في ضوء ما يقال في الخارج عن وضع الكهرباء في لبنان، التي تستنزف الخزينة اللبنانية وجيوب المواطنين، وعدم التوصل إلى حلول ناجعة على مدى سنوات وحال المراوحة والتأجيل والتسويف والإعتماد على أنصاف الحلول عبر إستئجار البواخر، التي وصفت بـ"الجرصة"، أسئلة تُسأل: أين أصبح مشروع "نور الفيحاء"، الذي تقدّم به الرئيس نجيب ميقاتي، وكان يقضي، لو لم يوضع في أدراج وزارة الطاقة، وقيل حينها أنها لأسباب سياسية، بإنارة الشمال كله 24 ساعة على 24؟
لماذا تتعاطى وزارة الطاقة والوزراء الذين تعاقبوا عليها من منطلق كيدي، مع العلم أن هذا المشروع كان سيفتح آفاق مكافحة البطالة، وسيكون له مردود مادي ومعنوي للدولة، التي لا تزال عاجزة عن تأمين ما وُعد به اللبنانيون على مدى سنوات من أن التيار الكهربائي سيؤّمن 24 ساعة على 24.
-هل أسعد نكد أقوى من الدولة اللبنانية؟
-هل يخسر أسعد نكد في مشروع تأمين التيار الكهربائي لزحلة وجوارها 24 ساعة على 24؟
-هل بمقدور شخص فرد أن يحقّق ما عجزت عنه الدولة اللبنانية عن تحقيقه على مدى سنوات، مع تسجيل خسائر بلغت ثلاثين مليار دولار؟
-ألا يوجد في لبنان رجال أعمال، كأسعد نكد، بعدد أقضية لبنان مستعدون لـ"زحلنة" كهرباء كل قضاء بقضائه عن طريق لامركزية الكهرباء؟
-ألا تستأهل تجربة زحلة الناجحة التوقف عندها ومحاولة تعميمها على جميع الأقضية؟
-هل سيبقى لبنان ينزف سنويًا ما يوازي ملياري دولار من جيب اللبنانيين، الذين يدفعون بدل الكهرباء ثلاث مرّات، واحدة لفاتورة الشركة وثانية لفاتورة الـ"موتور"، وثالثة ما تتكبده الخزينة لتغطية عجز كهرباء لبنان؟
لو لم تكن تجربة زحلة ناجحة لكان مبررًا تردّد الدولة في إعتماد هذا الحل الماثل أمامها، وهو مثال حيّ عن مدى فاعليته، خصوصًا أن سعر بدل 5 أمبير يعادل نصف ما يدفعه اللبناني في منطقته بين الفاتورة الرسمية وبين فاتورة "الموتور"، إضافة إلى ما ستستفيد منه الدولة ماليًا كبدل إستثمار كتعويض عن خسائرها المتراكمة.
وعلى هذا الأساس بدأ الرئيس نبيه بري يتعاطى مع بجدية مطلقة مع ملف الكهرباء، بعدما ضاق ذرعًا بعدم تطور هذا القطاع بغضّ النظر عن الجهة التي تتحمل مسؤولية الفشل فيه وعدم معالجته بما يضمن زيادة ساعات التغذية لتصل الى 24 ساعة كما هو الحال في كهرباء زحلة.
وفي المعلومات أن الرئيس بري في كل مرة يطرح موضوع الكهرباء يسأل كيف تمكنت بلدية زحلة من تأمين الكهرباء 24/24 ودولة بأمها وأبيها لم تفعل شيئاً لتطوير هذا القطاع الذي كبّد خزينة الدولة مليارات الدولارات وما زال يتأرجح بين استئجار الكهرباء بواسطة السفن التركية مقابل ازدياد ساعات التقنين، فيما كانت الوعود عشية الموافقة على استئجار البواخر تقضي بزيادة التغذية الى حدود العشرين ساعة وأكثر.
ووفق مصادر في كتلة "التنمية والتحرير" فإن الرئيس بري سيعمل على خطين في هذا الملف، الأول لامركزي عبر دعوة اتحادات البلديات في كافة المناطق اللبنانية للاقتداء بمصلحة كهرباء زحلة من أجل تطوير إنتاج الكهرباء سواء عن طريق شراء مولدات أو بواسطة استخدام مضخات المياه لزيادة الطاقة، وقد يتم استيرادها من الخارج. والأمر الثاني مركزي سيتم من خلال الضغط على وزارة الطاقة بخصوص تشغيل المعامل المولدة للكهرباء الموجودة في دير عمار والجية والزهراني في أقرب وقت، لأنه لن يسكت بعد اليوم عن أي تأخير في هذا الملف حتى ولو أدى الأمر إلى التدخل شخصياً، لأن وضع الكهرباء لم يعد يطاق ومن غير المقبول بقاء الأمور على حالها.
وبالعودة إلى منافع تجربة زحلة يتبين أنها تحل مشكلة التوزيع التي هي المشكلة الأكبر بعد مشكلة الإنتاج، وتحسّن الجباية، بحيث أن من ينتج الكهرباء يجبي فواتيرها، وتكافح الهدر والتعليق على الشبكة، وتضمن تأمين التغذية في شكل منتظم وبجودة عالية، وتؤّمن تخفيض العجز على خطوط التوتر العالي، فضلًا عن تنمية الإقتصاد في منطقة البقاع الأوسط، بحيث أن اصحاب المشاريع الصناعية والزراعية الكبيرة باتوا يستثمرون أكثر بسبب توافر الكهرباء بسعر اقل من سعر المولدات الخاصة، وخلق فرص عمل والحد من هجرة الشباب البقاعي إلى العاصمة والخارج.
الخلاصة مما تقدّم: "زحلنوا" كهرباء لبنان يتوقف الهدر وتتوقف السرقات ويتوقف الإستنزاف.