صدر عن رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني وزير المهجرين الأمير طلال أرسلان، ما يلي:
الى وليد بك جنبلاط،
“ترددت كثيراً في كتابة هذه الرسالة لأنك أقنعت الجميع بطريقتك الخاصة ونجحت فيها الى حد بعيد بأن كل من يناقش أي موضوع يوضع في خانة الاتهام بالتواطؤ على مصالح الطائفة ويعرضها للانقسام بتآمر خارجي من أخوة لنا بالبلد أو خارج البلد، وجعلت الناس على قناعة بأنك دائماً على حق في كل ما تقول وتعمل حتى أصبحنا في وضع لا احد في طائفتنا الكريمة يحسد عليه، ووصلت الأمور بأن الكثيرين من الداخل والخارج يعتبرونني شريكاً معك في لعبة الاحتكار أو حتى في لعبة المصالح التي تجيدها أنت بامتياز ولا أدّعي يوماً بأني أودّ أو أرغب في النجاح بها”.
السياسة يا بيك في قاموسنا المتواضع هي مهنة شريفة عندما تكون مؤتمناً على مصالح الناس وعيشهم الكريم ولا نرغب ولَم نرغب في يوم من الأيام لاستعمالها للتجارة بالناس وحقوق الناس، فما أسكتني طوال الفترة الماضية هو تحكيم الضمير … إننا نقرأ في كتابين مختلفين جداً وفِي قاموسين لا يلتقيان في مقارباتنا للامور … وسأعطي مفارقة بسيطة كمثال على ما أقول، أنت مقتنع بأن قوتك تأتي بالتزعم على مجتمع ضعيف يحتاجك في كل شيء بصحته وتربيته ووظيفته ولقمة عيشه بالترغيب أو الترهيب … تعطيه الشكل لتأخذ منه المضمون … والمضمون يا بيك اهم من الشكل بكثير لأن المضمون يتعلق بعزة نفسهم وكرامتهم وعنفوانهم وهيبتهم ومستقبل اولادهم وطموحاتهم وشرفهم…
لا يهمني ولا أطمح لأي موقع الا تمثيل الانسان الحر بكل ما للكلمة من معنى وقلت لك مراراً وتكراراً في عدة لقاءات بأن الدروز حكموا هذه البلاد ليس بعددهم بل بهيبتهم فلا يجوز تحت اَي عذر أو مصلحة خاصة ان تكسر هذه الهيبة لنستطيع الإستمرار بعيش كريم يليق بتاريخنا المجيد في هذا البلد وهذه الأمة المنكوبة … دعوتك مراراً وتكراراً بجلسات خاصة بأن تكون المبادر الاول لعقد اجتماع درزي للنواب في بيتكم الكريم للبحث الجدّي في كل المواضيع التي تتعلق في مستقبل وجودنا في هذا البلد على كافة المستويات الوظيفية في الدولة والاقتصادية والاستثمارية والإنمائية في الجبل والاوقاف ومشيخة العقل ولا يوم لمست لديك جدية في الأمر أو اخذت منك جواباً مقنعاً…
شرحت لك معاناة وألم الناس في الجبل وخاصة الأجيال الصاعدة وطموحاتهم ومسؤوليتنا المشتركة تجاههم، لتأمين وتطمين اولادنا للحد من هجرتهم لكن مع الأسف ايضاً دون أيّ جواب سوى “خلّيني فكر” … وصرلك سنين عم تفكّر يا بيك… اضطررت أن أدعوك عبر وسائل الإعلام وأمام الملء خمسة مرات أيضاً دون جدوى ولا آذان صاغية… تدّعي وتلتهي بتصوير نفسك الضحية على باب كل استحقاق على قاعدة أنك المستهدف والمحاصر وفي كل مرة تخترع خصوم وهميين لتشد بهم العصب المهترئ حتى أوصلت نفسك لمكان لا تحسد عليه … ولنكن صريحين انت لم تطرح يوما تحالف على قاعدة المشاركة إنما على قاعدة الاحتكار والتسلط والهيمنة … وامتعاضك وتحريضك على ان طلال ارسلان رفض التحالف معك ليصبح عضوا في كتلة حلفاء له هذا كذب وتضليل للرأي العام لأنك انت اول العارفين بأن طلال ارسلان لا يضع نفسه في جيبة أحد سوى قناعاته … امتعاضك الحقيقي هو بأنك غير قادر على استيعاب أنه سيكون هنالك كتلة نيابية في الجبل برئاسة طلال ارسلان ستشاركك على ارض الجبل … نعم يا بيك هذه هي الحقيقة التي تؤلمك لأنك لا تؤمن بمبدأ الحوار والشراكة … وأقولها وأعترف بأن هذا يؤلمني أيضا لأن الجبل يستحق المشاركة الحقيقية والحوارات الدائمة لكل الناس لنتمكن من النهوض به ليتأقلم مع متطلبات العصر في القرن الواحد والعشرين.
عدة الشغل التي ما زلت تعتمدها يا بيك لم تعد تصلح، وتحمّلك وتحمل أبنائك الطيّبين أعباء الوعود الكاذبة والغش والفرقة بين الناس وتعطيل مصالحهم بأبسط قواعد حياتهم اليومية، ومن تعرفهم جيداً، يكذبون عليك أكثر ممّا يتنفسون كما يكذبون على الناس ويتاجرون بمصالحهم … نحن نعم نتنافس ديمقراطياً لكن مجتمعنا له علينا الكثير، ألسنا يا بيك من أمّة تؤمن بأن أوّلها وأعظمها صدق اللسان وحفظ الإخوان …؟؟؟
هذه قواعد التوحيد الشريف وكل من لا يطبقها لا يمكن ان يكون منّا حتى ولو كان درزي الهويّة …
خللي اللي عندك يكفّوا شرهم عن الناس، كفانا رجعيّة كفانا مهزلة كفانا تخلّف كفانا مصالح شخصية كفانا ابتزاز الناس بلقمة عيشهم كفانا ابتزاز الناس بتعويضاتهم المستحقة كفانا إذلالهم … الموحدون لا يمكن الا ان يعيشوا أحراراً بعزة نفس وشموخ وشرف وكرامة … لنتطّلع على مصالح وطموح الأجيال الصاعدة … لنتطّلع الى الخروج من الانعزال والقوقعة … لنتطّلع الى الانفتاح التجاري والاقتصادي والإنمائي والاستثماري في المجالات الصناعية والزراعية والبيئية والسياحية والخدماتية في مناطقنا من حاصبيا الى المتين… ليكن تنافسنا الانتخابي على القواعد هذه وليس على الصور واللافتات والدعايات والتحريض … لنناقش الناس بعقولهم وليس بغرائزهم التقليدية البغيضة التي ترجعنا مئات السنين الى الوراء…
أخيراً يا بيك، أقول لك بأنه لدينا الكثير في جعبتنا ولن أرد على الأقلام المأجورة للفتنة والصغائر التي تدعي حرصها عليك، وسأكتفي بهذا الحدّ الآن على أمل أن نرى آذاناً صاغية، والساكت عن الحق شيطان أخرس … والله ولي التوفيق”.