مطر: مرّت على هذا الجبل غيوم كثيرة ولكنّها زالت وبقي الجبل صامدًا والناس يبقون والروح الطيبة تبقى

زار رئيس أساقفة بيروت المطران بولس مطر بلدة الرمليّة والتقى أهلها وبارك قاعة كنيستها التي تتخذ من مار جرجس شفيعًا لها، واحتفل معهم بالذبيحة الإهيّة، بمعاونة كاهن الرعية الخوري شربل نبهان والمسؤول عن مقر بطريركية الروم الملكيين الكاثوليك في عين تراز الخوري انطوان قسطنطين.

وشارك في القداس وزير الطاقة سيزار أبي خليل ورئيسا بلديتي الرمليّة نضال سلمان ورشميا منصور مبارك وممثلو أحزاب وأهالي البلدة والبلدات المجاورة.

وبعد الإنجيل المقدس القى المطران مطر عظة جاء فيها:

“صاحب المعالي نرحب بمعاليكم ترحيبًا خاصًا وأنتم تمثلون هذا الوطن وهذه الدولة.

أشعر بندم كبير أني منذ عشر سنوات لم أزر الرملية وهذا تقصير منّي ولكني في الوقت عينه فرحت فرحًا عظيمًا، لما رأيت وابتهجت به، هذه القاعة التي بنيت فسيحةً وفوقها الكنيسة، وضعنا لها حجر الأساس، تذكرون ذلك، كانت أرضًا مسطّحة، وكنّا نقول في نفوسنا، أبناء الرمليّة ينظرون نظرة كبيرة، مشروع كبير يقومون به، وكان علينا أن نقول على الدوام، الإيمان يصنع العجائب. الربّ يسوع قال في إنجيله الطاهر: إن كان فيكم ذرةٌ من الإيمان تقولون لهذا الجبل انتقل واسقط في هذا الجبل فينتقل. هذا الايمان، نحييه ونفرح، إيمان بالرب الخالق لجميع الناس من طينة واحدة، والذي جعلهم على هذه الأرض ليبنوها معًا ويمجّدوا الله معًا، إخوةً متضامنين متحابين. إيمانٌ بلبنان العزيز، لبنان وطن الجميع وطن المحبّة والتلاقي بين أهل الأديان جميعًا باحترام كلّي، بعضنا لبعض ولأدياننا كلّنا، وطن الخير، وطن السلام، وطن حقوق الإنسان، وطن يكون نموذجًا للشرق كلّه، من جهة احترام كل دين احترامًا واحدًا. هذا هو إيماننا ،أيها الأحباء، وهذا هو إيمان أهل الرمليّة جميعًا وهذا الجبل الأشمّ، ولبنان العزيز علينا كلّنا، لبنان الذي نحبّ ونفتدي.

