أكد رئيس حزب الحوار الوطني النائب فؤاد مخزومي أنه لا يخطط للتحالف مع أي كتلة في البرلمان بل سيعمل على تشكيل كتلة اقتصادية تشجع على جذب الاستثمارات إلى بلدنا. ولفت إلى أن حزب الله لاعب مهم في البلد ودوره أصبح إقليمياً وليس محلياً فحسب، وهو واقع لا بد أن نعترف به لأنه شريك أساسي في إرساء صيغة العيش المشترك. وأشار إلى أنه يتطلع لأن يكون أحد الزعماء السنة ولكن ليس الزعيم السني الوحيد، معتبراً أنه من الخطأ الاستمرار في اعتماد سياسة مفادها أنه “يجب أن يكون هناك زعيم سني واحد وإلا سيؤدي ذلك إلى إضعاف السنة”. وأشار إلى أن المادة 49 من الموازنة والمتعلقة بمنح الأجانب حق الإقامة الدائمة في لبنان هي مجرد وسيلة لإعادة السوريين من أوروبا إلى لبنان لأن وجودهم هنالك مكلف للحكومات الأوروبية. وأكد أننا نعتمد على الشباب لتحقيق التغيير المنشود في ظل انتخاب وجوه جديدة لديها نهج مختلف سيشكل نقطة البداية نحو مسيرة التغيير.
كلام مخزومي جاء خلال مقابلة مع قناة “الجزيرة” الإنكليزية لفت فيها إلى أن عملية التحول السياسي في لبنان بدأت في العام 1820 مع قيام نوع من الحكم الذاتي في ظل السلطنة العثمانية التي كانت تفرض قانوناً سياسياً – دينياً للسيطرة على البلاد، إذ وقع حينها مواجهات شرسة وحروب استمرت حوالى عشرين سنة إلى أن قررت القوى الإقليمية وضع حد لتلك المواجهات.
واعتبر أن لبنان يشكل حالة خاصة في المنطقة منذ عشرينيات القرن التاسع عشر بسبب التواجد المسيحي فيه والذي انعكس بشكل إيجابي على مجتمعنا، لكن دائماً ما يكون هنالك محاولات لإخلال التوازن القائم بين الطوائف مما يؤدي إلى تدمير ما نكون قد عملنا على بنائه طوال عشرين سنة. وأضاف أنه في المرحلة التي تلت سقوط السلطنة العثمانية والحرب العالمية الأولى، كان يُنظر إلى لبنان على أنه منطقة مسيحية لأن الفرنسيين قالوا في العام 1926 إن عدد المسيحيين يفوق عدد المسلمين في البلاد، لكن هذا الأمر لم يجر التأكد منه. وأردف: نال لبنان استقلاله في العام 1943، وفي العام 1958 تغير الحكم في العراق، واندلعت الحرب الأهلية في لبنان في العام 1975، وبالتالي يمكن القول إن لبنان كان تحت النفوذ المسيحي في الفترة الممتدة بين عامي 1943 و1958، ثم خضع للمعادلة المصرية – السورية في الفترة الممتدة بين عامي 1958 إلى 1970، وبعد ذلك حاولت الميليشيات السيطرة على البلاد. ثم جاءت مرحلة اتفاق الطائف منذ العام 1989 وحتى العام 2005 حين كان لبنان تحت سيطرة النفوذ السني، ومنذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري حتى الآن نعيش مرحلة السيطرة الشيعية. واعتبر أننا لم نتمكن خلال الـ 200 سنة الماضية من إنشاء نظام مؤسساتي أو حكومي نستطيع أن نتعايش فيه معاً. ففي عهد الوصاية السورية، أرسي مبدأ المحاصصة بين المجموعات الدينية وتحول لبنان الذي كان ينظر إليه على أنه نظام ديمقراطي، إلى حكم “ترويكا” بين رؤساء الجمهورية والنواب والحكومة تحت إشراف سوري. ولفت إلى أن المحاصصة تكمن اليوم بين 6 أطراف هم “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” و”تيار المستقبل” والنائب وليد جنبلاط والثنائي الشيعي، مشيراً إلى أن هذه القوى كانت تحاول إعادة ترتيب أوضاعها في البرلمان. وأكد أنه لا يوجد تقاسم حقيقي للسلطة، بل محاولات من قبل ستة قادة لضمان تلبية مصالحهم السياسية واستمرارية عمل النظام بما يتناسب مع تلك المصالح، مشيراً إلى أن هذا الأمر دفعه للترشح إلى الانتخابات.
