التعيينات و'الكابيتال كونترول' في مهب الريح... اعتراضات بالجملة ودياب يحرك اتصالاته

التعيينات و'الكابيتال كونترول' في مهب الريح... اعتراضات بالجملة ودياب يحرك اتصالاته
التعيينات و'الكابيتال كونترول' في مهب الريح... اعتراضات بالجملة ودياب يحرك اتصالاته
لم تمكن مجلس الوزراء أمس من تمرير ملف الكابيتال كونترول، إثر العديد من الاعتراضات على مشروع القانون الذي أعده وزير المالية غازي وزني، اضافة الى "فيتو" الرئيس نبيه بري على المشروع واستيائه من المسودة التي حملها وزير المال والذي فعل فعله، فسحب وزني المشروع لدرسه مجددا، خصوصا ان وزيرين زميلين له تقدما بمشروع بديل، تعترض عليه جمعية المصارف لكونه يقدم حلا وسطا يتيح للمودعين سحب مبالغ اكبر بالعملات الاجنبية، وهو ما تعتبر المصارف ان لا قدرة لها عليه، وتفضل ابقاء الوضع على ما هو عليه، ولو من دون تشريع.

وقد تقدّم الوزيران رمزي المشرفيّة وعماد حب الله بمشروع جديد من 14 مادة، تنص على تحديد السحوبات بالعملة الأجنبيّة لدى المصارف بمبلغ ألف دولار أميركي شهريّاً للحسابات التي لا تتجاوز الـ 50 ألف دولار أميركي، ونسبة 5 بالألف شهريّاً من شطور الحسابات التي تزيد عن 50 ألف دولار أميركي، مهما كانت قيمة هذه الحسابات، على ألا يزيد المبلغ عن 25 ألف دولار أميركي شهريّاً.

لماذا تم سحب المشروع؟

وقد تفاوتت التفسيرات لسحب المشروع رغم ان البيان الرسمي الصادر بعد جلسة الحكومة، افاد ان مجلس الوزراء استمع الى ملاحظات حول مشروع القانون. لكن الاكيد ان قانون "الكابيتال كونترول" تعثر في خطوته الاولى الرسمية، وهو اذا عبر طاولة مجليس الوزراء، سيجد نفسه اسير ادراج مجلس النواب. وتعتبر مصادر متابعة ان تعثر المشروع سينعكس على الخطوات المقترحة، ولو همسا، لاجراء "هيركات" مباشرة باقتطاع اجزاء من الودائع، او غير مباشرة عبر الزام المودعين المشاركة في اعادة رسملة المصارف.

وقال مصدر متابع لـ"النهار" ان الرئيس دياب يجري اتصالات بعيدا من الضوء لاقرار المشروع الاسبوع المقبل اذا كثرت الملاحظات عليه، واعادة عرضه بصيغة جديدة اكثر توافقا، لان تعثره سيشكل انتكاسة للحكومة.

وترددت معلومات لـ"اللواء" ان هناك أسباباً عدة لسحب المشروع منها ما يعود الى وجود مشروع قانون مقدم من وزيري الشؤون الاجتماعية الدكتور رمزي مشرفية ووزير الصناعة عماد حب الله. وقد يكون سُحب نهائيا، او ربما يكون بحاجة الى تعديلات واسعة.

وعلمت "اللواء" ان بعض الوزراء، ومنهم وزيرا حزب الله، طلبا إدخال تعديل على المشروع، مما حدا بالوزير وزني إلى سحبه لوضع الملاحظات والتعديلات عليه، على ان يطرح مجدداً على جلسة لمجلس الوزراء.

وبحث المجلس في الوضع المالي والنقدي، وذكرت المعلومات ان الحكومة تجهّز مجموعة من الاجراءات والقرارات وستضعها قيد التنفيذ تدريجياً خلال الايام المقبلة لمواجهة الصعوبات المالية والمصرفية القائمة. ومنها تنظيم كمية سحب الاموال والفترات المسموح بها بالسحب.

النقاش في الأمر لم ينته بعد، لكن بحسب خبير مالي مطلع لـ"الأخبار"، من الضروري وضع قانون ينظّم مسألة القيود التي تفرضها المصارف، والمسألة تتعلق بأي قانون نريد.

وبالرغم من سحب الاقتراح، إلا أن النقاش لم يحسم بشأنه بعد، وسط خلاف جدي بين الوزراء على كيفية مقاربة الملف ووجهته العامة والسقوف المقترحة، في ظل إصرار عدد من الوزراء على السماح بتحويل الأموال إلى الخارج (بعضهم لديه أبناء يعيشون في دول غربية).

الخلاف مستمر على التعيينات
وليس بعيداً عن المصرف المركزي، لن تشهد جلسة مجلس الوزراء غداً تعيين نواب الحاكم وأعضاء لجنة الرقابة على المصارف، وبحسب المعطيات المتوفرة، فإن من الأسماء المطروحة، لنيابة الحاكم، عن السنّة: سليم شاهين (استاذ في الجامعة الاميركية ولديه خبرة كبيرة في العمل المصرفي ويفضّله رئيس الحكومة)، مازن سويد، رمزي يونس. أما عن الشيعة، فهم: طلال سلمان (يفضّله الوزير السابق علي حسن خليل وهو سيخسر عمله في فريق الـundp الذي تتجه الحكومة لالغاء العمل معهم والابقاء على مجموعة صغيرة شرط ان تتولى المنظمة الدولية دفع رواتبهم لا الحكومة اللبنانية)، وائل حمدان او المحامي وسيم منصوري (يفضّله محيطون بالرئيس نبيه بري)، وائل الزين، سمير سلامة، صائب الزين، أسعد خشيش وعلي نحلة.

