لم يَحل انشغال الكيان الاسرائيلي بفيروس كورونا الذي أصابه على نطاق واسع، دون أن تشنّ إحدى طائراته المسيّرة (درون)، قبل يومين، غارة على سيارة مدنية من نوع جيب شيروكي تخصّ "حزب الله"، عند الجهة السورية في منطقة المصنع، على الحدود مع لبنان، من دون تسجيل أي إصابات بشرية.
ويبدو واضحاً من مكان الاستهداف وطبيعته انّ الاسرائيلي يحاول اللعب فوق حافّة رفيعة وعدم تجاوزها الى الضرب تحت الزنّار، فاختار ان تكون ضربته على بُعد مسافة قصيرة من الاراضي اللبنانية، متجنّباً قصف السيارة في الجانب اللبناني من الحدود لمعرفته بأنّ ذلك يرتّب عليه حسابات أكثر تعقيداً، إضافة إلى أنه تعمّد على الأرجح عدم قتل من كان يستقلّ السيارة، مُكتفياً بـ"غارة صوتية" لإيصال رسالته التي لم تخرق قواعد الاشتباك المتعارف عليها.
ووفق استنتاجات المطّلعين، فإنّ "الغارة المدجّنة" لم تستهدف شخصاً محدداً او سيارة بعينها، بل هي كانت موجّهة الى أصل المهمة التي كان يؤديها مَن في السيارة، ضمن سياق التصويب الإسرائيلي على دور «حزب الله» في سوريا.
امّا محتوى الرسالة الإسرائيلية إلى الحزب، وفق الخبراء في تفكيك شيفرتها، فهو الآتي: نحن نَراكم، ونعرف ماذا تفعلون في سوريا وأنشطتكم تحت مرمانا، وعليكم أن ترتدعوا، وما مِن شيء يمكن أن يوقفنا عن مراقبتكم لا كورونا ولا غيره.
ومن الواضح أنّ تل أبيب تسعى إلى استغلال كل فرصة سانحة لإبلاغ الحزب بأنها لن تتكيّف مع وجوده المُقلق في العمق السوري وصولاً الى تخوم الجولان، وانها لن تقبل بأن يصبح هذا التمدّد الذي يشكّل خطراً على أمنها ومصالحها كناية عن أمر واقع يجب أن تعتاد عليه.
لكنّ الاحتلال الاسرائيلي لا يزال يحرص في الوقت نفسه على الجمع في هذه المرحلة بين التعبير الناري عن رفضه لحضور الحزب النوعي على «خط الاستواء» الإقليمي في الداخل السوري، وبين رغبته في إبقاء جرعات الاعتراض مدروسة تفادياً للانزلاق الى مواجهة واسعة، قد تستدرجه نحو مغامرة غير محسوبة وغير مضمونة وليس مستعداً لخوضها، أقله الآن.