ولفت إلى أن أداء الطبقة السياسية خلال الـ25 سنة الماضية لم يكن على قدر تطلعاتنا وقد حمّلنا التدخل السوري مسؤولية ذلك، معتبراً أنه لا يمكن إلقاء اللوم على أي طرف خارجي لأن الطبقة الحاكمة هي المسؤولة عما آلت إليه الأمور. وأشار إلى تراجع معدل النمو من 7% إلى 1%، وارتفاع الدين العام من 40 إلى 80 مليار دولار، هذا من دون أن نحتسب المبالغ المستحقة للمؤسسات داخل الدولة بما في ذلك على سبيل المثال صندوق الضمان الاجتماعي لأنه بذلك سيلامس الـ 138 مليار. ولفت إلى أن 70% من الشباب يسعون للهجرة لأنهم يعتبرون أن البقاء في لبنان لا يمكّنهم من تأمين مستقبل جيد لهم. وأشار إلى أن الاقتصاد يخضع لسلطة السياسيين الذين يحاولون الاستفادة منه لتحقيق مصالحهم، لافتاً إلى دراسة نشرت في “نيويورك تايمز” تشير إلى أن حوالى 9340 شخص في لبنان، أي أقل من 1% من عدد السكان يتحكمون بـ48% من الأصول، و25% من الإيرادات السنوية. وتساءل لماذا يحقق اللبناني النجاحات في الخارج ولكنه يواجه صعوبات حين يعود إلى بلده الأم؟
وتابع: ينظر الناس إلى السلطة التنفيذية على أنها فاسدة، لكنني أرى أن هنالك جهات أخرى شريكة في الفساد أيضاً حيث تحوّل تقاسم السلطة إلى ربح اقتصادي لها. وقال إن مجلس النواب عندما يقرر ترسية احد المشاريع بكلفة أكبر من كلفتها الحقيقية فإنه بذلك يشرع الفساد، خصوصاً عندما يبرم وزير معين اتفاقاً مع إحدى الشركات فهذا يعني أن هنالك تقاسم للأرباح يمرَر ضمن الموازنة التي يقرها البرلمان الذي يمثل الشعب. ولفت إلى أن تقاسم السلطة هو في الواقع تقاسم للأرباح والمشاريع وسبب رئيسي في ارتفاع نسبة البطالة التي بلغت 46% بحسب ما أعلنه الرئيس ميشال عون مؤخراً. وأكد أنه سيعمل على إيقاف هذه الممارسات كي لا يبقى الفساد مستشرياً، مشيراً إلى أن الطبقة السياسية أقرت الموازنة على عجل لكي تبرر ضخامة مصاريف مؤتمر “سيدر”، ناهيك عن الهندسات المالية. وأشار إلى أن الطبقة الحاكمة استثمرت أموال من جيوب اللبنانيين واستفادت منها بعد الحرب. ولفت إلى حصول أعمال شغب في أيار 1992 سيطرت عليها قوى الأمن الداخلي في حكومة الرئيس عمر كرامي الذي أعلن استقالته بعد يومين. وأشار إلى أن الدين العام حينها كان يبلغ ملياري دولار فقط، وكان سعر صرف الليرة مقابل الدولار 800 ليرة، لافتاً إلى ارتفاع سعر صرف الليرة من 800 إلى 2800 من دون أي سبب.
