مجددا يدق كورونا اللبناني ناقوس الخطر، ويفتح الباب أمام الخروج من دائرة الإطمئنان التي سادت في الأسابيع الأخيرة، وذلك تحت وطأة إزدياد عدد الإصابات على مستوى المقيمين والوافدين، وجديدها ست وثلاثون أعلن عنها اليوم.
هذه الحصيلة المرتفعة، ترتبط بتخفيف إجراءات التعبئة العامة، وتراخي المواطنين وتفلتهم من مقتضيات الشروط الصحية والوقائية المطلوبة ولا سيما لناحية الاختلاط والحجر الصحي.
من هنا جاء تعميم وزارة الداخلية القاضي بمنع الدخول والولوج إلى الشوارع، ما بين الساعة السابعة مساء والخامسة من فجر اليوم التالي، ملوحا بإقفال تام للمؤسسات والشركات والمحلات، في حال استمرار المواطنين بعدم الالتزام بالتعليمات المتعلقة بإجراءات الوقاية.
من جانبه، سيطلب وزير الصحة من مجلس الوزراء الإقفال العام لمدة ثمان وأربعين ساعة، من أجل إعادة تصويب الأمور، في حال بقيت الإصابات مرتفعة.
وعلى خط مواز، ثمة اتجاه لخفض عدد الرحلات في المرحلة الثالثة من إعادة المغتربين، التي تبدأ الخميس المقبل.
في موازاة ارتفاع عداد مصابي كورونا، نفي أكدت فيه قيادة الجيش عدم صحة ما ورد في تسجيل صوتي، عن انتشار الفيروس في المؤسسة العسكرية، ووضع ألف ومئتي عسكري في الحجر الصحي والمنزلي، موضحة أن الأمر يقتصر على ثلاثة عشر عسكريا من عداد عناصر المحكمة العسكرية.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "المنار"
الإنجازات المتراكمة على مدى شهرين أو أكثر في مواجهة فيروس كورونا، قد يطاح بها في لحظة فوضى. ست وثلاثون إصابة جديدة بين المقيمين والوافدين في يوم واحد، تدق ناقوس الخطر. فالفرق بين النظام والفوضى في زمن الكورونا، هو الفرق بين الموت والحياة.
تفلت في الشوارع دون مراعاة لإجراءات السلامة، واكتظاظ في الأماكن العامة، وندرة في مرتدي الكمامات، وتجاهل لتدبير المسافات الآمنة بين الأشخاص. وبين المغتربين، هناك من يستقبل المهنئين بعودته سالما، بدل الحجر، متسببا بعدوى أسرته ومحيطه. والحال هذه، وزير الداخلية يلوح بالعودة إلى زمن الإقفال التام، لتلافي السيناريو الأسوأ، ما يعني الفشل المجتمعي في اختبار رفع إجراءات العزل تدريجيا.
الاختبار بين خطر الموت بالفيروس، والعواقب المدمرة اقتصاديا واجتماعيا للوباء، تستعد دول أوروبية عدة لخوضه بدءا من الغد، مودعة اليوم الأخير من العزل، رغم الخشية من موجه ثانية. في وقت تعود دول ككوريا الجنوبية إلى اجراءات الحظر، إثر تسجيل بؤرة جديدة، وهو البلد الذي يعتبر نموذجا إيجابيا لطريقة إدارته للأزمة الصحية.
وعلى الطرف النقيض، الرئيس الأميركي السابق باراك اوباما يصف طريقة إدارة ترامب للأزمة بالكارثية. فرغم أن الفيروس دخل البيت الأبيض بإصابة ثلاثة من موظفيه، وبرغم أن كبار مستشاريه في مجال الصحة قرروا الدخول في الحجر الصحي، ترامب وحده يواصل لقاءاته دون اتخاذ اجراءات وقائية، متنبئا في الطب، فالفيروس سيختفي دون لقاح كغيره من الفيروسات، يقول الرئيس الأميركي.
فجأة، عاد خطر كورونا الجاثم على صدر العالم، ليطل برأسه في لبنان، مع تسجيل أعداد متزايدة من الإصابات في أكثر من منطقة، وهو ما دفع إلى إعادة النظر برحلات اللبنانيين العائدين، مع اتجاه إلى تخفيف الرحلات والتشدد في فرض فحوص الـ PCR.
