الكورونا يهز مضاجع اللبنانيين والعالم. وفيما التوعية حول الوقاية تتواصل، يرتقب عودة لبنانيين من إيران جوا، على أن يخضعوا لاجراءات حازمة في الحجر، منعا لانتشار الفايروس.
ويطل الأسبوع على خطوات إضافية لتلافي الاحتكاك الجماعي، عبر اقفال المدارس والجامعات، على رغم عدم التزام بعض الجامعات الخاصة، وإلغاء أسواق ومناسبات عامة ثابتة أو مقررة، تمشيا مع الوقاية من احتمالات تفشي الكورونا بين اللبنانيين.
ماليا، وبانتظار المهلة المتاحة لحسم الخيار الحكومي في موضوع اليوروبوند، يمثل الأسبوع المقبل، وتباعا، عدد من القيمين على المصارف أمام المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم، ليستمع إليهم تباعا حول الأموال التي جرى تهريبها إلى الخارج. والتحويلات التي يجري البحث عنها، تتضمن تلك التي جرت خلال فترة الـ15 يوما، التي أغلقت فيها المصارف، وتلك التي تم تحويلها إلى مصارف خارجية قبل شهرين من 17 تشرين، وذلك بعدما وصلت فضيحة الأموال اللبنانية المهربة إلى عناوين أهم الصحف السويسرية، وفيها مجريات لبعض الآليات التي اعتمدت في إخراج تلك الأموال إلى البنوك السويسرية.
في الجوار، وفيما يشهد كيان العدو الاسرائيلي تحديا انتخابيا جديدا غدا، يتوجه ستة ملايين ناخب إلى صناديق الاقتراع لانتخاب الكنيست، وسط توقعات بتعادل النتيجة 33 صوتا لحزب نتانياهو و33 لبني غانتز، من أصل 120، الأمر الذي يجعل من الأحزاب الأخرى المتوسطة والصغيرة فاعلة ومؤثرة في مسار تأليف الحكومة الاسرائيلية الجديدة، وفي مقدمة تلك: حزب أفيغدور ليبرمان وتجمع القائمة العربية في الكنيست، وهنا يكمن التجاذب وشد الحبال التي يحاول نتانياهو جاهدا الإستحواذ عليها.
في الغضون، صفحة أخرى للتطورات الميدانية المفصلية والحساسة إقليميا ودوليا تكتب في سوريا، التي دخلت فيها تركيا كفريق عسكري رئيسي، ناهيك بالنازحين الذين تضغط أنقرة لترحيلهم إلى أوروبا، وهم وقودها الأساسي، بعدما رفضت اليونان مدعومة بقرار أوروبي، انتقالهم إليها.
ولقد أفاد الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أبلغ نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في اتصال هاتفي، بأن روسيا وتركيا ستبحثان في الصراع في سوريا من كل جوانبه في محادثات ستجري في موسكو.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أن بي أن"
كورونا هو العنوان الثقيل الذي ما برح يجثم على صدر العالم، كما لبنان. والسباق المحموم لاجتراح لقاحات مضادة لم يؤت ثماره، وظلت العلاجات تحت الاختبار الذي يمكن أن يحتمل النجاح كما الفشل.
ولكن بانتظار أي من الاحتمالين، العداد لا يستريح، فحصيلة الوفيات بسبب الفيروس القاتل تقترب من ثلاثة آلاف، أما المصابون فأصبح عددهم سبعة وثمانين ألفا، بحسب احصاءات منظمة الصحة العالمية... والحبل على الجرار.
هذا التوجه يعززه توسع لائحة الدول التي ظهر فيها كورونا، بحيث أعلنت أول وفاة في عدد من البلدان مثل الولايات المتحدة، وأول إصابة في أخرى مثل إيرلندا.
أما على مستوى التأثيرات الاقتصادية والمالية للفيروس المستجد، فقد سجلت انهيارات جماعية للبورصات الخليجية في بداية التعاملات صباح اليوم.
في لبنان حيث رسا عداد المصابين على عشرة أشخاص، لم يتبدل المشهد: استنفار حكومي، وقلق شعبي بعضه مشروع، وبعضه الآخر ناجم عن شائعات لها أول وليس لها آخر. وفيما أعلنت وزارة الصحة أن الوضع لا يزال قيد الاحتواء، بدا ان ثمة اتجاها نحو إجراءات أكثر تشددا بعد إقفال المؤسسات التعليمية. ذلك أن الواقع السائد يتطلب أعلى درجات الإستنفار والمسؤولية رغم قلة الإمكانات، ولا يتطلب الكثير من التنظير والتجريح والاستثمار في قلق الناس.
فيروس كورونا الذي يستنفر العالم لمواجهته، لم يحجب الأضواء عن الوقائع الميدانية والسياسية المتسارعة على مساحة الحدود السورية- التركية. في الوقائع الجديدة، إغلاق سوريا مجالها الجوي فوق شمال غرب البلاد، واستعادة قواتها نصف مساحة ريف إدلب، مع التركيز حاليا على تحرير مدينة سراقب الاستراتيجية.
وعلى الضفة التركية، أعلنت أنقرة إطلاق عملية عسكرية ضد دمشق، مؤكدة ألا نية لديها للتصادم مع روسيا في سوريا. وفيما تحدثت موسكو عن لقاء وشيك بين الرئيسين الروسي والتركي، اقترح الرئيس حسن روحاني عقد اجتماع إيراني- تركي- سوري حول إدلب.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "المنار"
ليست المعركة مع فيروس كورونا منظورة الجغرافيا، برغم السباق الحثيث بينه وبين مختبرات العالم التي تبحث عما يفرمله ويحد من انتشاره وخسائره.
إلى حين العثور على العلاج المنشود، تكثر الدعوات للتقيد بالوقاية والارشادات والاجراءات التي أفلحت في عدد من البلدان باحتواء الفيروس، بينما يحاول لبنان تطبيق ما أمكنه منها مع اعلان ارتفاع عدد المصابين إلى عشرة.
غدا، ينطلق البلد في دورة نشاط مربكة فوق إرباكها جراء الأزمات، بنشاط محكوم لمعركة فرضت إلى الآن إقفالا تاما للصروح التعليمية، ولأسواق شعبية أسبوعية في بيروت والجنوب والبقاع، وتلحق الادارات الرسمية بالتدابير المفروضة، وربما الإقفال أيضا بحسب ما يطلب موظفوها.
ما يرصده اللبنانيون ارتفاعا في مستوى التوعية، ينقصه الالتزام الكامل لدى المواطنين على اختلاف أوضاعهم الصحية، وتحديدا لدى المصابين المشخصين، والذين خالطوهم منذ اصابتهم، وايضا لدى كل من طلب منه عزل نفسه في منزله فيما هو يجول في الشارع ويمارس حياته بشكل طبيعي، ليكون ناقلا محتملا لفيروس صامت يتسلل بخطره إلى كل المنازل ويفاقم الوضع سوءا.
في الوضع السوري، أنقرة تغامر بخياراتها في إدلب مع اطلاقها عملية عسكرية جديدة، هناك… تعددت أسماء العمليات التركية، ولكن غايتها واحدة في اعتبارات دمشق: احتلال أرض لن يدوم، ودعم مجموعات ارهابية زائلة، ووهم بتحسين شروط تفاوضية عبر الضغط الميداني والذهاب بالخيار العسكري إلى النهائيات الخاسرة. وفق الميدان، يمارس الجانب التركي الآن استعراضا في الأجواء، واستقواء على الأرض أمام وخلف الارهابيين، في محاولة لفرض منطقة أمنية يريدها بشروطه، متجاهلا دعوات وجهت إليه للتصرف بعقلانية، وحقن دماء جنوده، وحماية مصالح الشعبين التركي والسوري. وفي التأكيدات السورية، فإن ما تمارسه أنقرة لن يغطي انجازات كبرى يحققها الجيش وحلفاؤه على طريق تحرير الأرض من الارهاب وداعميه، واستعادة طرقات وشرايين دولية رئيسية في الشمال.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أو تي في"
الأسبوع المقبل حاسم. عبارة تتردد منذ أيام على لسان اللبنانيين نقلا عن رئيس حكومتهم. لكن، على الرغم من الاهتمام الوطني بموضوع سداد لبنان لسنداته، إلا أن الاهتمام ينصب في الأوساط اللبنانية حول آخر مستجدات فيروس كورونا.
عشر حالات هو الرقم الذي رست عليه بورصة مستشفى رفيق الحريري اليومية، ليرتفع الرقم بمعدل ثلاث اصابات جديدة عن سابقه في الأمس، علما أن النشرة اليومية الصادرة عن المستشفى تفيد بتراجع في مجموع الخاضعين للحجر الصحي من 29 الى 13، وهو ما يعول عليه بعض المعنيين للإشارة إلى نجاح الاجراءات الرسمية للحد من انتشار الفيروس.
وفي هذا السياق، ينطلق الأسبوع على وقع إقفال للمدارس والجامعات، بناء على توصية وزير التربية، في خطوة من شأنها حماية الطلاب. وقد رأى مهتمون بالشأن التربوي أن هذه الخطوة الوقائية ايجابية ولا بد منها في هذه الظروف، مشيرين إلى أن انتشار الفيروس بين الطلاب ممكن وبشكل سريع.
في الموازاة، دخل قرار محافظ بيروت زياد شبيب حيز التنفيذ، حيث خلت الأسواق الشعبية من روادها، على ان يحذو آخرون حذو شبيب في قرار الإغلاق هذا.
هكذا خيم كورونا في الربوع اللبنانية، كما فعل في مختلف دول العالم التي تعيش هلع مكافحته، في ظل التفشي السريع وغياب الاجراءات الطبية الكفيلة بوضع حد له، علما أن الجانب الأميركي سيجري اختبارات سريرية على لقاح لعلاج كورونا خلال ستة أسابيع.
وقبل العودة إلى الداخل، تتمدد نار إدلب شيئا فشيئا، ليبقى الأبرز حال الفوضى التي تعيشها الحدود اليونانية- التركية مع توافد آلاف النازحين السوريين بسماح تركي، ما استدعى دعوة الاتحاد الاوروبي إلى اجتماع عاجل لبحث التوتر في إدلب. خاف الأوروبيون من موجة نزوح قوامها 73 ألف سوري، فرفعوا سقف المواجهة. وفي وقت يعيش لبنان تحت أعباء اكثر من مليون ونصف المليون نازح، عدا اللاجئين، لم يحرك العالم ساكنا لإعادتهم إلى بلادهم، وصولا إلى تخوين كل المطالبين بالعودة الآمنة والطوعية لأولئك.
نار إدلب هذه، لم يعد انعكاسها خفيا على لبنان، وسط انخراط البعض في الداخل بعملية الشجب والاستنكار وإبداء الرأي بالمعارك المستمرة في إدلب، وصولا إلى إطلاق دعوات بنصرة الأتراك في وجه الدولة السورية.
على كل الأحوال تبقى الأنظار مشدودة إلى ما ستؤول إليه الأمور في ملف اليوروبوندز، مع الإشارة إلى أن الحسم اللبناني لن يكون سريعا، إذ سيخوض المعنيون المفاوضات الدقيقة وحتى اللحظات الأخيرة، قبل اتخاذ الخيار المناسب الذي قد يتمثل بدفع نصف المستحقات وإعادة جدولة النصف الآخر، على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، وفق أفكار تطرحها أوساط اقتصادية ومالية.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أم تي في"
كورونا يواصل تمدده في لبنان ببطء، لكن بوتيرة يومية. فقبل انتهاء النهار أعلنت وزارة الصحة عن اكتشاف ثلاث حالات جديدة لأشخاص جاءوا على متن طائرات آتية من إيران، ليصبح العدد الاجمالي للمصابين عشرة.
لكن الخبر الأبرز، على صعيد كورونا، تمثل في الكشف عن دخول 55 طالبا من إيران إلى لبنان من طريق المصنع. اللافت أن الدخول تم وسط تكتم شديد من السلطات اللبنانية. كما ذكرت معلومات أخرى أن العدد الاجمالي للطلاب اللبنانيين الذين سيدخلون لبنان عن طريق المصنع يبلغ 400. فهل ما ورد في موقع "جنوبية" صحيح ودقيق؟، وإذا كان كذلك ماذا فعلت الحكومة لمواجهة الأخطار المحتملة؟، وبالتالي ألم تدرك الحكومة بعد الحاجة إلى أن تعلن فورا حالة طوارى وطنية شاملة لمواجهة كورونا؟.
المصيبة أن حكومة مواجهة التحديات، رغم اجتماعاتها ولجانها الكثيرة، لا تواجه الأوضاع الصعبة والاستثنائية بالسرعة المطلوبة، والدليل ما يحصل بالنسبة إلى سندات اليوروبوندز. علما أن الوضع مختلف هنا. فصحة المواطنين لا تنتظر، وهي لا تحتمل التأجيل وأهم من كل سندات العالم. وخطة الطوارىء الضرورية، تمر حكما بإشراك معظم وزارات الدولة واداراتها في الحرب ضد كورونا. فالمسؤولية ليست مسؤولية وزارة الصحة فقط، ومواجهة الوباء تتطلب استغلال كل مقدرات الدولة.
وفي هذا الاطار، إن عودة الطلاب اللبنانيين من إيران إلى لبنان، أمر طبيعي وضروري وانساني. ولو أن الدولة وضعت خطة طوارىء شاملة، لكانت أمنت للطلاب العائدين أماكن للحجر الصحي. إن الدولة تملك الكثير من المباني التي لا تستعملها أو لم تفتتحها بعد. فلماذا لا تحول هذه المباني أماكن للحجر، بدلا من أن تترك من يأتون من إيران ومن بلدان أخرى، يتحولون قنابل موقوتة داخل بيئاتهم؟.
إن النظام الصحي في لبنان معطوب ويعاني مشكلات كثيرة. والأوضاع الاقتصادية الصعبة ألقت بثقلها على أداء كل الادارات والمؤسسات، وهما عاملان جعلا مجلة "فورين بوليسي" تؤكد في تقرير نشرته عدم جهوزية لبنان لمواجهة الوباء الجديد. فهل تتخذ الحكومة الطرية العود، قرارات كبيرة وحاسمة لتثبت خطأ تقديرات "فورين بوليسي"، أم تستمر في معالجة وباء ينتشر كالسرطان بالمسكنات والمهدئات؟.
إن الوقاية من كورونا، كما يشير الأطباء، تبدأ بغسل اليدين. لكن هذا الأمر مطلوب من المواطنين لا من الحكومة. فيا حكومة مواجهة التحديات، لا تغسلي يديك من مواجهة كورونا.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أل بي سي آي"
ينزلق لبنان رويدا رويدا إلى هاويتين، وفي أحسن الأحوال، يقترب من هاويتين: الأولى، هاوية ازدياد الإصابات بفيروس كورونا. والثانية هاوية التردد في التعاطي مع استحقاق اليوروبوندز.
الجامع المشترك بين الهاويتين هو الإرتباك، وترك اتخاذ القرار إلى ما بعد خراب البصرة، أو بداية الخراب، أو إلى حين أن يسبق السيف العزل. نحن اليوم في الأول من آذار، والقرار المتأخر بالنسبة إلى إصابات كورونا، أن ما اتخذ أمس كان يجب أن يتخذ في العشرين من شباط، أي قبيل هبوط الطائرة الأولى من إيران، لكن التأخير تسعة أيام كان واحدا من الأسباب التي أدت إلى ما أدت إليه من تفشي الإصابات، أما من يتحمل المسؤولية، ففي هذا البلد لا أحد يتحمل المسؤولية، لا احد يعاقب. ثقافة "الثواب والعقاب" لا يبقى منها سوى الثواب فيختفي العقاب.
ولكن مع ذلك، ولو بمفعول رجعي، هناك من يجب أن يتحمل المسؤولية في التهاون والتردد، والتسبب في تفشي الوباء، وفي ازدياد عدد الإصابات الذي بلغ اليوم عشر إصابات، عدا الذين لم تظهر نتائج فحوصهم بعد في مستشفى رفيق الحريري، وعدا الذين يطبقون حجرا صحيا طوعيا في منازلهم.
الإصابات الثلاث اليوم أتت على متن طائرات آتية من إيران، وكانت في العزل المنزلي. لكن اللافت أن البيان الرسمي لم يحدد في أي طائرة، فهل هناك تعتيم مقصود؟.
الهاوية الثانية هي استحقاق اليوروبوندز. غدا يبدأ العد العكسي وصولا إلى التاسع من آذار، موعد الإستحقاق. سبعة أيام تفصل عن الإثنين من الأسبوع المقبل، فما هو القرار الذي ستتخذه الحكومة اللبنانية؟.
يبدأ العد العكسي، في وقت تشهد العدلية غدا حدثا غير مسبوق: خمسة عشر رئيس مجلس إدارة مصرف لبناني، سيستمع إليهم النائب العام المالي القاضي علي ابراهيم، يعاونه سبعة قضاة ماليين. الاستماع الذي يشمل أيضا سليم صفير بصفته رئيس مجلس إدارة أحد المصارف، سيستمر في الأيام الآتية ليغطي كل المصارف، وستتركز الأسئلة على ثلاثة ملفات: تحويل الأموال بعد 17 تشرين الأول وقبله، القيود التي طالت المودعين، وبيع بعض المصارف سندات خزينة دولية، بعدما وردتها تأكيدات أن لبنان سيدفع الاستحقاقات الخارجية، ما يجعلها تستفيد من دولارات داخلية في حساباتها الخارجية.
إلى أين ستصل هذه التحقيقات؟، هل ستبقى سرية؟، على أي مسافة يقف وزير المال وحاكم مصرف لبنان من هذه التحقيقات؟.
في سياق آخر، وفي أول لقاء مباشر بين وزير الداخلية في حكومة دياب وبين نظرائه العرب والخليجيين، علمت الـLBCI من مصادر مقربة من الوزير فهمي أن الإجتماعات بحد ذاتها كانت إيجابية، وأن هذه اللقاءات تناولت أوضاع لبنان المالية والاقتصادية، وحاجته إلى دعم البلدان الصديقة للخروج من أزمته، بالإضافة إلى مناقشة الأوضاع الأمنية والتنسيق ما بين الدول العربية.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "الجديد"
لا فايروس يضاهي خطر الكورونا، إلا حروب رجب طيب إردوغان على أرض ليست له، ناشرا سلطانه من بر إدلب إلى بحر اليونان، مستنفرا أوروبا إلى عقد قمة طارئة.
ففي الوباء الصحي، سجل لبنان اليوم ثلاث حالات إضافية، ليرتفع العدد المثبت إلى عشر إصابات مؤكدة، تخضع للعلاج في مستشفى رفيق الحريري الجامعي، فيما ترتفع حالات العزل والاختلاط، مع إقفال الأسواق الشعبية في بيروت وعدد من المناطق.
والعالم لم يكن أقل هلعا، مع توسع دائرة الكورونا إلى ما وراء البحار، وتأثير انتشاره على إغلاق معظم الأماكن الدينية والرياضية والأكاديمية. وبعد ظهور المرض في أكثر من ثماني دول عربية، أعلن عن تأجيل قمة آذار إلى توقيت يمكن أن يتعدى منتصف حزيران المقبل. وإذا كانت الأمراض دافعا للتأجيل، فإن شفاء سوريا وعودتها إلى الجامعة العربية، هو سبب آخر يسعى له بعض العرب، وعلى رأسهم دولة الجزائر.
وفيما العالم يحيا على عداد كورونا، أخذ الرئيس التركي شهيقا وزفيرا في إدلب، وأطلق عملية "درع الربيع" العسكرية، التي يقارع فيها الروس، ويحارب من خلالها سوريا، ويغازل أميركا عن بعد، ويهدد أوروبا عن قرب ويدفعها إلى القلق من تدفق النازحين نحوها.
ويخوض اردوغان حربه هذه، على وقع انشغال أميركا بترتيب معاهدة الصلح مع أكبر التنظيمات الإرهابية: "طالبان"، شريكة "القاعدة" في أفغانستان. اعترفت الولايات المتحدة بهزيمتها في بلاد جبالها من "التورا بورا"، ووقعت اتفاقية سلام وأمان، بعد ثمانية عشر عاما من الحروب التي لم تحصد منها سوى خسارة مالية وبشرية، ما يربو على ألفين وخمسمئة جندي أميركي سقطوا على المسرح الأفغاني، ومعهم أنفقت أميركا ما يفوق ألف مليار دولار على الحروب هناك، وانتهى بها الأمر إلى سحب جنودها في مقابل توقف "طالبان" عن دعم "القاعدة".
وكما زرعت الولايات المتحدة قبل عشرين عاما رجلها الأول في أفغانستان حامد قرضاي ونصبته رئيسا من ورق، فإنها اليوم أبرمت معاهدة مع "طالبان"، بمعزل عن الدولة الأفغانية وبغياب رئيسها أشرف غني أحمدزي، الرجل الذي لا يقرر. لا تعرف أفغانستان نص الاتفاق وبنوده، وليس لها أن تعرف بحسب التقويم الأميركي. لكن المهم أن تضمن أميركا انسحابا لجنودها، وأن تصبح من الغد شريكة الإرهاب.
ولأن "طالبان" أولا، فقد أهملت أميركا صراخ اردوغان الذي أنزل سيوفه إلى ساحات إدلب، ونشر ربيعا من نار، وحارب أوروبا بالنازحين. وضربات الرئيس التركي طالت "حزب الله" الذي خسر تسعة من مقاتليه من دون معركة وبغارات تسع متواصلة، كان فيها الجانب الروسي شاهدا غير متدخل، في منطقة يفترض أنه يحمي أجواءها وأرضها. والحزب ودع اليوم شبابه في مسيرات تشييع حاشدة، غمرها الورد، وأطلقت خلالها النسوة الرصاص المسيل للدموع، على فراق رجال صدقوا، فانكشف ظهرهم عسكريا ولم يصدقهم حليف الحليف.