وفي معرض الحديث عن دور حزب الله محلياً وإقليمياً، لفت مخزومي إلى أن الحزب هو القوة المسيطرة حالياً والجميع ينسق معه فيما تسعى الدول الإقليمية لمواجهته. وأكد أن الحزب لاعب مهم في البلد وهو واقع لا بدّ أن نعترف به لأنه شريك أساسي في إرساء صيغة العيش المشترك، خصوصاً أن له ولـ”حركة أمل” 27 مقعداً في البرلمان. وأضاف: منذ العام 2005 تظهر شبه استحالة لملء المناصب الشاغرة في البلاد من دون موافقة حزب الله، هذا الأمر أصبح أمر واقع وعلى السياسيين أن يتعاملوا معه. وأشار إلى أن حزب الله لعب دوراً أساسياً مع شركائه كـ “التيار الوطني الحر” والنائب سليمان فرنجية والوزير عبد الرحيم مراد وغيرهم في إنجاز التسوية التي أوصلت الرئيس ميشال عون إلى قصر بعبدا، وباتوا يشكلون الغالبية في البرلمان. وأعرب عن اعتقاده أن الحزب سيصرّ على تولي الحريري رئاسة الحكومة، لافتاً إلى أننا إذا أردنا طرح بديل عن حزب الله يجب أن نقدم طروحات سياسية واقتصادية واجتماعية تساعد على تحسين الوضع القائم وتلبي الحاجات الأساسية للمواطنين. وأكد أنه ضد تدخل الحزب في الشؤون الإقليمية، لافتاً إلى أن تدخل السنة والشيعة في الحرب السورية خطأ لا نستطيع تحمل تبعاته. وتابع: رغم كل ذلك اعترفت كل الحكومات منذ العام 2005 وحتى اليوم بسلاح حزب الله، وهذه من المسائل التي يتعين على الحريري معالجتها لأن هذه المسألة من شأنها أن تؤخر تشكيل الحكومة. ودعا إلى الإسراع في تشكيل الحكومة في ظل التوترات الإقليمية والمخاطر التي تحدق بلبنان.
وشدد على ضرورة أن تكون العاصمة بيروت مدينة خالية من أي سلاح باستثناء سلاح الجيش، معتبراً أنه لا يمكن لبلدنا أن يكون مركزاً للاستثمار في ظل وجود سلاح غير سلاح الجيش.
وتحدث عن وجود سفراء أميركا وبريطانيا وفرنسا والكويت ومصر وعمان في إفطار السفارة السعودية، معتبراً أنهم يشكلون محوراً في وجه إيران. ولفت إلى أن كثيرين من قادة الدول الغربية يعرفون لبنان ولديهم أصدقاء هنا، مشدداً على ضرورة حصول التغيير من أجل جذب المستثمرين واستقطاب المزيد من الاستثمارات.
وتحدث عن الواجهة البحرية لمدينة بيروت، لافتاً إلى أنها لم تعد تخضع لمسؤولية البلدية بل أصبحت تابعة لوزارة الأشغال المحسوبة على إحدى الجهات السياسية. وأشار إلى وجود مسبح شعبي واحد فقط في بيروت وهو شاطئ الرملة البيضاء الذي بيع بشكل غير قانوني للحريري، لافتاً إلى أن البلدية تسعى اليوم لإعادة استملاكه عبر دفع 10 أضعاف المبلغ رغم أنه لا يمكنها البناء عليه. وأشار إلى أنه ممثَل في بلدية بيروت بالسيدة هدى الأسطة قصقص التي حاولت تطوير المكننة في البلدية واقترحت تحويلها إلى بلدية الكترونية بهدف تقليص الفساد بنسبة 70% إلا أن معظم الكتل رفضت الأمر.
ولفت إلى أن المشكلة الأساسية في نظامنا السياسي هي أن السياسيين هم من يعينون رؤساء اللجان الرقابية والمصرفية والبلديات، متسائلاً عن دور الرقابة والمحاسبة في هذا الإطار.