في المقابل، فإن المرشحين لترؤس لجنة الرقابة على المصارف (سني) هم: مايا دبّاغ (الأوفر حظاً)، نادين حبال (زوجة فادي عسلي مدير عام بنك سيدروس) وناصر الشهال. كما يتم التداول بالأسماء التالية، لعضوية اللجنة، عن المسيحيين: طوني شويري، غابي مزهر، هنري شاول، مروان مخايل، منى فيليب خوري، وتانيا مسلّم. أما بشأن الأسماء المطروحة لمنصب مفوض الحكومة لدى المصرف المركزي، فهي: كريستال واكيم وموريس دوماني. (هناك مشكلة في هذا المنصب لناحية ضرورة ان يكون موظفا وعمره تحت الأربعين سنة، ولما تعذر ايجاد موظف مناسب يجري اقتراح اخرين من خارج الملاك) فيما يتم التداول باسم وليد قادري للأسواق المالية.

وبحسب مصادر مطلعة، الاتجاه الأكبر هو لتعيين مايا دباغ رئيسة للجنة الرقابة على المصارف. ويبدو أنّ رئيس الحكومة حسان دياب لا يعارض هذا الطرح، الذي يسعى إليه الوزير راوول نعمة، كما يسعى إلى تسويق اسم تانيا مسلّم عن المقعد الماروني. في المقابل، فإن مقرّبين من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يضغطون لإعادة تعيين جوزف سركيس في المركز المُخصص عرفاً للموارنة، والمعروف عن سركيس أنه لا يأتمر بأوامر رياض سلامة. على ان تكون الخطوة مقرونة ايضا بدعم بإعادة تعيين أحمد صفا عضواً في اللجنة.

معلوم ان حاكم مصرف لبنان ابلغ امس نوابه الاربعة انه تبلغ قرارا حاسما بعدم عودة اي منهم الى منصبه. وكذلك ابلغ القرار نفسه الى رئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمود.

اعتراض بري وفرنجية
وفي هذا الإطار، تتقاطع المعطيات المتوافرة لـ"نداء الوطن" حول التأكيد على كون "معركة التعيينات" احتدمت خلال الأيام الأخيرة بين جبهتين، إحداهما يقودها "التيار الوطني الحر" بالتكافل والتضامن مع رئيس الحكومة حسان دياب، بينما الجبهة الثانية عبّر عنها رئيس "المردة" بإسناد مباشر وغير مباشر من رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لا سيما في ما خصّ سلة التعيينات المتعلقة بالمصرف المركزي ومفوض الحكومة وهيئة الرقابة على المصارف.

وتوضح مصادر مواكبة لهذا الملف لـ"نداء الوطن" أنّ بري وفرنجية يستشعران "طبخة ما" يتمّ التحضير لها للإطاحة بأسماء معينة محسوبة على فريق معيّن، مقابل الإبقاء على أسماء محسوبة على فريق آخر أو الإتيان بأسماء "مموّهة" موالية لهذا الفريق أو ذاك في تعيينات المصرف المركزي، وعلى هذا الأساس تصاعد منسوب التشنّج والحساسية بين عين التينة والسراي الحكومي، ربطاً بإصرار دياب على إقصاء رائد شرف الدين من نيابة الحاكم، وأحمد صفا من لجنة الرقابة على المصارف، مقابل رفض بري مبدأ الاستنسابية في مقاربة التعيينات والتمسك بقاعدة "كلن يعني كلن"، بمعنى إما التغيير الشامل أو إبقاء القديم على قدمه من دون استثناءات.

وتحت وطأة هذا الخلاف، لفتت المصادر الانتباه إلى أنّ النبرة العالية التي استخدمها رئيس مجلس النواب في التصدي لمشروع الكابيتال كونترول خلال الأيام الأخيرة ليست بمنأى عن كباش التعيينات، مشيرةً إلى أنّ بري سرعان ما ردّ على دياب بفرملة البحث على طاولة الحكومة أمس في هذا المشروع، وصولاً إلى استخدام سلاح صلاحية وزير المال غازي وزني في طلب سحبه، بذريعة "عدم جهوزيته بعد لعرضه والحاجة إلى إدخال بعض التعديلات عليه". وكشفت المصادر أنّ وزير المال يعارض رغبة رئيس الحكومة بتغيير كل نواب حاكم المصرف المركزي، ويتأنى بتحديد موقفه الواضح في هذا المجال، لا سيما وأنه كان قد طُلب منه تقديم 3 سير ذاتية جديدة عن كل منصب للأشخاص المرشحين لتولي هذا المنصب تمهيداً لاختيار الأكثر كفاءة بينهم.

وتوازياً، لمست المصادر بوادر التحضير لتكوين "لوبي" نيابي ضاغط على رئيس الحكومة لن يكون بعيداً عن عدة شغل المعركة الدائرة حول التعيينات، تحت عناوين وشعارات تحاكي ضرورة تقديم الدعم الاجتماعي والمالي للمواطنين في خضم تحديات المرحلة، بحيث نقلت أجواء نيابية تؤكد الاتجاه إلى الطلب من الحكومة تحضير مشاريع ومراسيم خاصة بإعفاء المواطنين من الرسوم والضرائب لفترة زمنية محددة، والإسراع في إحالتها إلى المجلس النيابي كي يصار إلى إقرارها وإلا فإنّ المجلس سيعمد إلى إقرار التشريعات المطلوبة لتحقيق هذا الهدف، باعتبار أنّ بري يرى أنّ الهم الصحي والاجتماعي والمالي لا بد وأن يتقدّم راهناً على سلم الأولويات وليس "الكابيتال كونترول" الذي سيزيد معاناة الناس ويعمّق أزماتهم.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى