التقى اهالي المخطوفين والمفقودين والمخفين قسرًا، امام خيمتهم في حديقة جبران خليل جبران قبالة بيت الامم المتحدة “الاسكوا” في ساحة رياض الصلح، وسط بيروت، المكان الذي اختاروه منذ العام 2005 رمزًا لقضيتهم تحت مطلب واحد: عرض اقتراح قانون انشاء الهيئة الوطنية المستقلة للمفقودين امام الهيئة العامة لمجلس النواب واقراره.
ويأتي هذا اللقاء بدعوة من لجنة اهالي المخطوفي والمفقودين في لبنان، بالتنسيق مع جمعية “لنعمل من اجل المفقودين”، ككل عام في 30 آب اليوم الذي اختارته الامم المتحدة يوما عالميا للمفقودين، بحيث تجمع عدد كبير من اهالي المفقودين والمخطوفين وحشد من الاصدقاء والصديقات بمشاركة النائب حكمت ديب والنائب السابق غسان مخيبر ووفد من اللجنة الدولية للصليب الاحمر.
حلواني
وألقت رئيسة اللجنة وداد حلواني كلمة استهلتها بالقول: “ان اللقاء في هذا اليوم، وفي هذا المكان الرمزي قرب ارواح اوديت وام محمد ومعلمنا غازي وكل اللواتي والذين غادرونا، هو لتقويم مسيرتنا وتحديد خطواتنا المقبلة واولوياتنا”.
وقدمت جردة حساب لما وصلت اليه اللجنة في السنة الاخيرة والتوقعات المقبلة، وقالت: “منذ بداية الثمانينات بمبادرة من هيئات اهالي المفقودين والمخفيين قسرا في اميركا اللاتينية، اختير 30 آب موعدا لتذكر المفقودين في العالم. وقد قررت الجمعية العمومية للامم المتحدة اعلان هذا اليوم اي 30 آب يوما عالميا للمفقودين منذ عام 2011”.
وأضافت: “اول ما يجب ان نتذكره ان هذ الظاهرة هي ظاهرة عالمية ناتجة من الصراعات المسلحة ومن الانظمة الاستبدادية ولا يمكن ان نفصل مأساتنا عن مأساة امهات واخوات يتألمن في كل ارجاء العالم لهن تحية ووقفة تضامنية في يومنا المشترك للاضاءة على عذاباتنا المشتركة وعلى مآسي احبائنا المشتركة.
ثاني ما يجب ان نتذكره هو طريقة انتشار هذه الظاهرة كالطاعون في عالمنا العربي خلال العقد الحالي. كانت هذه الظاهرة موجودة في عالمنا لكنها تضاعفت وتكاثرت مع انفجار الصراعات المسلحة في العراق وسوريا واليمن وفي دول اخرى في السنوات الاخيرة. لكل ام وكل اخت وكل زوجة وكل ابنة تتألم في عالمنا العربي، نقول ان لجنة اهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان تشد على اياديكن وتقف اليوم، كما فعلت ابدا، متضامنة معكن، وتعدكن ان تبقى كذلك حتى رفع هذا الكابوس عن ارواحنا جميعا”.
وتابعت: “قد يقول البعض ان لا شيء قد تغير في قضيتنا خلال هذه السنة. اعتقد ان هذا الوصف ليس وفيا لكل ما حصل. بالتأكيد، لم نستطع بعد ترسيخ جهودنا وتحقيق أي خطوة حاسمة في مسيرتنا، لا احد يعلم اكثر مني واكثر من كل واحدة وواحد منكم مر من الوقت علينا، وقت طويل طويل، والبعض منا قد امضى عقودا وعقودا في هذه المسيرة، ولكن لنراجع بتجرد ما الذي حصل خلال السنة المنصرمة:
– بواسطة العريضة الوطنية، وخلال الانتخابات النيابية الاخيرة، وبدعم من اصدقائنا في “حقنا نعرف”، نجحنا في ايصال صوتنا الى اوساط جديدة وشرح برنامجنا لفئات اوسع يوما بعد يوم ومن ضمنها قوى سياسية وحزبية لم نكن على اتصال بها من قبل، داخل مجلس النواب وخارجه.
– بمساعدة اللجنة الدولية للصليب الاحمر وشركائنا في ” لنعمل من اجل المفقودين” مشكورين، نجحنا في توسيع صلاتنا بأهالي المفقودين وفي تلمس بداية تنظيمهم في كل المحافظات وفي كل ارجاء الوطن.
– بمساعدة “المفكرة القانونية” وحفنة من النواب في مقدمهم بالتأكيد الاستاذ غسان مخبير، نجحنا في انجاز اقتراح القانون المتعلق بانشاء الهيئة الوطنية المستقلة للمفقودين، وأقرته لجنتا حقوق الانسان والادراة والعدل النيابيتان.
