ميسم رزق – الأخبار
خرجت «الجماعة الإسلاميّة» من الانتخابات النيابيّة بخسارةٍ كبيرة وبتداعيات أكبر على مستوى بنية التنظيم. خلافات إدارية. مراجعة نقدية. إعادة هيكلة لتعزيز الحضور. بوادر انقسام حول رؤية تطورات المنطقة
جناحان عادا إلى الظهور مؤخراً في «الجماعة الإسلامية». على وقع المشهد الإقليمي، وتحديداً ما يجري في سوريا، كِلا الجناحين خرج ليعبّر عن موقفه وفقاً لقياسه لهذا الحدث الإقليمي. هذا الانقسام في الرأي، الذي غالباً ما يبقى تحت سقف البيت الداخلي، والاحتكام إلى قرار القيادة العليا، ليسا المُستجدين الوحيدين اللذين تُعاني منهما «الجماعة» في لبنان. كغيرها من الأحزاب والتيارات السياسية. لم تمر الانتخابات النيابية بقانونها النسبي مرور الكرام على «إخوان لبنان»، وبلا كبير ضجيج، إلا في ما ندَر، لكن المعلومات تُشير إلى «بلبلة» مردّها إلى نتائج الانتخابات، التي استوجبت فتح باب المراجعة النقدية لكل المرحلة السابقة. زاد الطين بلة خلافات إدارية ــــ تنظيمية انفجرت مؤخراً عبر مواقع التواصل الاجتماعي!
حينَ قدم النائب السابق أسعد هرموش استقالته من رئاسة المكتب السياسي لـ«الجماعة» أراد أن يُطلق صفارة إنذار. هي المرّة الأولى التي تشهد فيها «الجماعة» مثل هذا الأسلوب «الفجّ»، لا بل المخالف حتماً لمبادئها القائمة على سرّية مداولات التنظيم الإخواني العريق. حصل ذلك قبلَ الانتخابات. أما بعدها، فقد تفاقمت الخلافات الداخلية، سواء على خلفية الانتخابات، أو على صعيد مقاربة ملفات سياسية داخلية أو خارجية، ومنها النظرة إلى حزب الله والأزمة السورية.
«نحنُ نشهد مراجعة نقدية لكل المرحلة السابقة، تأسيساً للمرحلة المقبلة، وبما يؤدي إلى تعزيز حضورنا السياسي والتنظيمي، بالإضافة إلى اتخاذ بعض التدابير التي لا بد منها»، على حدّ تعبير أحد القياديين في «الجماعة»، مشيراً إلى أن الانتخابات النيابية «أبرزت خللاً في الوضع التنظيمي يستوجب المعالجة».
وفيما شدد المسؤول الإعلامي لـ«الجماعة» وائل نجم على «المراجعة النقدية»، التزم الرجل مبدأ السرية، وقال لـ«الأخبار» إن «هذه المراجعة هي إجراء طبيعي، وأي اختلاف أو خلاف يبقى تحت سقف قرار القيادة». تقول أوساط قيادية في «الجماعة» إن أي انتخابات «تنتهي بإخفاق ما لا بدّ أن تخلق جواً من تبادل التهم والمسؤوليات»، هذا تحديداً ما حصل داخل صفوف «الجماعة»، الأمر الذي استوجب «إعادة تقييم الاستحقاق، إن على مستوى التحالفات أو النتائج». وحتى تاريخه، تقول الأوساط «لا نتيجة نهائية، لكن هناك بعض القرارات صدرت بحق أشخاص تبيّن أنهم مقصّرون في الانتخابات». الصوت التفضيلي في القانون الانتخابي أحرج بعض قواعد «الجماعة». على سبيل المثال لا الحصر، «فضّل بعض المنتمين إلى التنظيم التصويت في بعض الدوائر لمرشحين من نفس المنطقة أو القرية أو تربطهم بهم صلة ما، وذلك بدل التصويت لمرشحي التنظيم، وهذا ما استوجب صدور إجراءات فصل في حق ما يقارب 20 عضوا حتى الآن».
أما عن الخلاف بين الأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان عزام الأيوبي، والمهندس واصف المجذوب (عضو المكتب السياسي)، فتقول الأوساط نفسها إن سبب الخلاف «لا علاقة له بملف الانتخابات نهائياً. هناك تباين في وجهات النظر بشأن أمور إدارية، وتحديداً في جمعية التربية الإسلامية التابعة للتنظيم».
سابقاً، كانت «الجماعة» أحد أكبر المستفيدين والمنظّرين لما يسمى «الربيع العربي». اليوم باتت تقف موقف المراقب. غير أن تبدّل المعطيات الميدانية في سوريا وقبلها العراق، جدّد نقاشا لا بد منه حول الانفتاح على حزب الله وإيران!
بالنسبة إلى حزب الله، تقول الأوساط في «الجماعة»، إن اللقاءات التي كانت تعقد سابقاً توقفت نهائياً، بسبب مسارات الوضع في سوريا. الأكيد أن «لا لقاءات حالياً بين الطرفين ولا حتى تمهيد لأي لقاء قريب». لكن ذلك لا يلغي «أن ثمة أصواتاً تدعو الى حوار منطقي تشارك فيه جميع الأطراف من أجل قراءة وضع المنطقة وتداعيات ما يحصل على الساحة الإسلامية». تختم بالقول «نتقاطع مع حزب الله في الكثير من العناوين الاستراتيجية، ونختلف في الملف السوري. ولأن المشهد ما زال على ما هو عليه، فإن توجّهنا باق كما هو في هذه المرحلة».