تربط أوساط سياسية لبنانية عودة ضغوط “حزب الله” بشأن التسريع في تشكيل الحكومة ، باقتراب موعد صدور قرارات للمحكمة الدولية بخصوص عملية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري المتورط فيها الحزب، وأيضا بحزمة العقوبات الأميركية ضد طهران والتي تشمل حظر تصدير النفط وما قد يخلفه ذلك من ردود فعل إيرانية، قد تأخذ المنطقة نحو منزلق خطير.
وتعتبر هذه الأوساط، وفق ما عبّرت لصحيفة “العرب اللندنية، أن من مصلحة الحزب تحقيق الاستقرار السياسي داخل لبنان ، حتى يستطيع التركيز على التحديات الخارجية المتعاظمة، بدءا من الساحة السورية مرورا بالعراق وصولا إلى اليمن ، وليس كما يسوق له على أن هذه الاستفاقة ناتجة عن الوضع الاقتصادي المتدهور، خاصة وأن خبراء محليين اعتبروا أن الاقتصاد في لبنان وإن كان يمر بمرحلة دقيقة بيد أن ذلك لا يعني أنه في خطر.
ويشهد لبنان منذ أيار الماضي أزمة في تأليف الحكومة ، نتيجة الصراعات الدائرة على الحصص الوزارية، رغم المساعي المحمومة لرئيس الوزراء المكلف سعد الحريري لإيجاد توليفة تلقى قبولا من الجميع.
ويدرك “حزب الله” أن تسهيل ولادة الحكومة لا يمكن أن يمر دون الضغط على حليفه “التيار الوطني الحر”، وهذا ما يفسر وفق الأوساط انتقاد نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم الضمني لرئيس “التيار” جبران باسيل ، حين اعتبر أن معركة رئاسة الجمهورية لا تمر عبر الحكومة الجديدة.
ويعد رئيس “التيار الوطني الحر” الذي يتولى أيضا منصب وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال، أحد المعرقلين الرئيسيين للتسوية الحكومية، في ظل إصراره على تحجيم كل من الحزبين “القوات اللبنانية” و”التقدمي الإشتراكي”، فيما بدا بالنسبة لكثيرين أن ذلك يندرج في سياق معركة مبكرة على موقع رئاسة الجمهورية .
ولقي باسيل دعما واضحا في البداية من “حزب الله” خاصة في ما يتعلق بحزب “القوات”، الذي ينظر له على أنه خصم عنيد وجب تحجيم حضوره الحكومي والسياسي، بيد أن التطورات الإقليمية وتزايد حدة التوترات بين الولايات المتحدة وإيران وقرار المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري المقرر أن يصدر في منتصف أيلول الجاري، إلى جانب اقتراب معركة إدلب في شمال – غرب سوريا والتي لا يعرف كيف ستكون نهاياتها، كل ذلك يدفع الحزب إلى تغيير سياسته تجاه تسريع تأليف الحكومة.
ويشير مراقبون إلى أن تصريحات نعيم قاسم هي رسالة واضحة لباسيل بشأن ضرورة تعديل موقفه وتسهيل ولادة الحكومة العتيدة، خاصة وأن الأطراف المقابلة تعاطت بإيجابية وحس واضح بالمسؤولية منذ البداية، وأن الاتهامات بالعرقلة موجهة أساسا له وللحليف البرتقالي “التيار الحر”.
وكان حزب “القوات اللبنانية” قد تراجع عن موقفه لجهة القبول بأربع وزارات من دون التمسك بمنصب نائب رئيس الوزراء أو وزارة سيادية، أما في ما يتعلق بالحصة الدرزية فإن رئيس حركة “أمل” نبيه بري قد تولى مسؤولية إقناع رئيس “الحزب التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط بتعديل موقفه، وسط ترجيحات بأن يقبل الأخير الحصول على وزارتين فيما الوزير الثالث سيكون مقربا منه.
ويشير مراقبون إلى أن الكرة تبدو الآن في ملعب رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره جبران باسيل ، وربما تصريحات قاسم من شأنها أن ترفع الغطاء عن الأخير وتدفعه إلى إبداء مرونة أكثر خاصة وان الوضع الإقليمي لا يسمح باستمرار التعثر الحكومي.