ردّ الرئيس فؤاد السنيورة في بيان على مقال نشر في إحدى الصحف تحت عنوان “لحود يروي فصولا من تموز: قلت لميشال سليمان اطلع لبرا”، وجاء في البيان: “إن مجرد الاطلاع على العنوان والوقائع الواردة في المقال يبين لقارئها الحجم الكبير من المبالغات والمغالطات والأخطاء المثيرة للاستهجان وللشفقة التي وقع فيها كاتب المقالة والرئيس لحود، والتي نبين بعضها فيما يلي:
يقول كاتب المقالة على لسان الرئيس لحود: “عندما بدأ القصف على الضاحية الجنوبية، دعوت الى جلسة استثنائية لمجلس الوزراء. يومها، قالوا لي كيف ستجمع مجلس الوزراء، بينما الإسرائيلي قد يقصفنا؟ قلت لهم: إن شاء الله نسقط شهداء. يومها، قال لي فؤاد السنيورة: ماذا تفعل؟ يمكن أن نتواصل عبر الهاتف. قلت له: نجتمع في مقر المجلس الاقتصادي الاجتماعي…الخ”.
أولًا: من المفيد العودة إلى الرواية عن حرب تموز التي دونها الصحافي محمد أبي سمرا عن دولة الرئيس فؤاد السنيورة في المقالين المنشورين في صحيفة النهار بتاريخ 11 و12 تموز 2007.
ثانيًا: لقد فات كاتب المقال والرئيس لحود ان العدوان لم يبدأ بالقصف على الضاحية الجنوبية ذلك اليوم بل بدأ بقصف قرى الجنوب وكل الطرق والجسور لقطع كل الطرق، وذلك على بدا في حينه أنه بهدف منع المقاومة من اخراج الجنود الإسرائيليين الأسرى خارج منطقة الجنوب اللبناني.
ثالثًا: إن الدعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء يقوم بها كما هو متعارف عليه رئيس مجلس الوزراء وفي حينها فؤاد السنيورة، وليس الرئيس لحود. أضف إلى ذلك أن مجلس الوزراء انعقد استثنائيًا بعد ظهر يوم الأربعاء في الثاني عشر من تموز، أي بعد انقضاء عدة ساعات على بداية العدوان الاسرائيلي، وبعد ذلك كانت تجري الاجتماعات الاستثنائية لمجلس الوزراء في تلك الفترة بشكل شبه يومي.
رابعًا: أما بشأن مقولة الرئيس لحود حول: “أنه نهر العماد سليمان وطلب إليه مع القادة الأمنيين بالخروج”، فهذه رواية مختلقة.
والحقيقة أنه جرى التمني على العماد سليمان والقادة الأمنيين الانتظار برهة في الخارج ريثما ينجز مجلس الوزراء بحثه لبعض الأمور السياسية.
بعدها فقد تم دعوتهم وجرى الاستماع إليهم بكل احترام على النسق الذي عادة ما يقوم به مجلس الوزراء في الاستماع إلى القادة الأمنيين.
خامسًا: قدم الكاتب رواية الرئيس لحود حول النقاش الذي دار حول النقاط السبع موردا وقائع خاطئة وبشكل فاضح، إذ يقول في المقابلة: “أنه في بداية إحدى جلسات مجلس الوزراء، غداة مؤتمر روما وطرح النقاط السبع هناك، اقترب منه السنيورة وقال له: هناك استعداد مقابل الموافقة على النقاط السبع، لوقف النار وعدم استمرار الولايات المتحدة وفرنسا باستخدام الفيتو في مجلس الأمن، قلت له: أنت أبلغتني أنك ذاهب الى روما كرمال المساعدات، فزعم أنه حصلت اجتماعات ووضعنا هذه النقاط، فطلبت منه قراءتها، وجاء فيها:
أولًا، العودة الى خط الهدنة.
ثانيًا، يتقدم الجيش ليأخذ مكان حزب الله.
ثالثًا، ينفذ الجيش مداهمات وينزع السلاح … فورا، طلبت منه التوقف، وقلت له: هذا استسلام لأن هدف الحرب نزع سلاح المقاومة، فحاول السنيورة الإيحاء بموافقة الرئيس نبيه بري قائلا انه زاره قبل الجلسة…الخ”.
الحقيقة أن النص الذي وردت فيه النقاط السبع لم تكن كما ذكر الكاتب على لسان الرئيس لحود على الإطلاق، بل ان ما تنص عليه ورقة النقاط السبع هي على الشكل التالي:
1- التعهد إطلاق الاسرى والمحتجزين اللبنانيين والاسرائيليين عن طريق اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي.
2- انسحاب الجيش الاسرائيلي الى ما وراء “الخط الازرق” وعودة النازحين الى قراهم.
3- التزام مجلس الامن وضع منطقة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا تحت سلطة الامم المتحدة حتى ينجز ترسيم الحدود وبسط السلطة اللبنانية على هذه الاراضي، علما انها ستكون اثناء تولي الامم المتحدة السلطة مفتوحة امام اصحاب الاملاك اللبنانيين، كما انه يتعين على اسرائيل تسليم الامم المتحدة كافة خرائط الالغام المتبقية في جنوب لبنان.
4- بسط الحكومة اللبنانية سلطتها على اراضيها كاملة عبر انتشار قواها المسلحة الشرعية مما سيؤدي الى حصر السلاح والسلطة بالدولة اللبنانية كما نص اتفاق المصالحة الوطنية في الطائف.
