مرحلة ما بعد دياب على نار حامية... نواف سلام أولى الاسماء على الطاولة والعيون على موعد الاستشارات

مرحلة ما بعد دياب على نار حامية... نواف سلام أولى الاسماء على الطاولة والعيون على موعد الاستشارات
مرحلة ما بعد دياب على نار حامية... نواف سلام أولى الاسماء على الطاولة والعيون على موعد الاستشارات
بعد 198 يوماً على تشكيل ما عرف بـ"حكومة العهد الأولى" أعلن رئيسها حسان دياب استقالته من منصبه، على اثر الانفجار المدوي الذي هزّ العاصمة وادى الى مقتل ما لا يقل عن 200 شخص وجرح أكثر من 5000. 
وعلى الرغم من ان الرئيس دياب تمسك بحكومته حتى اللحظة الأخيرة، الاّ ان الغطاء السياسي الذي أدى الى تكليفه هو نفسه أدى الى استقالته بعد أن رفع عنه، وبعد وصول عدد الوزراء المستقيلين والملوحين بالاستقالة إلى سبعة الذي كان من شأنه أن يجعل الحكومة مستقيلة قانونيا لفقدانها ثلث وزرائها، بالإضافة إلى إصرار رئيس مجلس النواب نبيه بري على عقد جلسة مساءلة للحكومة حول انفجار بيروت الأخير، ما جعل دياب في موقف حرج أمام وزرائه الذين رفضوا المثول "مذنبين" أمام البرلمان.
ونقل عن مصادر متابعة للاتصالات لـ"الشرق الأوسط"  التي قادها مدير الأمن العام اللواء عباس إبراهيم قولها إن دياب انتظر عودة اللواء إبراهيم من عين التينة ليحسم قراره لكن رئيس البرلمان بقي مصرا على جلسة المساءلة وهو ما رفضه الوزراء فكان أن اتخذ قرار استقالة الحكومة.
السيناريو جاهز
وبحسب المعلومات المتداولة، فان السيناريو ان كان حاضرا وينتظر التوقيت المناسب. جاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ليمعن أكثر في تهميش دور هذه الحكومة، جامعا الأقطاب الثمانية، وطالبا منهم التوافق على حكومة وحدة وطنية. كان لا بدّ لدياب من ردّ الصاع الى من يجلسون معه على الطاولة ويعدّون خطة ذبحه في الوقت عينه. رمى قنبلة الانتخابات النيابية المبكرة، فانفجرت في وجهه بعدما اتخذ الرئيس نبيه بري، منفرداً، ومن دون التشاور مع حلفائه، قرار سوق الحكومة الى مذبح مجلس النواب، لـ"مساءلتها" يوم الخميس المقبل. في المقابل، تردد امس أن رئيس المجلس قرر هذه الخطوة، كحل وسط بينه وبين رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، اللذين أرضاهما إسقاط الحكومة فدفنا فكرة الاستقالة من البرلمان وإفقاده "ميثاقيته". أمام هذا الواقع، معطوفاً على بدء تفكك "مجموعة حسان دياب" في مجلس الوزراء، تقدّم رئيس الحكومة باستقالته، أمس معلنا أن "منظومة الفساد أكبر من الدولة (…) حاولوا تحميل الحكومة مسؤولية الانهيار والدين العام. فعلا، اللي استحوا ماتوا".

ضربة قوية
ووصفت مصادر سياسية استقالة حكومة دياب بانها ضربة قوية لحزب الله وحليفه الرئيس ميشال عون اللذين حاولا تجاوز التوازانات السياسية في البلاد واحكام قبضتهما بالقوة والحاق لبنان قسرا بسياسة المحاور والتحالفات، والانحياز لايران والاستمرار في استعداء الدول العربية خلافا لارادة وتوجهات معظم اللبنانيين.
واعتبرت ان حزب الله يتحمل مسؤولية تاليف حكومة دياب اكثر من غيره من القوى المتحالفة معه لانه يعلم سلفا أنها لن تستطيع القيام بالمهام الجسيمة المطلوبة منها ولا في مقاربة الحلول للازمة المالية والاقتصادية التي يواجهها لبنان اولا لافتقارها للحد الادنى من الخبرة التقنية والممارسة السياسية من جهة وثانيا لاستمرار الحزب في سياسية استعمال لبنان كساحة من ساحات الصراع الاميركي الايراني،الامر الذي زاد من صعوبة مهمة الحكومة للقيام بمهماتها وعدم قدرتها على مواجهة تداعيات هذه المواجهة، ما زاد في حدة للازمة بدلا من المباشرة بوضع الحلول الممكنة لها.