وأشار إلى دخول 97 وجه جديد إلى البرلمان من بينهم 25 من رجال الأعمال، آملاً في أن يتم تشكيل كتلة اقتصادية تساهم في استقطاب المال إلى بلدنا.
وفي رد على سؤال حول عدم مشاركة حوالى 50% من المقترعين في الانتخابات النيابية، قال مخزومي: ألتقي قطاع الشباب في حزب الحوار الوطني أسبوعياً والجميع يطرح السؤال نفسه “هل لدينا مستقبل في لبنان؟ هل نبقى في بلدنا؟” ولفت إلى أن المواطنين لم يدركوا أهمية القانون الانتخابي الجديد، وهم كانوا يعتقدون أن تصويتهم لن يحدث فرقاً وأنه سيتم إعادة انتخاب نفس الأشخاص، لكن هذا ليس صحيحاً بدليل أن نسبة النواب الجدد في المجلس حوالي 20% وكان من المفترض أن تكون أكبر. وتابع: أكد مرشحون على لائحة “لبنان حرزان” أنهم حصلوا على عدد أكبر من عدد الأصوات المعلن عنه بعد الفرز. وقال: سرت إشاعات عن خسارة مرشحين إضافيين على لائحة “تيار المستقبل”، وانتشرت مقاطع فيديو تظهر التدخلات في العملية الانتخابية. ولفت إلى أن المشرفين على سير العملية الانتخابية تم تعيينهم من قبل وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي كان مرشحاً للانتخابات، والذي أساء استغلال سلطته في هذا الإطار. وأشار إلى أنه تمكنّ من الخرق رغم الحملات التي كانت تشن ضده لأن الشعب سئم من الوضع القائم وقال كلمته إما عبر الامتناع عن التصويت، وإما عبر التصويت لوجوه جديدة.
وأشار إلى أن مؤسساته تقدم المساعدات والمعونات للمواطنين منذ العام 1996 ولم تفعل ذلك قبل عام واحد من الانتخابات كما فعل آخرون، لافتاً إلى المساعدات التي تقدم من خلال معاهد التدريب المهني والمراكز الصحية وبرامج القروض الصغيرة وغيرها، شبيهة بما كان يفعل الرئيس الراحل رفيق الحريري.
وتحدث عن مصنعه الذي أقفل في عكار بقرار سياسي عندما رفض أن يكون طرفاً مع قوى “8 و14 آذار”. وتحدث أيضاً عن محاولات إيقاف العمل في القرية الرمضانية في فردان التي تقدم فيها وجبات الإفطار للصائمين من المناطق كافة، واصفاً هذه المحاولات بـ”الزبائنية”. وأشار إلى أن صندوق عائشة مخزومي المخصص لتقديم الخدمات الاجتماعية والطبية، مؤكداً أنه مشروع قائم منذ العام 2009 ومستمر حتى اليوم، لافتاً إلى أنه أطلق القرية الرمضانية بعد وفاة نجله رامي في العام 2011. وقال: أرادوا أن أستخدم أسلوب الزبائنية التي يمارسونها منذ عقود، لكنني لم أستجب إلى اللغة التي استخدموها لمهاجمتي خلال الانتخابات، خصوصاً أنني تعرضت للحملة نفسها التي استخدمها السوريون ضد الشهيد رفيق الحريري عام 2000.