وفيما أعلن اليوم عن تسجيل 36 إصابة جديدة، منها 23 لمقيمين و13 لوافدين، لترتفع الحصيلة إلى 845، نبهت وزارة الصحة إلى ضرورة وإلزامية التشدد بشروط الحجر المنزلي، لمن يطلب منهم ذلك من قبل الفرق الطبية التابعة للوزارة، ولا سيما الوافدون من الخارج ومخالطوهم والذين خالطوا حالات مصابة، حتى ولو لم تكن تظهر عليهم عوارض مرضية، لأنهم قد يكونون حاملين محتملين للفيروس ويتسببون بالعدوى لآخرين، ما سيعيد الواقع الوبائي في لبنان إلى مرحلة الانتشار الواسع، علما أنه تم تسجيل حالات مصابة نقلت العدوى إلى آخرين في الأيام القليلة الفائتة، نتيجة عدم تطبيق الحجر المطلوب.
وأكدت الوزارة في هذا المجال، الدور المحوري للبلديات والسلطات المحلية في المراقبة، والتشدد مع الملزمين بالحجر المنزلي، لضمان عدم حصول أي تهاون، داعية المواطنين إلى التعاون مع البلديات والسلطات المحلية، بحيث يتم التبليغ سريعا عن الحالات المخالفة ليصار إلى إجراء المقتضى وحماية المجتمع وأهله.
كما ذكرت وزارة الصحة المواطنين كافة، ومن دون استثناء، بوجوب الابتعاد عن التجمعات، وضرورة وضع الكمامات لدى الخروج من المنزل ومخالطة آخرين.
وناشدت الوزارة مجددا مكونات المجتمع كافة، الاستمرار بالتحلي بالصبر لعدم خسارة ما تم تحقيقه حتى الآن، وتحقيق عبور آمن لهذه المرحلة الحافلة بالتحدي، والتي تسجل فيها إصابات متزايدة في صفوف المغتربين العائدين إلى الوطن.
إلى ذلك، وفيما واصل الجيش وقوى الأمن الداخلي تسيير الدوريات وإقامة الحواجز، ولاسيما في البلدات التي سجلت فيها إصابات، أعلن وزير الداخلية محمد فهمي منع الخروج والولوج إلى الشوارع والطرقات، ما بين السابعة مساء والخامسة فجرا، اعتبارا من الاثنين 11 أيار 2020.
هذا مع الإشارة إلى أن المستجدات الصحية، رفعت سقف المواقف المطالبة بإعادة النظر بالقرار الأخير المتعلق بالامتحانات الرسمية. وفي هذا السياق، غرد وزير التربية السابق النائب الياس بو صعب قائلا: "صحة أولادنا خط أحمر، فقد ذقنا اللوعة مرة ولن نكررها... نعم لإلغاء الامتحانات ولا للعودة حاليا إلى الصفوف".
هذا على الجبهة الصحية. أما على الجبهة السياسية، وفي انتظار المؤتمر الصحافي للنائب السابق سليمان فرنجية غدا، على خلفية ملف الفيول المغشوش، وعلاقة أحد المقربين منه بالموضوع، وفيما اللبنانيون يسألون عن مصير الأخلاقيات السياسية المنهوبة، لا فقط الأموال، لم يسجل أي تطور سياسي يذكر اليوم، باستثناء استقبال رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، في "بيت الوسط"، السفير السعودي وليد بخاري. الخبر الرسمي أشار إلى أن الطرفين بحثا في آخر المستجدات السياسية والأوضاع العامة والعلاقات الثنائية بين البلدين، غير أن المتابعين لم يفصلوا بين اللقاء الطارئ من جهة، والبيان الذي طرأ أخيرا عن شقيق الرئيس الحريري، رجل الأعمال بهاء رفيق الحريري.
من جديد: كورونا ينتشر، ومن جديد لبنان في دائرة الخطر. مصدر الخطر عاملان أساسيان: استهتار بعض من في الداخل، ولا مسؤولية بعض من يأتي من الخارج.
استهتار بعض الداخل واضح على الطرقات وفي الساحات والأماكن العامة. فالحياة تكاد تكون شبه طبيعية، كأنه لا كورونا ولا تعبئة عامة.
في المقابل بعض المغتربين العائدين يتصرفون بلا مسؤولية فاقعة، والدليل ما حصل مع المغترب العائد من نيجيريا، والذي نشر المرض في قريته العكارية وصولا إلى المحكمة العسكرية.
ولمواجهة الخطر المزدوج، مطلوب من الحكومة قرار جذري واحد: أن تضبط الأمور من جديد، وأن تتشدد في تنفيذ التعبئة العامة، وأن تزيد الإجراءات الصارمة سريعا لا أن تكتفي بالتهويل وبالتهديد باجراءات جديدة. فالكورونا فتاك لا يرحم، ولا يتأثر بالتهديدات. وحتى الآن ربحنا معارك كبيرة وكثيرة خضناها ضد الكورونا، فحرام بسبب تهاوننا ولامسؤوليتنا أن نخسر الحرب.
