تختلف لغتنا العربية المحكيّة بين وطن وآخر، واحيانا ضمن البلد الواحد، حيث أن لكل بلد لهجته الخاصة. ومع أن اللغة الفصحى توحّد جميع الشعوب العربية من حيث القواعد واللفظ، الا أن العامية تتغير لكنتُها بحسب اختلاف المدن والمناطق.
وقد يبدو لبنان الوطن الاكثر تشعّباً من حيث اللهجة، والتي تعتبر الأكثر نعومة ودلالاً بين سائر اللهجات في الوطن العربي، والاكثر تميّزاً من حيث المصطلحات، إذ يكفي أن يتكلم اللبناني امامك جملة واحدة كي تدرك على الفور "من وين جايي"، ولعلّ الهوى السياسي ايضا يحدد هويته مناطقيا، إلا أن اللهجة تعبّر عن ذلك بشكل أوضح.
هاشتاغ "#حكيني_بلهجتك" تصدّر قائمة "الترند" أي الاكثر تداولاً على موقع "تويتر"، حيث نشط اللبنانيون على كتابة مصطلحات وامثال كل بحسب منطقته، وذلك في محاولة للابتعاد عن الاجواء السياسية المشحونة، ولا سيّما في فترة الانتخابات، وللهروب من "اللطشة" و"الردات" وتخفيف الاحتقان على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد استطاع "الهاشتاغ" جذب انتباه النشطاء من جميع شرائح المجتمع اللبناني على اختلاف مناطقهم، نحو فقرة ترفيهية، تعدّ كاستراحة محارب قبل العودة الى الحلبة السياسية بعد اعلان جميع اللوائح المرتقبة للانتخابات النيابية. ومن الطرابلسي والزغرتاوي والبشرّاني والعكاري الى البيروتي والجنوبي والبقاعي وغيرهم تعددت اللهجات العامية والفصحى واحدة.
اللبناني هو صانع الحدث، و "ريّس التزريك" والانتقادات والنكات، يخوض في كل الشؤون المحلية والعربية والدولية، يوافق او يعارض، يناقش ويحلّل و "بيفهم بكل شي" في القضايا الوطنية، في السياسة، في الاقتصاد، في علم الاجتماع، في الفن، في الأدب، والإيتيكيت ايضا. ولعلّ اللبنانيين هم أكثر الشعوب إثارة على مواقع التواصل الاجتماعي، ففي كل عرس "الن قرص" وحرية التعبير المكفولة في دستور بلادهم، عززت قدرتهم على إبداء آرائهم بصراحة وعفوية.
وما بين الهزل والجد، يطرح اللبناني مواضيع "لذيذة" فيفتح جبهة ويغلق اخرى، وينتقل من حدث الى آخر، ولا يسلم احد من لسانه. ومما لا شكّ فيه أن الملل الذي يطغى على حياته يجعله الاكثر تركيزا وتفاعلا على "السوشيل ميديا" يستخدمها للتثقيف احيانا، وللترويح عن نفسه في احيان اخرى، لكن هذا العالم الافتراضي لم يستطع ان يفصل اللبناني عن الواقع، بل استغلّه للاضاءة على الوضع المرير الذي يعيشه، وعلى الرغم من العواصف السياسية التي تضرب البلاد، يبقى اللبناني "لذيذاً ورايقاً" إذ ينفصل بلحظة عن واقعه ويحلّق في سماء "الهضامة" والمزاح.
#حكيني_بلهجتك، هو لفتة ذكية اضاءت على مزيج من اللكنات اللبنانية المحببة، الأمر الذي لاقى تفاعلاً كبيرا من قبل اللبنايين، وشارك فيه ايضا بعض النشطاء من سائر الدول العربية، وفي لبنان لكل لهجة مناطقية نكهتها الخاصة، ومع تطور التكنولوجيا وتوفّر سبل التواصل الاجتماعي عبر الانترنت، نجد ان اللبنانيين باتوا يتبادلون اللهجات في ما بينهم، الأمر الذي إن دلّ على شيء فهو على وحدة قلوبهم وتآلفهم وعيشهم المشترك مهما جهدت السياسة باستمرار في سبيل التفرقة.
أخبار متعلقة :