خبر

إعتراضات شعبية على التحالفات الهجينة… والراعي قلق من «الإفلاس»

صحيفة الجمهورية

 

ثمان وأربعون ساعة وتنتهي مهلة إعداد اللوائح الانتخابية، لتنطلق بعدها مباشرة صفارة العدّ التنازلي الفعلي ليوم الانتخاب في 6 أيار المقبل. ولتنتهي معها فصول المسرحيات الهزلية التي رافقت تشكيلها، وتقفل البازار الذي أفرز تحالفات عجيبة غريبة تُرجمت بلوائح، ركِّبت بالارتكابات والضغوط والتدخلات، وعُرِضت عضوية بعضها بالمزاد العلني لمن يدفع اكثر من أصحاب الاموال والعقارات، وقد بدأ بعض من هؤلاء ببازار جديد لشراء الاصوات بمبالغ تصل الى 1000 دولار للصوت الواحد.
هذه اللوائح التي يحمل الكثير منها بصمات قوى السلطة، يراهن أصحابها على ربح المعركة الانتخابية، وتأمين القدر الأعلى من الحواصل، التي لا تتأمّن الّا من خلال المشاركة الكثيفة للمواطنين في عملية الاقتراع. واذا كانت القوى الحزبية مطمئنة الى اصوات محازبيها، الّا انها ليست مطمئنة بالقدر نفسه للمزاج الشعبي الذي عكّرته الطريقة التي تمّ فيها تركيب اللوائح والتحالفات التي قامت عليها.

والواضح في المناخ العام، أنّ أصواتاً شعبية مُمتعضة بدأت ترتفع اعتراضاً على هذا المنحى، وعلى تحوّل أصحاب المبادىء والشعارات البرّاقة الى مجموعة من «أكلة الجبنة «النيابية، همّها فقط الوصول الى أكثريات منفوخة في المجلس النيابي، من دون أيّ اعتبار للقيَم والثوابت والمبادىء السياسية، وحتى الاخلاقية.

والأكيد انّ هذا الامر، بالتحالفات الهجينة واللوائح المفروضة على الناس، لا يحفّزهم على النزول بكثافة الى صناديق الاقتراع، بل على العكس، قد يشكّل حافزاً عكسياً يدفع الكثير من المواطنين، إمّا الى تغيير وجهة اصواتهم نحو آخرين، وإمّا الى الاحجام عن الاقتراع ورفض التصويت بما يخالف قناعاتهم، للوائح لا يجدون فيها ما يُغري من شخصيات وكفاءات تملك المؤهلات للتصويت لها ومنحها الثقة التمثيلية للناس. والأكيد انّ اتّساع دائرة المُحجمين عن التصويت، معناه سقوط «أكلة الجبنة» في شرّ أفعالهم، والنتائج ستكون مخيبة حتماً.

الراعي

والواضح في المناخ الشعبي العام، انّ المواطن العالق في أزمات السلطة وحقل ألغام صفقاتها ومحاصصاتها وتقصيرها وعجزها، يتطلّع الى الانتخابات كمَن يبحث عن «قشّة» يتعلق بها، لعلها تنجّيه من الغرق اكثر، الّا انه صدم بواقع التحالفات التي تعيد إنتاج المجلس نفسه تقريباً، والتركيبة الحاكمة نفسها التي دحرجت البلد الى درك الإفلاس، باعتراف أهل الدولة، وفي مقدمهم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي قدّم للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، خلال استقباله في القصر الجمهوري أمس، صورة سوداء عمّا آلَ إليه وضع البلد، وأبلغ إليه قوله صراحة: «البلد مفلس».

هذه الصورة السوداء أقلقت البطريرك، فدقّ ناقوس الخطر مؤكداً انّ هذا الوضع «بحاجة للجميع لضبط المال والفساد». وهذا الموقف يستدعي استنفاراً من جميع القوى السياسيّة في البلاد بَدل التلهّي في المشادات.

خطورة الكلام عن الافلاس، أنه صادر عن رئيس البلاد، مع ما يعنيه ذلك من تداعيات كبيرة، في حين أنّ الأمر يحتاج الى معالجة فورية وجذرية ووضع خطة للخروج من الإفلاس الذي بات محتماً.