واشارت المصادر إلى ان الحكومة لم تستطع تقديم اي مؤشر إيجابي ناجح منذ تاليفها، وقد اظهرت فشلا ذريعا في مقاربة ابسط الملفات والمواضيع والمشاكل ان كان بالملف المالي او الاقتصادي أو الكهرباء اوالطاقة وغيرها، وكان المواطنون يستفيقون كل صباح على مشكلة جديدة وغير محسوبة، ناهيك عن التدهور المريع في صرف سعر الليرة اللبنانية، في حين كان حزب الله يدعم هذه الحكومة ويفرض وجودها خلافا لارادة معظم اللبنانيين، ما أدى الى انحدار مريع للوضع الاقتصادي والمعيشي للبنانيين لم يسبق له مثيل من قبل. وبالرغم من كل هذه الإحاطة القوية والمحكمة من قبل الحزب للحكومة، الا انها سقطت بشكل مريع وسقطت معها كل محاولات الهيمنة والتسلط على لبنان.
يبقى أنّ سقوطه أتى في أبعاده السياسية بمثابة "المسمار" الذي دُقّ في نعش العهد العوني، وفق تعبير مصادر معارضة لـ"نداء الوطن"، موضحةً أنّ الرئيس ميشال عون خسر عملياً باستقالة "حكومة العهد الأولى"، كما لطالما كان يصفها، "خط الدفاع" الحكومي عنه فبات اليوم أشبه بعهد "لتصريف الأعمال" خسر كل رهاناته الرئاسية والسياسية والشعبية ولم يعد أمامه سوى محاولة السعي إلى تحسين شروطه على طاولة المفاوضات لضمان استكمال ولايته وتأمين خروج لائق له في نهايتها. وأمام هذا الواقع، ارتسمت خلال الساعات الأخيرة علامات الاستفهام في أفق المشهد المستجد، لتتركز في جوهرها حول سؤال محوري وحيد: كيف سيرد عون؟
الاستشارات متى؟
الورقة الوحيدة اليوم في يد الرئيس عون هي ورقة موعد الاستشارات النيابية، حيث أضحت الأنظار متجهة نحو كيفية تعاطي رئيس الجمهورية مع الملف الحكومي ترقباً لأدائه في مقاربة عملية المشاورات والاستشارات المنوي إجراؤها لتشكيل الحكومة الجديدة، سيما وأنّ فترة السماح الدولية التي منحها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإيجاد مخارج سريعة للأزمة اللبنانية "ضيقة وضاغطة"، حسبما نقلت مصادر ديبلوماسية لـ"نداء الوطن"، مشيرةً إلى أنّ جميع الأفرقاء في البلد باتوا يتعاطون مع المسعى الفرنسي على أنه "خشبة الخلاص" الأخيرة للبنانيين ولا بد من اغتنامها، وقد كان واضحاً بيان الخارجية الفرنسية في أعقاب استقالة حكومة دياب في التشديد على وجوب الإسراع في تشكيل حكومة جديدة "لأن لبنان من دون إصلاحات سيتجه نحو الانهيار".
وحتى الآن لم يتضح بعد مسار اتجاه الأمور على ضفة الرئاسة الأولى، ما عدا تأكيد مصادر مقربة من دوائرها لـ"نداء الوطن" على أنّ عون "ليس في وارد تأخير الاستشارات النيابية الملزمة بل هو حريص على ملاقاة المساعي الدولية لمساعدة لبنان خصوصاً في ظل التفويض الأميركي الصريح لحركة الرئيس ماكرون باتجاه دفع الأمور نحو حلحلة الأزمة سياسياً واقتصادياً"، موضحةً أنّ هناك "تناغماً تاماً بين الموقف الفرنسي وبين الموقفين الأميركي والدولي في مقاربة الوضع اللبناني والدفع باتجاه إبقائه تحت السيطرة ومنعه من الانهيار الشامل، وهذا ما سمعه الرئيس عون شخصياً من الرئيس الفرنسي خلال الاتصال الهاتفي الأخير بينهما".
وإذ تردد ان الأسبوع الحالي لن يشهد تحديد مواعيد الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف شخصية بتأليف الحكومة الجديدة سادت مخاوف من ان يعمد رئيس الجمهورية الى تكرار التجربة التي سبقت تكليف دياب عقب استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري اذ مضت أسابيع قبل اجراء استشارات التكليف بحجة توفير التوافق على اسم رئيس الحكومة الجديد. ولم تبدد المؤشرات الأولية الصادرة عن بعبدا امس هذه المخاوف اذ قالت مصادر بعبدا ان المشاورات السياسية تعطى وقتا قبل الاستشارات النيابية كما هي العادة الا ان الاستشارات النيابية لن تتأخر كثيرا.
وقالت أوساط قصر بعبدا، ان الاتجاه هو للدعوة إلى الاستشارات الملزمة الاثنين المقبل، مشيرة إلى إمكان تأليف حكومة بوقت قصير.
الا ان مصادر دبلوماسية ذهبت إلى ان المعطيات لا توحي بالسرعة، على الرغم من الحرص الفرنسي على ذلك.