سياسيا، زيارة لافتة في توقيتها ودلالاتها للسفير السعودي إلى "بيت الوسط". أهمية الزيارة أنها تأتي بعد أقل من اربع وعشرين ساعة على الحركة السياسية- الإعلامية لبهاء الحريري، وما تبعها من توترات على الأرض. وقد ذهبت بعض التحليلات إلى حد القول أن حركة بهاء تحوز تغطية إقليمية ودولية كبيرة، تشمل السعودية. لكن زيارة اليوم أتت لتنفي التحليلات المذكورة، وخصوصا أن معلومات ال "ام تي في " تشير إلى أن السفير السعودي يعتبر أن كل ما يقال عن تخلي السعودية عن الرئيس الحريري غير صحيح، كما يعتبر أن كل ما جرى في الأيام الأخيرة لا قيمة ولا أهمية له.
وقد تقاطعت هذه المعلومات، مع معلومات أخرى أشارت إلى أن جهودا كبيرة تبذل لإعادة ترتيب البيت السني، من خلال جمع الرئيس الحريري من جديد ببعض القيادات السنية المبتعدة في الوقت الحاضر عن "بيت الوسط". فهل نحن أمام دخول لبهاء إلى الساحة السياسية، أم أمام عودة قوية للرئيس الحريري إليها؟.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أل بي سي آي"
سموها ما شئتم: استهتار، لامبالاة، لا شعور بالمسؤولية، لا وعي للمخاطر، لا تقدير للعواقب. والنتيجة ست وثلاثون إصابة اليوم، علما أن لبنان كان وصل إلى صفر إصابات بين المقيمين، وإصابة واحدة بين الوافدين.
تذاك، تشاطر، نق. تراجعت الإصابات فتعدلت إجراءات التعبئة العامة: عادت المطاعم ولكن بشروط. فتح بعض المحال ولكن بشروط. فتحت دور العبادة، ولكن بشروط. تنفس كثيرون الصعداء، لكن كورونا كان في المرصاد، فضرب ضربته وأوجع. ست وثلاثون إصابة في يوم واحد. الرقم ليس وجهة نظر ولا هو رقم عادي. فأي استهتار من جانب المواطنين ولاسيما المخالفين منهم، وأي خلل في اجراءات الحكومة، سيؤدي إلى ما لا تحمد عقباه، وسيعود بالوضع إلى نقطة الصفر أي إلى 21 شباط الفائت، ونكون أضعنا شهرين ونصف الشهر من الإجراءات الجدية والناجحة.
شكرا للذين استجابوا من المواطنين، لكن هناك مسؤولية كبرى على الذين يستهترون ولا يبالون، لأن استهتارهم لا ينقلب عليهم فحسب بل على عائلاتهم وأقاربهم وأصحابهم. كيف يقبلون أن يسببوا نقل العدوى إلى من لا يستطيعون تحمل الإصابة؟، هل يعرفون أنهم يسببون وفاة هؤلاء بسبب رعونتهم واستهتارهم؟، هل يعرفون ما هي تهمة من يسبب وفاة إنسان؟، هل يحملون على ضميرهم طوال العمر أنهم سببوا إصابة وربما وفاة أب أو أم أو قريب أو صديق؟.
المسألة لم تعد مسألة خيار طوعي. هناك مسؤولية، حتى أكثر الدول تقدما في العالم فرضت إجراءات وغرامات. لبنان ليس أحسن من تلك الدول، فهل ننتقل من مخاطبة الضمائر إلى خطاب الزجر. الموضوع لم يعد مزحة على الإطلاق. فالحجر إما أن يكون كاملا وإما لا يكون، فليس هناك نصف حجر، وأيام الحجر لا يقررها المحجور بل الطب، فحين يقول الطب أن الحجر أربعة عشر يوما، فلا يجوز للمحجور أن يقطع الحجر حتى قبل ساعة من انتهائه. وحين يطالب الطب بالتباعد الاجتماعي وعدم الاختلاط، فهذه ليست بنودا في قانون العقوبات، بل هي نصائح إلزامية لا اختيارية.
إذا لم يحزم المستهترون أمرهم، فعلى الدولة أن تحزم أمرها تجاههم، رحمة بالذين يطبقون التعليمات، الذين لا يجوز أن يدفعوا ثمن استهتار غيرهم.
كنا نتمنى أن تمر المقدمة من دون أن نضطر إلى استخدام مصطلح "#بلا_مخ"، بحق المستهترين، ولكن يبدو أن المغردين سبقونا إلى استخدامه فكان "الترند" على "تويتر" #بلا_مخ". ربما لأن الناس باتوا يستشعرون مكامن الخلل والاستخفاف، فيسبقوننا إلى ما يريدونه، وإلى توصيف ما هو قائم.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "الجديد"
من بين تظاهرات الدراجات النارية في بيروت تأييدا لسعد الحريري، شق السفير السعودي وليد البخاري موكبه الديبلوماسي نحو "بيت الوسط"، مثبتا بالوجه الشرعي أن المملكة لا تقف خلف الحركة التصحيحية لبهاء الدين الحريري، وأن ظهوره "البياني" لم يكن برعايتها.
