خبر

الحكومة تسابق الوقت لانجاز البيان الوزاري... العين على الخطة الاقتصادية والشق السياسي عالق

شكّلت قفزة السندات الدولارية السيادية للبنان واحدة من الايجابيات التي بدأت تظهر مع بدء عمل الحكومة، ولو لم تنل بعد الثقة، وبعد اجتماعات يوم الأربعاء بين وزراء ومسؤولين مصرفيين لمناقشة كيفية تخفيف الأزمة، إضافة الى التطمينات التي أطلقها حاكم مصرف لبنان حول الودائع في المصارف والتي تطابقة مع كلام رئيس جمعية المصارف حول امكانية اعادة البحث في زيادة سقف السحوبات المصرفية.

في هذا الوقت، واصلت لجنة صياغة البيان الوزاري اجتماعاتها وسط توقعات بانهاء مهمتها هذا الاسبوع لتطرح على مجلس الوزراء الاسبوع المقبل لاقرارها، على أن تعرض الاسبوع الثاني من شباط على المجلس النيابي، نظراً لسفر الرئيس نبيه بري الخميس المقبل.

الأجواء الايجابية تسيطر
اذاً، أشاعت السراي أمس أجواء تفاؤلية بإطلاق رئيس الحكومة حسان دياب ديناميكية اقتصادية ومالية جديدة متعددة الجهات والأدوات تشمل "الاستعانة بالبنك الدولي وصندوق النقد والبنك الأوروبي للاستثمار"، جاء إعلان المتحدث باسم صندوق النقد جيري رايس ليضعه في خانة "وضع حد للشائعات" مؤكداً خلال مؤتمر صحافي أنّ "الحكومة اللبنانية لم تقدم طلباً للحصول على مساعدة مالية" من الصندوق، وأضاف: "نحن نقدم مساعدة تقنية وأريد التمييز بين الأمرين".

وفي هذا الإطار، أوضحت مصادر معنية لـ"نداء الوطن" أنّ كل الاجتماعات التي عقدت سواءً بين رئيس الحكومة أو وزير المالية غازي وزني أو أي من فريق العمل الحكومي وبين ممثلين عن صندوق النقد الدولي "إنما أتت في إطار خارج عن السياق الرسمي لبحث سبل تقديم الصندوق مساعدات مالية للبنان لانتشاله من مربع الانهيار"، كاشفةً أنّ "البحث لا يزال يقتصر في شق منه على استشراف آفاق التعاون التقني والتخصصي بين الجانبين، وفي شق آخر يتمحور حول طلب الحكومة اللبنانية بحث السبل الآيلة إلى إعادة تحريك عجلة المشاريع العالقة والتي كان صندوق النقد قد رصد أموالاً لتمويل تنفيذها في لبنان خلال فترات سابقة إبان ولاية حكومة الرئيس سعد الحريري".

وفي هذا السياق، أشارت صحيفة "النهار" الى انه برزت الاجراءات التي تم التفاهم عليها بين جمعية مصارف لبنانوحاكم مصرف لبنان وصدرت في تعميم على المصارف أمس، وفيه طلب اصدار تعميم موقت ينظم الاجراءات التي اتخذتها المصارف، بعدما طالبت الجمعية ان تصدر الاجراءات إما بتعميم أو بقانون او بمرسوم من أجل تغطيتها، وعدم تعريض المصارف للملاحقات القانونية، وتخفيف الضغط على سحب النقد الورقي بالليرة أو بالعملات.

وقد أعلم الحاكم الجمعية انه سيصدر التعميم المطلوب بحكم صلاحية المصرف المركزي وبعد التوافق مع السلطات على التدابير والتي تتضمن أولاً حرية الاموال الجديدة الواردة من الخارج بعد تاريخ 17 تشرين الاول الماضي. وان يقتصر التحويل الى الخارج، خارج الاموال الجديدة، من جهة لتغطية النفقات الشخصية الملحة ضمن سقف 50 الف دولار سنوياً، ومن جهة اخرى لتمويل استيراد المواد الاولية للزراعة والصناعة ايضا ضمن سقف نصف في المئة من الودائع سنوياً، على ان تبقى العمليات بالعملات الاجنبية داخل لبنان بما فيها التحويلات او الشيكات او البطاقات، غير خاضعة لأي قيود. ويتحدد السحب النقدي بالليرة بسقف شهري قدره 25 مليون ليرة للمودع الواحد مع تطبيق اجراءات مكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب، ويخضع استعمال البطاقات خارج لبنان للحدود المفروضة عليها، كما تدفع الشيكات بالليرة او بالدولار بالحساب وليس نقدا على شبابيك المصارف. وجرى التوافق على ضرورة التطبيق الجدي لموضوع الاموال الجديدة كمدخل لاستعادة الثقة مع الزبائن وتفادياً لتحويلها مباشرة الى الصرافين، علما ان تحويلات اللبنانيين لا تزال مرتفعة وتفوق أربعة مليارات دولار. ولمح الحاكم الى ان الاتصالات جارية مع المؤسسات الدولية التي أبدت استعداداً للتعاون مع المصارف الراغبة لتوفير تمويل الاقتصاد من خلال تعاون ثلاثي، المصرف والمؤسسة الدولية والقطاع الخاص.

