وجه رئيس مجلس الأعمال اللبناني في الكويت علي خليل كتابا الى رئيس مجلس الوزراء د. حسان دياب جاء فيه:"نتوجه إليكم بكتابنا هذا، بإسم مجلس الأعمال اللبناني في الكويت، لنعبر لكم عن قلقنا الشديد لما يشهده بلدنا الحبيب لبنان من تدهور اقتصادي نتيجة الأزمات المالية والنقدية والاجتماعية، وما قد تؤول إليه الأوضاع في ظلّ هذا الواقع المرير. كما قد نصل إلى مرحلة يصعب السيطرة عليها نتيجة لفقدان الثقة بالاقتصاد اللبناني، وانهيار مؤسسات لبنانية حيوية تعتبر حجر الأساس للنمو الاقتصادي.
إن وضع اليد على ودائع المقيمين والمغتربين في المصارف مع تراكم خسائر إضافية نتيجة تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية، ما هي إلا خطوات تزيد الوضع تأزما وترمي بكرة الانهيار الاقتصادي الكبير على كاهل المغتربين.
لقد كان للمغتربين اللبنانيين مساهمة أساسية في الاقتصاد على مر السنين من خلال ميزان المدفوعات، حيث تقدر تحويلات اللبنانيين المغتربين إلى لبنان بما يفوق سبعة مليار دولار سنويا وبلغت نحو 5,7 مليار دولار في عام 2015 وشكلت حوالي 15% من اجمالي الناتج المحلي، ومعظم هذه التحويلات مصدرها المغتربون في دول الخليج.
قام المغتربون بإيداع مدخراتهم وجنى عمرهم في البنوك اللبنانية، وعملوا على ترويج الصادرات الوطنية، وسعوا لامتلاك الأصول والاستثمار في لبنان وساهموا في القطاع السياحي ايمانا منهم بوطنهم. باختصار، يشكل المغتربون تاريخيا جزءا أساسيا من النسيج الاجتماعي اللبناني والداعم الاقتصادي الاول لنهضة لبنان الحديث، وهم عنصر أساسي للاستقرار المالي والازدهار في لبنان حيث سيكون لمساهماتهم دور كبير في تمويل أية خطة إصلاحية.
ومن هذا المنطلق نتمنى عليكم، عند تطبيق خطة الإصلاح الاقتصادي، أن تأخذوا بالاعتبار دور الجاليات اللبنانية في الخارج ومصالحها وكذلك دور ومصالح العديد من اخواننا الكويتيين والخليجيين الذين آمنوا بلبنان واستثمروا أموالهم ووضعوا ودائعهم فيه، فهم صلة الوصل بين لبنان وباقي أنحاء العالم وسفراء لبنان الذين يدعمونه في جميع المحافل الدولية ويحثون المجتمع الدولي والمنظمات متعددة الأطراف على مساعدته.
وكما تعلمون، إن الثقة هي حجر الأساس لنجاح أية خطة إصلاح حيث إن الاقتطاع من الودائع سيؤدي إلى فقدان الثقة بلبنان وبالتالي توجيه الاستثمارات الى أماكن أخرى، مما يؤدي الى انخفاض في التحويلات بشكل كبير وإلى ما دون المستوى المتوقع في الخطة. بالإضافة إلى ذلك، فإن عدم ثبات السياسة النقدية والارتباك حول أسعار الصرف وتبادله تعيق بشكل كبير تدفق الأموال إلى لبنان وجذب المستثمرين. للأسف إن النظام المصرفي الحالي قد فقد الثقة، ومن الضروري إنشاء نظام مصرفي بديل محصن ومحمي من الديون الحكومية والأزمات المالية من خلال الدور الرقابي لمصرف لبنان من أجل ضمان الالتزام بمعايير بازل المعترف بها ومخاطر التسليف.
كما من الضروري العمل على إنشاء برامج تحفيز خاصة لجذب الاستثمارات من اللبنانيين وغير اللبنانيين في القطاعات الحيوية وخاصة في مشاريع الخصخصة والمشاريع المشتركة ما بين القطاعين العام والخاص، ودراسة إمكانية إعطاء إعفاءات ضريبية، وتخصيص تفضيلي لمشاريع الخصخصة لتعويض المودعين.
إن المحافظة على سلامة القطاع المصرفي وإعادة ثقة اللبنانيين وغير اللبنانيين به وبالاقتصاد، وضمان استقلالية الجهاز القضائي، والقضاء على الفساد، واعتماد مبادئ الحوكمة في كافة مؤسسات الدولة، والعمل على الانتقال من اقتصاد ريعي الى اقتصاد منتج، كلها تشكل حجر الأساس لازدهار لبنان ولنجاح خطة الإصلاح التي نأمل أن توازن بين الاعتبارات الاجتماعية والاقتصادية وبين الجيل الحالي وجيل المستقبل من أجل تحقيق العدالة وامال الشعب اللبناني في الحياة الكريمة. العدالة مفهوم نسبي وصعب المنال، وأكثر القرارات عدالة هي التي تجلب الازدهار إلى لبنان.
لا تزال أمامنا فرصة لإنقاذ لبنان من الكارثة، في حال وقوف الحكومة والقيادات السياسية جنبا الى جنب والاتفاق على الأمور الأساسية وأخذ القرارات الصعبة بالإجماع. إننا ندرك أن هذه القرارات قاسية لكنها لن تكون بقدر قساوة وألم إعادة تنشيط الاقتصاد ومؤسساته بعد انهياره كلياً، لا سمح الله.
نرجو أن تلحظ الحكومة الدور الكبير الذي قام به المغتربون في الماضي والمساهمة الإيجابية في اقتصاده والدور الذي يمكن أن يقوموا به في المستقبل. وعليه، نتمنى أن يتم تفعيل دور المغتربين اللبنانيين الذين يستحقون أن يكون لهم تمثيل ودور فعال في بناء مستقبل لبنان. ونرجو أن يتم إنشاء قنوات رسمية للتواصل بين مجلس الأعمال اللبناني في الكويت والحكومة اللبنانية وتحديد موعد للقاء والتنسيق على آلية التواصل بشكل منظم لمناقشة مختلف الملفات الأساسية وكيفية مساهمة المغتربين في ورشة انقاذ وطننا الغالي لبنان.