وكان الراعي قد طرح مواضيع عدة مع عون وقال: «صحيح أنّ هناك عطفاً دولياً على لبنان، ودولاً تريد مساعدتنا، ولكنّ هذه المساعدة هي قروض، حتى ولو كانت ميسّرة، وديون على لبنان أن يحملها».

وعن المال الانتخابي، قال الراعي: «لم نتطرّق الى المسألة، ولكنّ الصحافة هي التي تثير هذا الموضوع. نحن سُررنا بإقرار قانون انتخابي جديد لكنّ الذين وضعوه غير راضين عنه، ومع ذلك نشكر الله انّ الانتخابات ستحصل، ونتمنّى أن تأتي بوجوه جديدة، وعلينا الّا ننظر دائماً إلى الوراء».

ودعا الراعي المرشحين الى «عرض برامجهم الانتخابية بدل التخاطب بالاساءات، ليتمكن المواطنون من منح أصواتهم على أساس البرنامج». وقال: «كنت أتمنى حصول مناظرات إعلامية بين المرشحين، ليطّلع الشعب على برامجهم وأفكارهم، فيكون التنافس على اساسها لخدمة البلد»، ورأى انّ «على مَن سيدخلون المجلس النيابي أن يعرفوا انّ الامر ليس نزهة ترفيهية، بل عليهم أن يتحمّلوا مسؤولية بلد في حال الخطر. نحن في حالة غير عادية ونريد أشخاصاً غير عاديين».

مصادر كنسية

ولفتت مصادر كنسية الى أنّ «الراعي كان يحذّر دائماً في عظاته من الحال الخطيرة التي وصلت اليها البلاد، فكلامه سابقاً لم يكن تخويفاً، بل كان يستند الى معطيات وأرقام»، مشيرة الى أنّ «الدين العام بلغ حداً غير مقبول، وعلى المسؤولين أن يتحرّكوا بسرعة لكي لا نصل الى الإنهيار».

وأوضحت المصادر أنّ «بكركي لا تعتبر الإنتخابات عرض عضلات أو إثبات أحجام أو «تسلية سياسية»، بل هي باب للمحاسبة وتجديد الطبقة السياسية. وعليه، يجب ان ينتخب الناس من يؤمّن استمرارية المؤسسات ويحارب الفساد وينقذ الوضع الإقتصادي، بعيداً من التدخلات والضغوطات».

بري

إنتخابياً، جدّد رئيس مجلس النواب نبيه بري تأكيده على إجراء الانتخابات في موعدها. وأكد امام وفود زارته في دارته في المصيلح امس، على أهمية هذا الاستحقاق، وصولاً الى مجلس نيابي يتصدى لكل هموم الناس وشجونهم وأولوياتهم.

وقال: «انّ الانتخابات في 6 ايار، يجب ان تعكس صورة الوحدة والديموقراطية على مستوى كل لبنان، والجنوب يشكّل وجه لبنان بالتعايش المشترك والاخوة بين كل مكوّناته من مسلمين ومسيحيين، والتحدي الكبير هو ان نتوجّه بكثافة الى صناديق الاقتراع، ولينتخب الناس من يريدون، وبهذه الصورة الكثيفة نقدّم للعالم صورة نقية عن وجه لبنان وديموقراطيته. وهذه ايضاً فرصة للجنوب، إذ انه كما كان عظيماً بمقاومته ووحدته، يجب ان يثبت مجدداً انه عظيم بديموقراطيته».

لوائح

الى ذلك، يستمر مسلسل إعلان اللوائح عشية انتهاء مهلة إعدادها غداً، وبلغ عدد اللوائح المسجلة رسمياً في وزارة الداخلية 31 لائحة، من بينها 5 خاصة ببيروت الثانية، ولم تسجّل أيّ لائحة بعد في دائرة الشمال الكبرى من البترون الى الكورة وبشري وزغرتا، كما معظم دوائر جبل لبنان ولا سيما في كسروان – جبيل.

