علي داود – الجمهورية
بعد انتظار دام أكثر من شهر، تمكّن 472 نازحاً سورياً من بيت جن السورية والمزرعة المحيطة بها من العودة الى ديارهم، بعدما نزحوا منذ 4 سنوات نتيجة الحرب السورية إلى منطقة شبعا. وتمّت هذه العودة بحضور ومتابعة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، التي تواصلت مع الراغبين بالعودة وتأكدت ان عودتهم طوعية بملء ارادتهم.
وأشرف الامن العام اللبناني أمس على عودة هذه الدفعة من النازحين، من خلال تسجيل أسمائهم ومواكبة الباصات التي أقلّتهم عن طريق المصنع اللبناني – السوري، ومن المُتوقّع عودة 2000 نازح على دفعات إلى الغوطة ومحيطها، بعد نجاح عودة الدفعة الاولى.
الباصات الـ 14 التي أرسلتها الحكومة السورية نقلت النازحين الى بيت جن، بعدما وصلت ظهر أمس الى ساحة بلدة شبعا، حيث تجمّع النازحون منذ الصباح، وسلّموا مفاتيح البيوت التي قطنوا فيها 4 سنوات في قرى وبلدات شبعا، كفرشوبا والهبارية.
وسلكت الباصات طريق شبعا – عين عطا – راشيا – المصنع، متوجهة نحو بلدة بيت جن ومزرعتها، وناقلةً العائدين من مختلف الاعمار وهم يرفعون الاعلام اللبنانية والسورية.
ونزح إلى شبعا منذ بداية الأزمة السورية نحو 6000 سوري، وأكّد نائب رئيس بلدية شبعا باسم هاشم لـ»الجمهورية» انّ «الاهالي اختاروا العودة الطوعية بعد استقرار الاوضاع الامنية في بلدتهم»، مشيراً الى انّ «شبعا استقبلت النازحين من الناحية الانسانية من دون تفريق بين موال ومعارض، على رغم انهم شكّلوا ضغطاً على البنى التحتية من مياه وكهرباء».
وإذ أمل «عودتهم جميعهم بعد استباب الاوضاع الامنية في بلادهم»، لفت إلى أنّ «العائدين كانت تربطهم علاقات جيرة مع بلدتنا، وتقع بلداتهم في المقلب الشرقي لجبل الشيخ وخصوصاً بالنسبة الى بلدتي بيت جن ومزرعة بيت جن».
وكان النازحون السوريون بدأوا التجمع في الصباح الباكر في مدرسة شبعا المهجورة بانتظار الحافلات التي ستقلّهم الى قراهم، والتي سلكت طريق المصنع اللبناني وانحرفت نحو شبعا ووصلت اليها بعد الظهر. وسُمح لكل شخص من النازحين بنقل ما وزنه 50 كلغ من حاجياتهم من ملابس وغيرها.
ورافق العملية إجراءات أمنية مُشددة اتخذتها الأجهزة الأمنية، وخصوصاً الأمن العام، حول مكان التجمّع. وأعدّت الأجهزة لوائح إسمية للنازحين، ووزّعتهم على الحافلات التي ستقلّهم بهدف تسهيل عملية الانتقال وحفاظاً على سلامتهم من شبعا حتى المصنع اللبناني.
قرابة الثانية والنصف إنطلق الباص الاول، بعد تنظيم دخول النازحين اليه بإشراف الامن العام، الذي بدأ بالمناداة على الاسماء، وبعده بدأت الباصات الاخرى تنتقل باتجاه المصنع اللبناني، على ان تستغرق للوصول الى سوريا نحو ساعتين.
وعلمت «الجمهورية» انّ نحو 20 طفلاً ولدوا بعد النزوح يعودون وهم لا يعرفون اي شيء عن بلدتهم، كما انّ عدداً من العائلات فضّلت البقاء الى حين انتهاء العام.
وأبدى الاهالي فرحتهم بالعودة، رافضين ما يُقال انهم تعرضوا لضغوطات أجبَرتهم على العودة.
وإذ تمنّوا عودة جميع الاهالي لتعود الحياة الى بلدتهم التي كانوا قد هجروها بفِعل احتلالها والسيطرة عليها من «داعش» و»النصرة»، أشاروا الى انهم «نزحوا الى شبعا ومنطقتها سيراً على الاقدام عبر الجبال والأودية والتلال المشرفة على شبعا والعرقوب، وانّ العملية كانت تستغرق اكثر من 4 ساعات».
وتُعتبر هذه العملية بمثابة «بروفة» للبدء بإعادة النازحين السوريين من منطقتي شبعا وحاصبيا، وعددهم 13 ألف نازح، الى بلداتهم التي عاد الاستقرار اليها بعد طرد داعش والنصرة منها وسيطرة الجيش النظامي والحكومة السورية عليها.
وتوازياً، أكّدت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أنها «على علم بحركة العودة الوشيكة لحوالى 500 لاجىء سوري من شبعا، جنوب لبنان إلى بيت جن في سوريا. وقد تناقشت فرق المفوضية على الأرض مع اللاجئين والسلطات المعنية لتقييم نوايا اللاجئين والظروف التي ستتم فيها هذه العودة».
وأوضحت المفوضية، في بيان، أنها «لا تشارك في تنظيم هذه العودة أو غيرها من حركات العودة في هذه المرحلة، نظراً إلى الوضع الإنساني والأمني السائد في سوريا. ومع ذلك، تحترم المفوضية القرارات الفردية للاجئين بالعودة إلى بلدهم الأصلي، عندما تتخذ من دون ضغوط لا مبرّر لها، وبعد تقييمهم المعلومات المُتاحة لهم بعناية».