شأنها مع أحد، ولا علاقة لها بلقائي مع الوزير باسيل”…