فمنذ بداية شهر آب الماضي، ألزمت الحكومة السورية بموجب المرسوم رقم "46" تاريخ 8 تموز 2020، مواطنيها الذين يريدون الدخول إلى بلادهم، تصريف مبلغ 100 دولار على أساس سعر الصرف الرسمي، الذي يحدده مصرف سورية المركزي، وهو غالبا يبلغ نصف سعر الصرف في السوق السوداء.
ويتلخص المشهد عند معبري "العريضة" و"جديدة يابوس" في شمال شرق لبنان، بأنّ العالقين هم أسر ونساء وأطفال، كانوا يعيشون في لبنان وساءت ظروفهم المادية بسبب الأزمات المتعاقبة أبرزها تفجير مرفأ بيروت في 4 آل الماضي، وازدياد معدلات البطالة والفقر بسبب تراجع قيمة الليرة اللبنانية أمام الدولار.
استخفاف سوري وصمت لبناني
وكان مدير إدارة الهجرة والجوازات السوري ناجي النمير، قد قال في تصريح لإذاعة محلية، الخميس الماضي، إنّ "التعليمات توجب إعادة من لا يملك الـ100 دولار من حيث أتى، إلا أن الجانب اللبناني لا يقبل رجوع السوريين، وبالتالي فإن السوري الذي لا يملك المبلغ المطلوب يكون أمام خيار واحد هو الاتصال بأحد ذويه أو أصدقائه ليحضر له الـ100 دولار، فيقوم بتصريفها ومن ثم الدخول إلى بلده".
وأضاف النمير أنّ "السوري الذي لا يسمح له بالدخول، اسمه عالق، أي يبقى على الحدود يمارس حياته كالمعتاد، ويتناول طعامه وشرابه".
وتسبب كلام الأخير موجة من الغضب لدى السوريين، الذين اعتبروا أنّ هذا المبلغ بمثابة "رشوة قانونية"، ولا يمكن فرضه على المواطن الذي فقد جميع حقوقه الإنسانية داخل بلاده وخارجها، على حد تعبيرهم.
المبلغ بالدولار حصراً
وعلم موقع "الحرة" أنّ على العابرين تسليم المبلغ المطلوب بالدولار الأميركي حصراً علماً أنّ المرسوم الوزاري نصّ على دفع المبلغ بما يعادله بالعملات الأجنبية الأخرى، وذلك للمفرزة الحدودية، التي تسلمهم بدورها إيصال قبض مدة صلاحيته 6 ساعات فقط.
إطلاق النار على من يحاول الدخول
وكشفت مصادر لموقع "الحرة" أنّ السوريين العالقين يفترشون الطرقات وليس لديهم ما يكفي من شراب وطعام، وهناك مبنى قديم مهجور يبات فيه بعض النساء ليلاً"، مؤكدة أنّه "سجلت محاولات دخول خلسة عبر معبر جديدة يابوس، إلا أنّ الجيش السوري اطلق نيران تحذيرية لإبعادهم وإجبارهم على العودة، وكأنهم مهاجرون غير شرعيين".
"جوازك لا يسمح لك بالدخول حتى إلى سوريا"
وفي هذا السياق، قالت (د.ح)، شابة سورية ذهبت إلى بلادها بسبب الغلاء المعيشي في لبنان تاركة شقيقتها الأصغر منها سنّا في بيروت، في حديث لموقع "الحرة": "ليس لشقيقتي ما يكفي لتأكل وجبة واحدة في اليوم ، فقد توقف عملها منذ أسبوعين".
وأضافت (د.ح) أنّ "المعيشة في بيروت غالية، والأسعار ترتفع، كيف نعيدها وليس معي وعائلتي نصف المبلغ المطلوب حتى"، سائلةً: "هل يعقل أنّ الجواز السوري لم يعد حتى يعيدنا إلى بلدنا، لماذا كل هذا الذل؟".
كما قال الشاب بشار أحمد (كان يعمل باحدى المطاعم اللبنانية)، في حديث لموقع "الحرة"، إنّ "العسكرية (الخدمة العسكرية الإلزامية) لم تعد هي السبب الوحيد لعدم العودة، من أين نأتي بالمية دولار وهي ليست بحوزة اللبناني؟".
دور المفوضية العليا لشؤون اللاجئين
وفي سياق متصل، أوضحت المحامية نانسي المولى، في حديث لموقع "الحرة"، أنّ "المفوضية العليا للاجئين لا تتدخل في حال كان اللاجئ عائداً إلى البلد الذي فرّ منها نتيجة اضطهاد معيّن"، لافتة إلى أنّه "على سبيل الاستطراد، المساعدات التي تقدمها المفوضية للاجئين المسجلين لديها لا تصل قيمتها إلى المبلغ المطلوب".