وأشار إلى أن الحريري كان مدعوماً من السعودية قبل تولي الملك سلمان الحكم، لكن سياسة المملكة اليوم تركز بشكل أساسي على السعودية نفسها ولهذا لا يدعمه أحد. ولفت إلى أن الوزير نهاد المشنوق أعلن بنفسه عبر صفحته الرسمية أنه لا يتلقى تعليماته من الحريري. وقال: في بداية تولي المشنوق وزارة الداخلية، كانت تربطه بحزب الله علاقات جيدة بدليل أنه دعا مسؤول لجنة الارتباط والتنسيق المركزية في الحزب وفيق صفا إلى حضور ما يعرف بالمجلس الأمني في الوزارة. وعبّر عن اعتقاده أن المشنوق لن يكون موجوداً في التشكيلة الحكومية الجديدة بعد ما سمعناه مؤخراً من تيار المستقبل. وأكد أن تعاون الأفرقاء كافة كفيل بأن يحض العالم على مساعدة لبنان ودعمه، مشيراً إلى أننا منذ أيام الوصاية السورية نلجأ إلى الدول الأجنبية من أجل تحقيق التغيير في الداخل. وأردف: معظم السياسيين اللبنانيين مدعومون من الخارج، فحين يزور رئيس أو وزير دولة أجنبية لبنان، فهو يزور سياسيين محددين دون غيرهم لأنهم حلفاؤه.
وفي معرض الحديث عن اللقاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قال مخزومي: هل تعتقدون حقاً أن بوتين بحاجة لمن يرتب لقاءاته؟ إذا أردت الرد على كل ما تنشره وسائل الإعلام فسأقضي حياتي كلها وأنا أفعل ذلك. لقد حصل اللقاء مع بوتين في مؤتمر سان بطرسبورغ حيث كنت أجلس مع المرشح للرئاسة الفرنسية فرنسوا فيون ورئيس الحكومة الإيطالية رومانو برودي وأخبراني أنهما سيلتقيان بوتين واقترحا عليّ مرافقتهما.
وتحدث عن علاقاته الدولية وتحديداً مع بريطانيا، فقال: يعرف الجميع أن بريطانيا هي البلد الأقل تأثيراً في لبنان، فهي ساعدته فقط في عهد رئيس الحكومة جون مايجور في العام 1994 من خلال أربع سفن تقوم بدوريات على الحدود وتساعد قوى الأمن الداخلي وهي لم تظهر أي اهتمام تجاه لبنان. وأعرب عن شعوره بالالتزام تجاه بريطانيا التي عاش فيها فترة من الزمن حيث أنجبت زوجته السيدة مي مخزومي أولاده. وقال: أنا مسرور لتمكني من تقديم مساهمات في البلد الذي فتح أبوابه لي ولعائلتي خلال الحرب الأهلية في لبنان.
ووصف علاقاته مع دول الخليج العربي بأنها “جيدة جداً” فقال: أعمل في الخليج منذ العام 1975 ورغم ذلك بقيت عائلة الحريري الخيار الأول للسعودية في لبنان، ونحن نعرف أن السعودية هي اللاعب الأول في بلدنا. وجدد التذكير بموقفه الداعم للحريري عندما أعلن استقالته من السعودية وتشديده على أن الاستقالة يجب أن تحصل في لبنان وليس في الرياض. وعبّر عن فخره بأنه لبناني، لافتاً إلى تهنئة جميع أصدقائه العرب والأجانب له بعد فوزه في الانتخابات النيابية.
وأشار إلى أن خمسين عاماً من الإدارة في خمسين شركة حول العالم كانت كفيلة بأن تجعله يدرك أهمية الفصل بين استثماراته ومصالحه الخاصة والعمل السياسي.
وتحدث عن ملف النفط والغاز فأشار إلى أنه وضع الملف في دائرة الإهتمام بعد دعوة المبعوث الأميركي الخاص لشؤون النفط أموس هوكستين إلى لبنان من قبل منتدى الحوار الوطني في العام 2016. ولفت إلى أن أسعار النفط الآن ليست بأفضل أحوالها، ومن الضروري الإسراع في استخراجه وإبرام العقود رغم العوائق التي يواجهها لبنان في هذا الإطار وخصوصاً في ما يتعلق بالبلوكين 9 و10 والادعاءات الإسرائيلية حول ملكيتهما. وتساءل لماذا علينا العمل على البلوكات العشر في الوقت نفسه، في حين أنه من الأفضل العمل عليها بلوكاً تلو الآخر. ولفت إلى أننا نتجاهل جيراننا السوريين بما أن حكومتنا لا ترغب في التعاطي مع الحكومة السورية لكن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر إلى الأبد، داعياً إلى إنشاء صندوق سيادي وتأسيس شركة نفط وطنية.
