وقد كان من المثير للريبة في هذه المرحلة وقبيل ساعات من بدء الاستشارات النيابية الملزمة، ما صدر عن بعض الكتل النيابية بالامتناع عن تسمية اي شخصية لتكليفها تأليف الحكومة، وما يحيط الاستشارات من غموض والتباسات ومحاولات التفاف، تسعى إلى محاصرة موقع رئاسة الحكومة والخروج على القواعد الدستورية في تسمية رؤساء الحكومات.
هناك تقاطع للمصالح جرى ترجمته في الموقف الذي صدر عن "التيار الوطني الحر" قبل ايام وقضى بإعلان التحاقه بالساحات والانضمام الى صفوف المعارضة، وبين الموقف الذي صدر بعد منتصف الليلة الماضية عن كتلة "القوات اللبنانية" وقضى بالامتناع عن تسمية احد في الاستشارات.
وفي الترجمة السياسية لهذين الموقفين انهما توافقا على عدم تسمية الرئيس سعد الحريري، واجتمعا على حكومة لا يكون سعد الحريري رئيسا لها.
ومن المؤسف ان يأتي ذلك في ضوء معلومات وتسريبات من عدة مصادر بأن كتلة "التيار الوطني الحر" كانت بصدد إيداع أصواتها فخامة رئيس الجمهورية ليتصرف بها كما يشاء.
وهذه مناسبة كي نحذر من تكرار الخرق الدستوري الذي سبق أن واجهه الرئيس الشهيد رفيق الحريري في عهد الرئيس اميل لحود.
هناك جهات اشتغلت طوال شهرين على انكار ما يحصل بعد 17 تشرين لتعلن بعد ذلك انها جزء لا يتجزأ من الحراك الشعبي والثورة، وهناك آخرون يرون الفرصة مؤاتية ليعملوا فيها تشي غيفارا كي يبقوا في الشارع لغايات في نفوس اصحابها. وهناك من قرر ان يقلب الطاولة على نفسه ويركض وراء تركيب خيمة بساحة الشهداء بحثا عن مقاعد متقدمة في صفوف الثورة.
ان "تيار المستقبل" ينأى بنفسه عن هذه السياسات، وهو في المقابل وبكل وضوح لا ينتظر تكليفا من "التيار الوطني" ولا من "القوات" للرئيس الحريري، ولا يقبل ان يتحول موقع رئاسة الحكومة الى طابة تتقاذفها بعض التيارات والأحزاب.
موقع رئاسة الحكومة اكبر من كل هذه الهرطقات، ولن تكون رهينة عند احد مهما علا كعبه. فالرئيس الحريري قدم استقالته ليفتح بابا امام حل يحاكي مطالب الناس، لكن يبدو ان بعض المصالح تقاطعت على تعطيل تأليف حكومة.
والرئيس الحريري و"تيار المستقبل" لن يدخلوا بالاعيب الانتقام ولا بأي مشروع لتخريب البلد والوقوع بالفتنة. وإذا كانت هناك فرصة لتلبية مطالب الساحات فليكن. واذا كانت هناك فرصة لتسمية شخصية سنية بمستوى الموقع ... فليكن ايضا. المهم ألا يعتقد احد انه قادر على أخذ البلد للخراب، لان نار الخراب ستكوي الجميع، واولهم الاحزاب ورجال السياسة الذين يتلطون خلف الثورة ويعتبرون انفسهم ابطال هذا الزمن.
زمن البطولات انتهى، زمن العضلات السياسية انتهى. هذا الزمن لمن يتحمل المسؤولية ولمن يفتح اذناه لصرخات الشباب والصبايا وليس للمتاجرة بآلام اللبنانيين واوجاعهم وركوب موجات القلق والتذمر في الشارع.
كلمة اخيرة لجمهور "تيار المستقبل" وكل من يحب الرئيس سعد الحريري. ممنوع الانجرار لأي تحرك أو استفزاز بالشارع. نحن خط الدفاع عن الدولة والمؤسسات لكننا قبل أي شي نحن خط الدفاع عن السلم الاهلي والعيش المشترك وامن الناس وسلمية التحركات الشعبية. مسؤوليتنا ان نحمي البلد وان نحافظ على وحدتنا لنقف سدا منيعا في وجه الذين يريدون الدستور على قياس مصالحهم واحلامهم وكل الذين يعتبرون جر البلاد الى الفتنة هدفا وطنيا بامتياز".
أخبار متعلقة :