وفي هذا الوقت، تتواصل المشاورات على أكثر من خط لاستكمال لوائح اخرى، ما زالت تعترض طريق الوصول اليها صعوبات وتعقيدات والتباسات، خصوصاً في بعض الدوائر التي يَحضر فيها «التيار الوطني الحر» في جبل لبنان والشمال وجزين.

الحريري

في هذا الوقت، أعلن رئيس الحكومة سعد الحريري من «بيت الوسط» لائحة «تيار المستقبل» للانتخابات النيابية في دائرة بيروت الثانية، والتي تضمّه مع كل من الرئيس تمام سلام، الوزير نهاد المشنوق، نزيه نجم، علي الشاعر، رولا طبش الجارودي، فيصل الصايغ، ربيع حسونة، زهير عيدو، باسم الشاب وغازي يوسف.

وفي كلمة له، اعتبر الحريري «أنّ المواجهة في هذه الانتخابات هي بين لائحة «المستقبل لبيروت»، اللائحة الزرقاء، وبين لائحة «حزب الله». معتبراً «أنّ أي صوت يبقى في بيته في 6 أيار، هو صوت يذهب لـ«حزب الله»، وليس لأيّ أحد آخر. كذلك انّ أي صوت نزل واقترع للائحة غير لائحة المستقبل لبيروت، اللائحة الزرقاء، هو صوت في النهاية يصبّ لمصلحة «حزب الله».

واعتبر الحريري «أنّ هذه الانتخابات مصيرية بكل معنى الكلمة، لأنها تضع بيروت أمام مفترق سياسي وطني: إمّا أن نذهب في 6 أيار لحماية قرار بيروت، أو نبقى بالبيت، ونصوّت لمصلحة الاستيلاء على قرار بيروت».

الى ذلك، يستعد الحريري لإمضاء «ويك إند» شمالي، حيث خصّص اليوم لعكار، والأحد لطرابلس بهدف الإعلان عن لائحتيه فيهما.

المشنوق

بدوره، إعتبر وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق انّ قانون الانتخابات الجديد «لئيم وخبيث لأنّه يخلق تنافساً داخل اللائحة الواحدة»، ودعا إلى»حماية بيروت من خلال التصويت بكثافة، لئلّا يسيطر على قرار العاصمة مَن أهانوها سابقاً».

الحكومة

حكومياً، ينعقد مجلس الوزراء قبل ظهر الثلثاء المقبل في قصر بعبدا ليبحث في المواضيع المؤجلة من الجلسة الماضية، مضاف اليها جدول يتضمن 47 بندا يتصدرها طلب المجلس الاعلى للخصخصة لتذليل العقبات التي تواجهها الامانة العامة للمجلس في سبيل تنفيذ الاعمال المطلوبة.
من جهة ثانية، علمت «الجمهورية» أن رئيس الجمهورية يدرس إمكان ترؤسه وفد لبنان إلى مؤتمر «سيدر» في باريس.

وزير قبرصي

الى ذلك، علمت «الجمهورية» انّ ملف الحدود البحرية للمنطقة الإقتصادية الخالصة مع قبرص واسرائيل وسوريا، سيعود الى الواجهة من خلال جدول الأعمال الحافل الذي سيفتح بين وزير الخارجية القبرصي نيكوس خريستودوليديس والمسؤولين اللبنانيين فور وصوله الى بيروت يوم الخميس المقبل، في زيارة رسمية بناء لدعوة من نظيره اللبناني، وتمتدّ ليوم واحد.

وقالت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية» انّ وفداً قبرصيّاً كبيراً سيرافق الوزير القبرصي وخبراء في ترسيم الحدود البحرية للجزيرة مع جيرانها على الجانب الشرقي من البحر المتوسط، للبحث في كل أشكال التعاون الإقتصادية والمالية والإستثمارية المفتوحة بين البلدين.

وسيلتقي الوزير القبرصي كبار المسؤولين، وفي مقدمهم رئيس الجمهورية ورئيسي المجلس النيابي والحكومة ونظيره اللبناني، حيث أعدّ ملفاً يتصل بالخلافات القائمة حول الحدود البحرية للمنطقة الإقتصادية الخالصة بين لبنان وكل من قبرص واسرائيل وسوريا».