البيان الوزاري عالق في الشق السياسي
هذا في الاقتصاد، أما في الحكومة، فقد ركزت اللجنة الوزارية المكلفة إعداد البيان الوزاري للحكومة، في جلستها السادسة امس، برئاسة رئيس الحكومة حسان دياب، على الجانب الاقتصادي والاصلاحي تاركة الجانب السياسي الى النهاية، وسط معلومات انه لن يكون  عقبة او مصدر مشكلة، باعتبار ان الرئيس دياب يقوم بالاتصالات اللازمة مع القوى السياسية للتوافق على الصياغة المناسبة.     

وذكرت المعلومات لـ"اللواء" ان اللجنة تعمل على صياغة خطة إنقاذية للوضع الاقتصادي والمالي في البيان الوزاري، والمسودة الاولى سيتم إنجازها السبت المقبل بإصرار من الرئيس دياب لمراجعتها الاثنين واحالتها الى الامانة العامة لمجلس الوزراء لتوزيع مشروع البيان على الوزراء، ومن ثم عقد جلسة لمجلس الوزراء في القصر الجمهوري الثلاثاء او الاربعاء لمناقشته واقراره. مع ترجيح انعقاد جلسة لمجلس النواب لمناقشته ايضا منتصف الاسبوع المقبل.

واشارت مصادر وزارية الى ان رئيس الحكومة حسان دياب لفت في اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة دراسة البيان الوزاري الى ضرورة الاسراع في انجاز الصيغة النهائية للبيان بعد أن قدم جميع أعضاء اللجنة الأفكار والملاحظات اللازمة واخذت الوقت الكافي لمناقشتها، مشددا على أن المطلوب ان تكون صيغة البيان مختصرة ومعبرة وتتضمن رؤية الحكومة وتحديد سياستها محليا وخارجيا وكيفية مقاربة المشاكل المطروحة ولاسيما منها، الإقتصادية والمالية والاجتماعية والحلول الممكنة لها، مع الاخذ بعين الاعتبار مطالب وشكاوى المواطنين ومعاناتهم، واملا ان تكون جلسة يوم السبت المقبل جلسة الانتهاء من دراسة البيان الوزاري تمهيدا لعقد اجتماع  لمجلس الوزراء مطلع الاسبوع المقبل لدراسته واقراره بصيغته النهائية.

وتوقعت المصادر بان يصار الى تحديد موعد انعقاد جلسات  مناقشة البيان الوزاري في مجلس النواب والتصويت على الثقة  فور الانتهاء من اقرار البيان بمجلس الوزراء،  وقد تكون اولى جلسات الثقة يوم الخميس المقبل مبدئيا اذا سارت الأمور كما هو مرتقب أو مطلع الاسبوع المقبل على أبعد تقدير..

لكن مصادر نيابية رجحت لـ"اللواء"، ان لا تنعقد جلسة الثقة بالحكومة، قبل الأسبوع الذي يلي إقرار البيان في مجلس الوزراء، على اعتبار ان الرئيس نبيه برّي سيسافر إلى ماليزيا الخميس المقبل للمشاركة في اللقاء البرلماني الذي سيعقد في السابع من شباط المقبل تحت عنوان: "برلمانيون من أجل القدس"، على ان يعود الأحد ليلاً، وبالتالي فإن الجلسة لن تنعقد قبل 11 أو 12 من شباط المقبل، وتكون الأيام الفاصلة بين إقرار البيان وانعقاد جلسة الثقة، فرصة لقراءة هادئة للبيان، وما سيتضمنه من رؤية إنقاذية لإخراج البلد من ازمته المالية والاقتصادية.

صفقة القرن والبيان الوزاري
وليس بعيداً، لا يزال تأثير اعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب لـ"صفقة القرن" يرخي بظله على الواقع السياسي في البلاد، ومن هنا لاحظت مصادر في الثنائي الشيعي عبر "اللواء"، انه بعد إعلان "صفقة القرن" أصبح مطلوباً من الحكومة ووزرائها برنامجاً واداءً سياسياً بامتياز، وان هذا الثنائي، وتحديداً "حزب الله" ينتظر أداء حكومة مقاومة بكل معنى الكلمة للتصدي لمشروع توطين الفلسطينيين ومحاولة العدو الإسرائيلي سلب لبنان حقه في الثروة النفطية.

وقالت ان الحزب بات يعول على بيان الحكومة في المقام الأوّل لتحديد سياسة لبنان في مقاربة صفقة القرن بشقها المتعلق بالتوطين وبشقها الآخر المتعلق بحق المقاومة في إجهاض هذا المشروع والدفاع عن لبنان واسترجاع أي جزء محتل سواء في البر أو البحر.

وتكشف المصادر في هذا المجال عن معطيات تملكها بأن دياب يتفق مع الثنائي ومع رئيس الجمهورية ميشال عون، على ضرورة إعادة تفعيل العلاقات الرسمية للحكومة اللبنانية مباشرة مع سوريا حكومة ودولة وليس عبر الوزراء أو الوسطاء، لافتة إلى دياب أكّد استعداده للقيام بكل ما يخدم حل قضية النازحين السوريين وإعادة تفعيل الحركة الاقتصادية بين لبنان وسوريا، ملمحة إلى ان رئيس الحكومة كما رئيس الجمهورية لا مانع لديه من زيارة سوريا عاجلاً أم آجلاً، إذا كان ذلك يُساعد في حلحلة الأزمات العالقة بين البلدين.