الإنجيل الطاهر يقول لنا، أننا نهتم بأمور كثيرة والمطلوب واحد. ما هو هذا الواحد؟ بالنسبة لبلدنا تعوّدنا أن نسمّيه وطن الشراكة. الشراكة شيء جميل ولكنّها لا تكفي. الشراكة تضع قدرة عند البعض هنا وهناك، أنّها شراكة مؤقتة أنها أو أنّنا في هذه الشراكة كلٌّ يسأل عن حصّته. الشراكة جميلة ولكنها يجب أن تُدعّم بأمرٍ آخر حتى تكون ثابتة ومتينة، وأقول لكم، أهم من الشراكة ما نسمّية الأخوّة. الأخوّة لا عودة عنها، ونريد في لبنان أن نعيش هذه الأخوّة. إخوة لوطن واحد هو وطننا جميعًا، وهذا ما أراه في الرمليّة العزيزة الصغيرة بعدد سكانها، الكبيرة بهمّتها وكرامتها وعيشها المشترك الواحد. نحيّي هذه البلدة البيئية، البلدة الجميلة، البلدة الإنسانية. ونشكر المختار فايز أبو علي، الذي أبى إلاّ أن يستقبلنا على مداخل البلدة مع رئيس البلدية ورئيس بلدية رشميا نشكرهم من صميم القلب ونقول إنّنا نفرح بقدومنا إليكم. وعندما نقول أخوة، هذا يعني أنّنا بتعاملنا مع بعضنا البعض، نسامح حتى عندما يقسمون الأرزاق يقول الناس، إنها قسمة إخوة وما نأمله في هذا الوطن العزيز، هو أن نعيش هذه الأخوة والتعاون بين إخوة تحت سقف واحد اسمه لبنان. عندما جاء القديس البابا يوحنا بولس الثاني إلى لبنان قال: من غير المقبول، أيها اللبنانيون، أن تعيشوا تحت سقف واحد وأن لا تكونوا موحدّين أو أن لا تثقوا بعضكم ببعض. البابا القديس، كان يقول لنا: كونوا إخوة، هذا ما أتمناه من كلّ قلبي. الأمور التي نعيشها اليوم تُحلّ بالأخوّة، الخلافات لا تتعدى سقف الأخوة فنجتمع ونقول تعالوا نفكر في مصلحة بلادنا، هكذا تُبنى الأوطان وهكذا نعيش شراكة حقيقية بعضنا مع بعض، هكذا نبني وطننا لأن وطننا مسؤولية علينا نحن قبل أي إنسان آخر. الصديق صديق، لكن الأخ أهم وأفضل. هنا، نحن في بيتنا ولنا قضية خاصة، وطننا يجب أن يكون نموذجًا للعيش في المنطقة كلّها، باحترام الأديان بعضنا لبعض. وأحبّ أن أنوّه بقامة وطنية وهو عبدالله التنوخي من عبيه وقف من مئات السنين، وقف في دمشق وقال: الحرية الدينية للجميع حافظوا عليها. هذا ما نريده لوطننا وللمنطقة بأسرها. هكذا بنينا هذا الوطن بالتساوي بعضنا مع بعض بالأخوّة والثقة المتبادلة في المحبّة بأن يكون حقي حقّك وكرامتي كرامتك. بولس الرسول يقول: بادروا بعضكم إلى بعض بالإكرام. علاقتي مع الآخر، هي علاقة إكرام والإكرام يكون متبادلًا. لذلك ،يا إخوتي، كلام بولس الرسول يجب أن يكون محفوظًا في قلوبنا، بعضنا مع بعض نبادر بالإكرام والثقة، فيبنى لنا خير مشترك، خير عام. هذا الخير العام يصون الكلّ ويصون التنوّع ويصون الجماعات كلّها لجميع الناس. يجب أن نبني مستقبلنا على هذا الأساس، تربيتنا في المدارس على هذا الأساس. عندئذٍ نفرح بالحياة ونقول لبنان رسالة حقيقية.

في هذا الشرق الحزين المعذب اليوم، حيث يُقتل الناس، ما هو الحل؟ هل بمحونا بعضنا لبعض، الربّ لم يخلقنا لنمحوا بعضنا بل لنتعاون بعضنا مع بعض، الحلّ أن نُوقف القتال ونجلس معًا كأبناء الله الواحد، ونقول أين الخطأ وأين الصح وأن نحافظ على كرامة الجميع وحقوق الجميع. نصلّي على هذه النيّة لتُوقف الحرب في سوريا والعراق واليمن وكل هذه المنطقة العزيزة على قلبنا وكلّهم إخوتنا، وليس أحد غريب عن الآخر. الناس تلتقي مع الناس وأقول الغيوم تزول. مرّت على هذه الجبل غيوم كثيرة ولكنّها زالت وبقي الجبل صامدًا والناس يبقون والروح الطيبة تبقى، الغيوم تزول إلى غير رجعة إنشاء الله.

لذلك ،يا إخوتي، ما يجري اليوم في الرمليّة من بناء لهذه الكنيسة لها علامات طيبة على قلبنا جميعًا الرمليّة بكل أهلها، بني معروف وإخوتنا المسيحيين الأرثوذكس والموارنة، عائلة واحدة تضمهم جميعًا الكرامة لجميع الناس بمحبّة وتلاقٍ. نحييكم جميعًا هذه الأخوّة التي يجب أن نقوّيها في كلّ المنطقة وفي كلّ الشرق لأننا أبناء للآب الواحد الذي هو في السماء. ونشكر الله ونقول ما قاله الرب يسوع نهتم بأمور كثيرة والمطلوب واحد. الأساس هي المحبّة والباقي يُزاد. يقول الربّ يسوع اطلبوا ملكوت الله وبرّه والباقي يزاد لكم، ما هو ملكوت الله؟ ملكوت الله هو ملكوت الحقّ والعدل والكرامة والمساواة والخير والمحبّة نطلب هذا الأساس والباقي كلّه يزاد.

لذلك نجدّد إيماننا بربنا ووطننا الواحد الموحّد وبمشاركتنا ومحبّتنا بعضنا لبعض وبمستقبل هذا الجبل، ونقول يا رب أزل كلّ الغيوم والالتباسات ونعود إلى محبتك لأن الشرق هو مصدر الديانات للعالم بأسره ونسأل هذه النعم بشفاعة أمنا مريم العذراء وكان الله معكم جميعًا”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى