يُنظر إلى "روسنفت" الحاضرة بقوة في الشرق الأوسط والمملوكة بنسبة 51% من جهة الحكومة الروسية، بأنّها "تلعب دوراً أساسياً في السياسة الخارجية لموسكو، بوصفها الذراع الاقتصادية الأهم التي تملكها روسيا". فالشركة ناشطة في سوريا وكردستان ولبنان، وفي أوائل العام الفائت، وقعت عقد تطوير وتشغيل وخدمة منشآت تخزين النفط في طرابلس بالشراكة مع وزارة الطاقة والمياه، وآنذاك، وضع محللون المشروع الروسي في سياق توسّع نفوذ موسكو في المنطقة. وعلم "لبنان 24" أنّ وفداً من رجال الأعمال الروس قام بجولة في شمال لبنان برفقة رجال أعمال لبنانيين لتفقّد المرافق الأساسية من مرفأ ومنشآت نفط ومطامر ومصنع تدوير النفايات.
ليست المرة الأولى
وهذه ليست المرة الأولى التي تُشمل فيها "روسنفت"، وهي أكبر منتج للنفط في روسيا، بالعقوبات، فهي مدرجة على القائمة الأميركية السوداء المتعلقة بالأزمة الأوكرانية منذ العام 2014.
وفي تقرير لها، اعتبرت صحيفة "واشنطن بوست" أنّ إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب صوّبت سهام "حملة الضغوط القصوى" التي تشنها في فنزويلا باتجاه روسيا، بفرضها عقوبات على "روسنفت" التي تنفذ عدداً من المشاريع في مجال استكشاف وإنتاج النفط بالتعاون مع شركة النفط الوطنية الفنزويلية، وتمتلك إلى جانب الأخيرة شركة مشتركة للخدمات النفطية.
ونقلت الصحيفة عن مصادر قولها إنّ الشركة مسؤولة عن شحن نسبة 70% من النفط الفنزويلي إلى العملاء الكائنين خارج البلاد. وفيما أوضح مسؤول أميركي أنّ العقوبات "لا تنطبق فقط على الأصول الموجودة في الولايات المتحدة، ولكن على مستوى العالم"، أي أنها تطاول "أي شخص يتعامل مع شركة روسنفت ترايدينغ"، أكّدت الصحيفة أنّ الإجراءات الأميركية لا تطال الشركة الأم "روسنفط أويل". وبيّنت الصحيفة أنّ رجل الأعمال إيغور سيتشين يتولى منصب الرئيس التنفيذي لـ"روسنفت أويل"، لافتةً إلى أنّه حليف وثيق للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وأضافت الصحيفة بالقول إنّه أشرف مباشرةً على عمليات الشركة في فنزويلا، إشارة إلى أنّ سيتشين يخضع لعقوبات أميركية محدودة على خلفية الأزمة الأوكرانية.
من جهتها، لفتت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أنّ موقع "روسنفت" الإلكتروني يعرّف عن كاسيميرو بأنّه نائب مدير التكرير في الشركة، ناقلةً عن خبراء تلميحهم إلى أنّ تأثير العقوبات سيكون محدوداً على الأسواق العالمية.
وفي تعليقه، قال المدير الشريك في مصرف "كاراكاس كابيتال ماركتس" الاستثماري، روس دالن، إنّ الروس توقعوا مسألة العقوبات، كاشفاً أنّهم بدأوا باتخاذ الخطوات لتفاديها. وقال دالن الذي شبّه ما يجري بمبارة شطرنج: "يجيد الروس لعب الشطرنج".
كلام دالن ينسجم مع ما أوردته صحيفة "واشنطن بوست" التي تحدّثت عن إمكانية تحايل "روسنفت" عبر استخدام شركات وفروع شركات أخرى غير "روسنفت ترايدينغ" للترويج والمبيع.
أمّا بالنسبة إلى وكالة "رويترز"، فحذّرت من أنّ الخطوة الأميركية تعقّد العلاقات الأميركية-الروسية المتوترة أصلاً، ناقلةً عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تنبيهه من إلحاق ضرر أكبر بالعلاقات مع واشنطن وتقويض التجارة الحرة.
وكشفت الوكالة أنّ ترامب اتخذ القرار بفرض العقوبات على "روسنفت"، وهي أكبر شركة نفطية من حيث الإنتاج في العالم، مشيرةً إلى أنّ وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بحث المسألة مع لافروف على هامش مؤتمر ميونخ يوم السبت الماضي.
وختمت الوكالة تقريرها بالقول إنّ المسؤولين الأميركيين توخوا الحذر في استهداف "روسنفت" بالعقوبات، خوفاً من إلحاق ضرر غير مقصود بمصالح الولايات المتحدة وحلفائها، إذ لفتت إلى أنّ واشنطن ستخوض محادثات مع الصين والهند، وهما أكبر بلديْن مستهلكيْن للنفط الفنزويلي، ومع مسؤولين إسبانيين على خلفية أنشطة شركة "ريبسول" في فنزويلا.