وقالت: “لا نعدد ذلك لنفتخر به بل لاعطاء كل واحد حقه ويبقى الاهم هو الآتي، ويبقى الاهم هو ان نقول في الموعد نفسه في السنة المقبلة.
نجحنا في البدء بتنفيذ برنامج النقطتين، برنامج حل العدل الادنى.
ومن اجل ذلك علينا الاجابة عن سؤالين:
– لماذا لم يطرح الرئيس سعد الحريري على مجلس الوزراء التدبير الايل الى جمع عيناتنا البيولوجية وحفظها للموافقة عليه واعطائه المجرى التنفيذي؟
في رأينا، يستطيع الرئيس الحريري ان يطرح هذا التدبير ان بصفته رئيس حكومة تصريف الاعمال – بعدما قبلت الحكومة المذكورة هبة الصليب الاحمر الدولي لتجهيز غرفة حفظ هذه العينات عام 2016 – او ان يطرحه على جدول اعمال اول جلسة لملجس الوزراء بعد تأليف الحكومة الجديدة. وفي وقت من الاوقات، نقل عن اوساط وزير الداخلية ان التدبير لا يحتاج الا الى قرار اداري صادر عنه (الوزير) ونذكر بأنه جرى ايداع دولة الرئيس نسخة من العريضة الوطنية التي تتضمن هذا الجزء من الحل عبر مصلحة ديوان رئاسة مجلس الوزراء سجلت تحت رقم 711/2 تاريخ 12/4/2018 لاتخاذ القرار في شأن بدء عملية جمع العينات المذكورة وحفظها”.
وسألت ايضا: “لماذا لم يطرح الرئيس نبيه بري بعد اقتراح قانون انشاء الهيئة الوطنية المستقلة للمفقودين امام الهيئة العامة لمجلس النواب؟
لم يعقد بعد اي اجتماع للهيئة العامة منذ اقرار لجنة الادارة والعدل اقتراح القانون. وقد قال الرئيس بري انه لن يدعو الى عقد اجتماع للهيئة العامة احتراما لجهود تأليف الحكومة الا اذا اقتضى عقد ما سماه اجتماع لتشريع الضرورة. لن يحتاج دولة الرئيس لنقول له انه بالنسبة الى أهالي المفقودين لا ضرورة أولى من اقرار القانون لوضع حد لمأساتهم، نفضل ان نذكر ان الامين العام لمجلس النواب عندما تسلم منا العريضة الوطنية للمفقودين – سجلت تحت رقم 746/ او تاريخ 12/4/2018 – دون بيده وبالتأكيد بايعاز من رئيس مجلس النواب “على ان تعرض في اول جلسة للهيئة العامة”. كل هذه الاعتبارات والعناصر التي ذكرتها هي من الناحية العملية او القانونية.
اما من الناحية السياسية، فنحن متسلحون بما نصحنا به فخامة رئيس الجمهورية خلال زيارتنا له في القصر الجمهوري في نيسان الماضي، ” امشوا قدما واحذروا التجاذبات السياسية”، لا احد ينال من مناعة قضيتنا ازاء التجاذبات السياسية لان قضيتنا هي القضية الوحيدة التي لا تميز بين الطوائف والمناطق، لان لجنتنا تضم اشخاصا من كل طوائف لبنان، لا بل من كل الجنسيات المقيمة على الاراضي اللبنانية آنذاك.
وعريضتنا التي نالت تواقيع رؤساء كل احزاب لبنان ونواب من كل كتله البرلمانية هي بمثابة وثيقة وفاق وطني جديدة، بواسطتها ستعيد الدولة انبعاثها وسيكون موعدنا السنة المقبلة محطة حاسمة لوضع حد لمعاناتنا”.
وفي نهاية الاعتصام، دون الاهالي اسماء مفقوديهم وتواريخ اختطافهم وفقدانهم على أوشحة قماش.
مسيرة الى مجلس النواب
بعدها انطلق الاهالي من امام الخيمة بمسيرة حاشدة في اتجاه مجلس النواب تقدمها مخبير وحلواني اللذان توجها الى مبنى المجلس والتقيا نائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي وعددا من النواب.
واعلنت حلواني ان اللقاء كان ايجابيًا، وقالت: “شددنا على اقرار اقتراح القانون والتعجيل في وضعه في اول جلسة عامة سواء أكانت جلسة تشريع الضرورة او جلسة عادية”.
معرض
الى ذلك، تنظم اللجنة الدولية للصليب الاحمر معرضًا بعنوان “حضور غياب” يتضمن جلسة لمناقشة قانون تأليف الهيئة الوطنية في مجلس النواب ومعرض صور.