5- تعزيز القوة الدولية التابعة للأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان وزيادة عديدها وعتادها وتوسيع مهماتها ونطاق عملها وفقا للضرورة بهدف إطلاق العمل الانساني العاجل واعمال الاغاثة وتأمين الاستقرار والامن في الجنوب ليتمكن النازحون من العودة الى منازلهم.
6- اتخاذ الامم المتحدة بالتعاون مع الأفرقاء المعنيين الاجراءات الضرورية لإعادة العمل باتفاق الهدنة الذي وقعه لبنان واسرائيل عام 1949 وتأمين التزام بنوده اضافة الى البحث في التعديلات المحتملة عليه او تطوير بنوده لدى الضرورة.
7- التزام المجتمع الدولي دعم لبنان على كل الصعد ومساعدته على مواجهة العبء الكبير الناتج عن المأساة الانسانية والاجتماعية والاقتصادية التي يشهدها وبخاصة في مجالات الاغاثة واعادة الاعمار واعادة بناء الاقتصاد الوطني”.
يتبين مما تقدم، أنه قد اختلط الأمر على الكاتب كما اختلط الأمر على الرئيس لحود لدرجة انهما أوردا نصوصا غير صحيحة للنقاط السبع وادعيا بطولات مهاجمتها ورفضها، وهي عبارات وفي سياقات غير موجودة في النص الأصلي للنقاط السبع والتي أقرها مجلس الوزراء اللبناني، وتم الاستناد إليها من قبل مجلس الأمن كقاعدة لإصدار القرار الدولي رقم 1701.
سادسا: يقول الكاتب على لسان الرئيس لحود من ضمن عرضه “لبطولاته الوطنية والقومية” في المقابلة المشار اليها وقائع عن القمة العربية في الخرطوم ويقول: “يذكر لحود بما حصل في قمة الخرطوم يوم حضر السنيورة من خارج الوفد الرسمي وجلس خلف عمرو موسى وطالب بحذف عبارة مقاومة من ورقة التضامن مع لبنان ومن القرارات التي ستصدر. ويومها هدد لحود بتطيير القمة، وصولا الى آخر قمة حضرها في شرم الشيخ وكيف أدرجت النقاط السبع في عدة فقرات، وكيف هرب كل من سعود الفيصل وعمرو موسى من لقائه…الخ”.
لقد فات كاتب المقال كما فات الرئيس لحود ان قمة الخرطوم انعقدت في 28 اذار من العام 2006، والتي اقتصرت اعمالها على يوم واحد، فيما العدوان الإسرائيلي استهدف لبنان في تموز من العام 2006. كما أن الإعلان عن النقاط السبع كما جرى في مؤتمر روما الذي عقد بتاريخ 26 تموز 2006. فكيف يمكن أن يجري بحث تلك النقاط السبع في مؤتمر الخرطوم الذي انعقد قبل قرابة أربعة أشهر من بدء العدوان الإسرائيلي على لبنان؟ وكيف يمكن ذكر النقاط السبع في مقررات مؤتمر الخرطوم أي قبل العدوان الإسرائيلي في حين ان تلك النقاط لم تكن قد وجدت بعد؟! العجب كل العجب!!
الادهى من ذلك، أن الرواية المنقولة من كاتب المقال على لسان الرئيس لحود تقول: “يلفت لحود الى أن الفيصل تذرع بأن السنيورة أبلغه أن قرارا صدر عن مجلس الوزراء اللبناني بالموافقة على النقاط السبع، فقلت إن السنيورة ليس في عداد الوفد ولا يتكلم باسم لبنان، وليس شأنك ماذا قررنا في لبنان، فقال الفيصل: إذا ماذا نفعل؟ قلت له: تحذف الفقرة وإلا سأحول جلسة الافتتاح الى فضيحة. قال: سنحذفها، إلا أنه حذفها من مكان وأبقاها في آخر، واختفى الفيصل وموسى، وبدأت عملية المطاردة لهما الى أن التقيت الملك عبد الله في البهو فاقتربت منه، وقلت له “جلالة الملك، هل ترضى أن يزوروا في بلدكم؟”، فقال لي: “ما الأمر؟”، قلت له “سعود الفيصل يهرب مني لكي لا يلتقيني لأننا أخذنا أمس قرارا بحذف فقرة النقاط السبع من كل ورقة التضامن مع لبنان ولم يفعل”، قال الملك عبد الله لمعاونيه: “ليأت سعود”.
والغريب هنا انه قد فات كاتب المقال والرئيس لحود ان الملك عبد الله لم يحضر قمة الخرطوم اساسا فكيف تحدث الرئيس لحود وجاهيا مع الملك عبد الله في قمة الخرطوم؟!!
في المحصلة، إن أقل ما يمكن أن يقال في تلك المقالة المنشورة على لسان الرئيس لحود أنها مقالة حافلة بالادعاءات الفارغة وبالتحريف الكبير للوقائع، وهي الرواية التي تكذبها محاضر مجلس الوزراء المدونة عن اجتماعات مجلس الوزراء آنذاك. هذا فضلا عن أن تلك الادعاءات لا أساس لها من الصحة ولم تحصل إلا في ذهن كاتب المقال كما رواها على لسان الرئيس لحود سامحهما الله!”