وأشار إلى أنه أسس شركة أمن المستقبل ومن ثم مصنع أنابيب المستقبل في عكار الذي كان يؤمن فرص عمل لحوالى ألف شخص، لافتاً إلى أنه رفض التعامل مع الحكومة لأنه غير مقتنع بأساليبها المتبعة في ترسية العقود. وقال: للأسف، لم يعطونا الفرصة لمساعدة الاقتصاد والبنى التحتية في عكار كشركة محلية، ولكنهم يذهبون إلى مؤتمر “سيدر” من أجل الاستدانة.
ولفت إلى أن المادة 49 من الموازنة والمتعلقة بمنح الأجانب حق الإقامة الدائمة في لبنان هي مجرد وسيلة لإعادة السوريين من أوروبا إلى لبنان لأن وجودهم هناك مكلف للحكومات الأوروبية. واعتبر أن هذا الأمر يقونن عمالة السوريين في لبنان، في وقت يعجز فيه شبابنا عن إيجاد وظائف لائقة ويسعون للهجرة بحثًاً عن فرص عمل أفضل. وتابع: يرفضون السماح للمرأة اللبنانية بمنح جنسيتها لأولادها بحجة توطين الفلسطينيين، لكنهم في الوقت نفسه يمنحون الجنسية لكثير من السوريين.
وفي رد على سؤال حول التحالف مع كتلة معينة في مجلس النواب، أكد مخزومي أنه لا يخطط للتحالف مع أي طرف، لكنه أشار إلى وجود الكثير من الأشخاص الذين يشبهونه في تطلعاته والذين ينتمون إلى فئة الصناعيين ورجال الأعمال ممن نجحوا في الخارج والداخل والذين لا مصلحة لديهم مع الدولة، وهم يملكون رؤية اقتصادية تساهم في تحسين وضع البلد. وشدد على أن هؤلاء النواب سيضعون مشاكل المواطنين اليومية كملفات الكهرباء والمستشفيات والنفايات وغيرها في مقدمة أولوياتهم.
وأشار إلى أنه يتطلع لأن يكون أحد الزعماء السنة ولكن ليس الزعيم السني الوحيد، معتبراً أنه من الخطأ الاستمرار في اعتماد السياسة التي اتبعت منذ العام 1992 حتى العام 2016 ومفادها أنه “يجب أن يكون هناك زعيم سني واحد وإلا سيؤدي ذلك إلى إضعاف السنة”. وتابع: لو صحت هذه المقولة، فلماذا لم يتجاوز عديد موظفي الدولة من بيروت بعد اتفاق الطائف الـ13 في المئة؟ هذا عدا عن أن معظم أهل بيروت يقيمون اليوم خارجها، و8% فقط منهم يقيمون فيها. وأضاف: إن أرادوا تبني شعار أنه يجب أن يكون هناك “زعيم سني واحد”، فأنا كسنّي أؤكد أنني لم أستفد شيئاً من الحصرية في الزعامة السنية، بل على العكس من ذلك فإن تعدد الزعامات أمر صحي ويعطى السنّة المزيد من الخيارات. وأردف: يحاولون منذ العام 1992 تحويل العاصمة بيروت إلى مشروع عقاري، مما دفع البيروتيين إلى ترك مدينتهم والسكن في مناطق أخرى لا يصوتون فيها، ومع ذلك لم يقم أحد بحمايتهم أو المطالبة بحقوقهم في هذا الإطار. ورد على كلام الوزير المشنوق الذي ورد في أحد خطاباته عندما قال: “لماذا تلومننا على ذلك، كل عواصم العالم تضم سكاناً من كافة أنحاء البلاد”، فقال مخزومي: بيروت ليست دبي أو لندن أو باريس.