وفي تغريدة رئيس الحكومة السابق، أن البحث مع السفير البخاري تناول المستجدات السياسية والأوضاع العامة والعلاقات الثنائية بين البلدين. أما مصادر السفارة فقالت إن هدف الزيارة هو قطع الطريق على أي محاولة لزرع الفتنة داخل الصف الواحد، معتبرة أن كل ما جرى في اليومين الماضيين لا قيمة له لا سياسيا ولا إعلاميا ولا عمليا. وربطت المصادر الزيارة بدعم استقرار لبنان وازدهاره، والتأكيد على أهمية دور السعودية تجاهه.
وللمملكة حقوق الملكية ضمن أبناء العائلة الواحدة، ولها أن تهرع إلى مبايعة سعد، وترفع عنها تهمة دعم الإبن البكر. لكن ما دخل "العلاقات الثنائية بين البلدين" في الأمر؟، ولماذا يبحثها سفير مع رئيس حكومة سابق؟. ففي ضربة بحث عن استقبالات رئيس الحكومة حسان دياب، منذ تأليفها قبل أربعة أشهر إلى اليوم، لم يعثر على زيارة واحدة قام بها السفير السعودي إلى رئيس حكومة لبنان لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين. ولم يسجل أي اتصال هاتفي بين الطرفين، وإن على سبيل التهنئة ديبلوماسيا. فكيف ناقش البخاري والحريري ازدهار لبنان ودعمه واستقراره؟، وأين سيصب هذا الدعم ما لم يمر في أطره وقنواته المؤسساتية؟.
كان للسفير البخاري أن يصرح علنا أنه جاء إلى "بيت الوسط"، لدعم واستقرار وازدهار سعد على بهاء، وأنه ضد الاغتيال السياسي بين الأشقاء، وانتهت الزيارة هنا. أما بيعنا أوهام الازدهار، فهو ما لا ينقص اللبنانيين، لأنهم مازالوا ينعمون بوعود "ازدهارات" سابقة من الحريري نفسه، لم يتحقق منها شيء، وأقل واحدة منها تربو على تسعمئة ألف وظيفة.
وللبنانيين همومهم، فهم يستعدون لعودة الوباء وليس البهاء، حيث يكفيهم أنهم سوف يستأنفون الحجر والإغلاق والتعبئة والرجوع إلى تقنين ساعات التجوال، بعدما عاود الكورونا انتشاره بفعل الإهمال والاختلاط مع المغتربين العائدين.
وإذا كانت أجراس الكنائس قد قرعت اليوم من جديد، فإن أجراس الداخلية ووزارة الصحة كانتا أكثر تحذيرا من خطر انتشار الكورونا، بعد تسجيل ست وثلاثين حالة جديدة في الساعات الماضية.
أما الساعات السياسية المقبلة، فلن تكون أقل انتشارا لفايروس الخلافات على أنواعها: "عونية"- "قوات"، "عونية"- "مردة"، لاسيما على جبهة المشتقات النفطية. وعلى برميل فيول متفجر يعقد رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، مؤتمرا صحافيا غدا في بنشعي. وفي حركة المناقلات القضائية التي سبقت هذا المؤتمر، كثير من الأحداث والوقائع، وبعضها بمستندات ووئائق، فيما بقيت "المردة" على كلمتها لناحية عدم تسليم المشتبه فيهم، لا بل وتقديم الحماية السياسية لهم، فالقاضية غادة عون وجهت كتابا لكشف الحركة المصرفية لحميد كريدي المتواري خارج لبنان، القاضي نقولا منصور أوقف ناشطة قريبة من "التيار الوطني" في ملف المشتقات النفطية. وسابقا لم يرحم قضاء "التيار" نواب "التيار" وظن بالنائب ميشال الضاهر.
أما على جبهة "القوات"، فإن النائب أنطوان حبشي قدم دفوعه النفطية بالمستندات، ورد عليه النائب سيزار أبي خليل باستهزاء من دون وقائع. ما دفع الوزير السابق غسان حاصباني إلى توصيف هذا السجال على أنه "لعب ولاد".
لكن وسط كل هذه الحرب على مسؤولية الفيول المغشوش، ظل فرنجية خارج القضاء، رافضا مثول سركسيس حليس أمام قضاة "عونيين"، لنبقى أمام دولة ترفع الحمايات الطائفية والسياسية فوق رؤوس موظفين، على القضاء وحده الفصل بارتكابتهم.