صحيح انّ هذا التحذير يهدف قدر الامكان الى التخفيف من التأثير الانتخابي على اليهود، الّا انه يحمل في طيّاته حقائق كثيرة. فكما التهَب الشرق الاوسط بعد كمب ديفيد، فإنّ أحداثاً أمنية ستشهدها المنطقة ولو بصيغة مختلفة. ففيما لا يهتم ترامب وفريقه ونتنياهو وحزبه سوى لصناديق الاقتراع، فإنّ التوقّع المنطقي لمسار الاحداث يُنبئ باستعادة الحركات الاسلامية المتطرفة حيويتها وزَخم عملها استناداً الى الرمزية الكبرى للقدس، واستئناف نشاطها داخل البلدان العربية وضد أنظمتها. وهو ما سيضع كثيراً من البلدان في دائرة العناية الخاصة، مثل مصر والاردن والخليج العربي.
ومن المنطقي الاستنتاج أنّ لبنان لن يكون بعيداً عن هذه التأثيرات حيث الحضور الفلسطيني الوازن والمسلّح في عدد من المخيمات.
وفي الولايات المتحدة الاميركية كلّف ترامب المسؤولين عن الترويج لحملته الانتخابية تسويق إنجازه من خلال حملة اعلامية ودعائية «ذكيّة»، وفي الشرق الاوسط تعقيدات اضافية ستشهدها الساحات الداخلية لعدد من الدول العربية.
وفي تقرير لمعهد "ابحاث الامن القومي" في جامعة تل ابيب منذ نحو الاسبوعين، تم إعداد دراسة حول الوضع في لبنان في ظل التطورات الحاصلة، وجاء في نهايتها أنّ حاجة لبنان الماسّة الى مساعدات خارجية من شأنها إتاحة الفرصة لإسرائيل للتأثير على شروط المساعدات التي تتيح عملية إنقاذ لبنان، بما في ذلك مطلب تقليص تسلّح "حزب الله".
وفي الواقع يتوقع كثيرون استمرار التدهور الخطير للاقتصاد اللبناني. وسيتزاحم أهل الطبقة السياسية الحاكمة على وضع اللوم على الاطماع والمؤامرات الخارجية كسبب للانهيار الذي يعيشه لبنان وصولاً الى الواقع الحالي، وسيجدون في ذلك طريق هروب من مسؤوليتهم عمّا آلت اليه الاوضاع. ولا شك في أنّ اسرائيل، ومعها العواصم الغربية، لن تسمح بمساعدة لبنان وإنقاذ اقتصاده المُنهار الّا في مقابل أثمان سياسية تخدم مصالحها، إلّا انّ الحقيقة واضحة وهي أنّ الفساد الذي أوصَل البلاد الى الانهيار هو من صنع أيدي الطبقة السياسية الحاكمة، والتي بَدّلت من شركائها عند كل مرحلة من مراحلها.
وبالتالي، فإنّ المؤامرة هي من صنع لبناني عنوانه الفساد. وفي آخر دراسة له عبر مؤسسة "بروكينغز" الاميركية تَوقّع السفير الاميركي السابق في لبنان جيفري فيلتمان تفاقم الازمة الاقتصادية والمالية اكثر، وقال: "المصرفيون والاقتصاديون يحضّرون أنفسهم لانكماش اقتصادي يضاهي الانكماش اليوناني، أي بنسبة 25% أو اكثر، لكن مع فارق انعدام قدرة التحمّل الداخلية والشراكة الاوروبية اللتين اتّسَمت بهما اليونان. وتوقّع فيلتمان ان ترتفع البطالة الى 50% علماً أنّ نسبتها الحالية تبلغ 25%. وخَلص الى القول انّ الازمة الاقتصادية والمالية الحادة تعطي حافزاً للعمل، وستشعر الحكومة الجديدة بأنها مرغمة على الاستجابة للحركة الشعبية على الارض".
أخبار متعلقة :