ولفت إلى أن تيار المستقبل يعتمد استراتيجية تضعف السنّة، مشيراً إلى أنه يختلف معه حيال هذه الاستراتيجية، ومعبّراً عن اعتقاده أن هذه كانت إحدى الاسباب التي دفعت الناس إلى التصويت له. وقال: لم تبرز معارضة سنية في لبنان منذ العام 1992، أما اليوم فلدينا 10 شخصيات سنية من خارج عباءة الحريري كفؤاد مخزومي والرئيس نجيب ميقاتي. السؤال اليوم “هل سيعترف تيار المستقبل أنه لم يعد ممثل الزعامة السنية الوحيد في لبنان”؟ إذا كانوا مستعدين للتواصل معنا سنكون سعداء بذلك وسنعمل من أجل مصلحة بيروت وطرابلس والمدن الأخرى كافة، ولكن إذا تصرفوا كأنهم لا يروننا فسنكون في المعارضة. ولفت إلى أن المواطنين وجهوا رسالة لقدامى النواب بأنهم يريدون شخصيات جديدة تمثلهم وذلك عبر التصويت لنواب جدد، مؤكداً أنه سيوظف خبرته الواسعة في العمل مع الناس وسيحاول بناء قيادة بديلة، لكنه أكد أن هذا لا يعني أن في ذلك محاولة لإضعاف مكانة السنّة في لبنان.
وأشار إلى أن القانون النسبي أجبره على الترشح عن المقعد السني رغم أنه ضد هذا القانون، مشدداً على ضرورة القضاء على النظام الطائفي والفصل بين الدين والدولة. وأشار إلى أننا نعاني من غياب مؤسسات الدولة بسبب سعي بعض المجموعات لأن تكون هي في السلطة، لافتاً إلى أن الدستور نص على أن يبنى النظام الانتخابي على أساس قانون نسبي على مستوى لبنان دائرة واحدة وهذا أمر لم ينفذ. واعتبر أن إلغاء النظام الطائفي أمر لا يريد أحد تطبيقه لأن زعماء الطوائف سيفقدون سيطرتهم على البلاد، داعياً إلى خفض سن الاقتراع إلى 18 عاماً والسماح للعسكريين بالمشاركة في الانتخابات. وشدد على ضرورة القيام بهذه التعديلات من أجل حصول التغيير واستقطاب الاستثمارات.
وقال: كان لبنان نموذجاً للعيش المشترك ولكننا تخلينا عنه في وقت يسعى الكثير من العرب لتحقيق ذلك، يجب أن نتمسك بهذا النموذج وأنا كمسلم سأصر على أن يبقى رئيس الجمهورية مسيحي لأن هذا ما يميز لبنان، ومن دون هذا التنوع لن يكون هناك أي رئيس مسيحي في الجامعة العربية يدافع عن قضايا العرب. وتابع: لا أريد أن ينتخبني الناس لمجرد كوني سني أو شيعي ويجب أن نضع هذا النظام الطائفي وراءنا. لا يمكن شراء لبنان فهو غال جداً، لكن للأسف فإن بعض السياسيين يبدلون مواقفهم بين الحين والآخر. فقد رأينا البعض ممن انتخبوا أو اختيروا من قبل النظام السوري قبل العام 2005 كيف انقلبوا عليه لاحقاً. وشاهدنا الأمر نفسه بعد زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى لبنان في العام 2010. وكذلك في العام 2011 عند سقوط حكومة الحريري.
وختم بالقول: نعتمد على الشباب لتحقيق التغيير المنشود في ظل انتخاب وجوه جديدة لديها نهج مختلف سيشكل نقطة البداية نحو مسيرة التغيير.
(*) مقابلة النائب فؤاد مخزومي مع قناة “الجزيرة الإنكليزية”.