أخبار عاجلة

دياب المطواع والطيّع والمطيع!

دياب المطواع والطيّع والمطيع!
دياب المطواع والطيّع والمطيع!
لم يفهم أحد ما الذي حصل حتى يتغيرّ موقف رئيس الحكومة حسان دياب ومعه العدد الأكبر من الوزراء بين ليلة وضحاها، أو بين جلسة وزارية وأخرى، مع أن الفارق الزمني بين جلسة التصويت بالأكثرية الوزارية على إسقاط معمل سلعاتا من خطة التغويز والإبقاء على محطتي الزهراني ودير عمار لأسباب تقنية وتمويلية بحتة، وبين جلسة التراجع عن التصويت، لم يتخط الأسبوع الواحد، مع العلم أن جلسة التصويت كانت برئاسة دياب أما جلسة التراجع فكانت برئاسة رئيس الجمهورية، مع ما لهذا من معانٍ سياسية، أو بالأحرى دلالية إلى مدى إستهتار البعض بموقع الرئاسة الثالثة، وإستسهال القفز من فوق حائطها المستوطى، فضلًا عن الدلالة إلى أي مدى يبدو رئيس الحكومة الحالي مستعدًا للتنازل عمّا تبقى له من صلاحيات من أجل البقاء في مركزه، وهو سجل أعلى نسبة من مظاهر الطواعية، فكان طيّعًا ومطيعًا إلى أقصى الدرجات، إذ بمجرد أن طلب رئيس الجمهورية من الوزراء إعادة النظر في القرار المتخذ منذ أسبوع حتى كان له ما أراد، وقد جاء من يبرر هذا التراجع من خلال قرار التصويت نفسه، على لسان مصدر مطّلع على مداولات مجلس الوزراء توضيحه أن القرار لم يلغ معمل سلعاتا، بل على العكس هو أكد عليه، في سياق إشارته إلى خطة الكهرباء. لكن رأي الأكثرية كان يشير إلى البدء بمعمل الزهراني. مطلعون على رأي "حزب الله" يؤكدون أن الأخير ليس ضد معمل سلعاتا في الأساس، لكنه يؤيد تأجيله. القطبة المخفية هنا، وربما تكون سبب الهبّة العونية، هي أن الحزب المؤيد لمعمل سلعاتا، يُعارض إنشاء محطة تغويز في تلك البلدة، لأسباب تقنية ومالية.

مسألة التصويت بدل التوافق الضمني على خطة الكهرباء كهربت رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير السابق جبران باسيل، الذي ما لم يرق له الأمر. شدّ العصب العوني باتجاه "حزب الله"، على رغم أنه لم يكن وحيداً في رفض تلازم العمل في معملي سلعاتا والزهراني. أُطلق العنان لنزعة طائفية، تعتبر أن معمل سلعاتا ومحطة الغاز هناك هما حصة "الكانتون المسيحي"، مقابل حصّتي "الكانتونين" الشيعي (الزهراني) والسنّي (دير عمار). هنا سقطت كل الاعتبارات العلمية أو التقنية أو المالية، إذ أن الأمن "الطاقوي" هو أهم بالنسبة إلى الطائفةّ. وهذا ربما يفسر سبب تركيز الجهود على معركة سلعاتا، وهي تفصيل صغير في الخطة، بدلاً من الدفاع عن الخطة بكاملها. لكن مع ذلك أُلبس الموضوع لبوساً طائفياً، إلا أنه ربما يكون أضيق من ذلك. لو كان الأمر كذلك لاستُعيض عن معمل سلعاتا بمعمل الزوق. لكن أن يُبنى في سلعاتا معمل كهرباء ومحطة غاز ومرفأ ما بينهما، فذلك يمكن أن يكون مشروعاً "بترونياً" لا أكثر، تمامًا كما فصل قانون الإنتخابات على المقاس البتروني.

فعلى اللبنانيين أن يصدّقوا أن الطريق إلى كهرباء 24 على 24 لا يمر إلا عبر معمل سلعاتا. وهذا الأمر في الأساس، ينمّ النقاش فيه عن ترف سياسي لا يملكه اللبنانيون، في زمن الانهيار واختلاف كل الأولويات فيما لا يزال النقاش السياسي معتمداً أدوات ما قبل الأزمة.
ومن المعلوم أنه سبق جلسة التراجع عن التصويت سلسلة إتصالات بينَ الكتل المشارِكة في الحكومة، وخاصّة بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، خلصت إلى ما تمّ التوافق عليه من تخريجة تحفظ حق الجميع، ولو على حساب كرامة الرئاسة الثالثة، على رغم أن إستملاكات الأراضي حيث يزمع إنشاء معمل سلعات تكبّد الخزينة ما مقداره 200 مليون دولار، في الوقت الذي يحتاج فيه لبنان في الوقت الحاضر إلى كل فلس للحؤول دون إعلان إفلاسه.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى "الوادي الأخضر": من ذروة المجد إلى شفا الانهيار؟