وقالت ان أربع قوى دولية وإقليمية معنية بالحكومة الجديدة، وهي: الولايات المتحدة وفرنسا، المملكة العربية السعودية وإيران..
وأكدت على ان التباين ما يزال كبيراً بين هذه القوى، وان ولادة حكومة لبنانية جديدة، حاجة ملحّة إليها لمواكبة عملية إعادة اعمار المرفأ وبيروت، وإخراج البلد من ازمته..
وأشارت المصادر إلى ان التوافق شرط ضروري لانطلاق عملية التأليف، سواء على صعيد رئيس الحكومة أو القوى المشاركة فيها..
وقالت ان ماكرون ينسق مع الأميركيين لجهة احداث توازن لبناني - إقليمي - دولي في لبنان، الا ان العلاقات بين القوى والدول المعنية تحتاج إلى وقت، وإلى مفاوضات وتحسين معطيات التسوية، في شقها اللبناني والإقليمي - الدولي.
واعتبرت هذه المصادر ان الاسم الأقوى لتأليف الحكومة هو الرئيس سعد الحريري، المقبول عربياً ودولياً، لأن التجربة أكدت ان لا قيمة لحكومة موظفين أو اكاديميين كباراً كانوا أم صغاراً.
المشاورات انطلقت
في هذا الوقت، بدأت الاجتماعات في الكواليس لرسم صورة المرحلة المقبلة، وقد عقد اجتماع طارئ بحسب "النهار" امس في عين التينة وضم الى الرئيس نبيه بري الوزير السابق جبران باسيل والوزير السابق علي حسن خليل وعن حزب الله حسين الخليل ووفيق صفا. وأدرجت أوساط 8 آذار الاجتماع في التشاور الأولي حول الرئيس المكلف لتأليف الحكومة الجديدة. وعلى ذمة هذه الأوساط فان حركة "امل" و"حزب الله" ووليد جنبلاط يؤيدون عودة الرئيس سعد الحريري لتولي تأليف حكومة توافقية فيما يؤيد جبران باسيل تكليف السفير السابق نواف سلام. ولكن الوضع لا يزال في بداياته ولا يمكن بلورة صورة المواقف بوضوح من الان. وثمة معطيات تتوقع ضغطا فرنسيا ودوليا لاستعجال تأليف حكومة تتولى الإصلاحات كاولوية برئاسة سعد الحريري.
نواف سلام الى الواجهة
وفيما كانت القوى السياسية المشاركة في الحكم تعوّل على المبادرة الفرنسية لايجاد مدخل لائق للعودة الى السلطة عبر البوابة الدولية، أكّدت مصادر سياسية رفيعة المستوى ان فرنسا ليست متمسكة بحكومة الوحدة الوطنية، بل إنها تقترح، مع الولايات المتحدة الأميركية والسعودية ضرورة تأليف "حكومة محايدة"، وبسرعة. وفي السياق نفسه، رأت مصادر قريبة من الرياض أن "لا مبادرة فرنسية بشأن لبنان، وأن الكلام الذي قيل عن حكومة وحدة وطنية غير وارد ولا يُصرف، بل هناك استحالة، لأن حكومة من هذا النوع ستفجّر ثورة أخرى". وقالت إن "الفرنسيين تراجعوا عن فكرة حكومة الوحدة الوطنية، بذريعة خطأ ترجمة كلام ماكرون". أما بالنسبة إلى الموقف السعودي مما يجري في لبنان والمبادرة الفرنسية، فأشارت المصادر إلى ان "الرياض غير معنية، وهي قامت بواجبها وقدمت المساعدات للشعب اللبناني" مكررة أن "لا مبادرة فرنسية". المشكلة، في نظر الرياض، هي في "سيطرة حزب الله وتغطية ميشال عون له، وإذا استمر الوضع كذلك فمبروك عليهم لبنان". ولا يزال الموقف السعودي هو نفسه الذي عبر عنه وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان؛ وفي حال كانت هناك مبادرة أميركية أو فرنسية، فالمملكة "غير معنية وغير موافقة".
ولفتت المصادر السياسية اللبنانية إلى أن الأميركيين والفرنسيين والسعوديين يرددون اسم السفير السابق نواف سلام كمرشح لترؤس الحكومة المحايدة. وأكّدت المصادر أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ربما سيستخدم صلاحيته الدستورية بعدم تحديد موعد للاستشارات قبل تأمين حد ادنى من التوافق على رئاسة الحكومة المقبلة، لكنه مستعجل تأليف حكومة لان البلاد لا تحتمل الفراغ. وأشارت المصادر إلى ان عون، ومعه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، لا يمانع تسمية سلام لرئاسة الحكومة، فيما لم يتضح بعد موقف كل من بري وحزب الله.

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى "الوادي الأخضر": من ذروة المجد إلى شفا الانهيار؟