خبر

استعادة الاموال المنهوبة.. حلم ام واقع؟

ينكّب مجلس النواب الاسبوع المقبل على إقرار مشاريع قوانين كان يفترض ان تقر قبل انتفاضة 17 تشرين الاول؛ علما ان الاسباب الكامنة وراء عدم اقرارها تكمن في اجماع الطبقة السياسية على"تشريع التسويات"، التي دأبت عليها منذ التسعينيات. لقد أعلن بري الثلاثاء أن القوانين المتعلقة بمرسوم قانون مكافحة الفساد، اقتراح قانون انشاء محكمة للجرائم المالية، مرسوم قانون ضمان الشيخوخة، اقتراح قانون معجل مكرر يتعلق بالعفو العام ، سوف توضع على جدول اعمال الجلسة العامة في 12 الجاري فضلا عن مجموعة من اقتراحات القوانين المهمة ولكنها مقدمة بصيغة اكثر من اقتراح لنفس القانون وتتعلقبرفع السرية المصرفية، تبييض الاموال، استرداد الاموال المنهوبة.

إن إستعادة الأموال المنهوبة، عبارة تكرّرت مئات المرات خلال المظاهرات التي عصفت بلبنان منذ أكثر من 20 يومًا. ولذلك قد يكون "للثورة التشريعية تداعيات إيجابية على الوضع الإقتصادي والمالي، بحسب الباحث الإقتصادي البروفسور جاسم عجاقة. فإقرار هذه القوانين قد يُرسي معادلة أساسية في علم الإقتصاد تُعرف بـ تكافؤ الفرص. من هذا المُنطلق، سيكون لهذه القوانين تأثير إيجابي على الإستثمارات عامّة والإجنبية المباشرة منها بالتحديد مع ما للبنان من قدّرات اقتصادية كامنة يحتاج لتحريرها من خلال الإستثمارات.

ويُضيف عجاقة ل "لبنان24" "الثقة بالإقتصاد تعتمد بشكل أساسي على تكافؤ الفرص، فالفساد هو العدوّ الأول لهذه الثقة ويُبعد المُستثّمرين، وهذا للأسف ما يشهده لبنان منذ ما يُقارب العشر سنوات في لبنان حيث انخفضت الإستثمارات الأجنبية المباشرة والإستثمارات الداخلية. وإذا كانت الاستثمارات الأجنبية تحمل طابعًا سياسيًا، إلا أن تراجع الإستثمارات الداخلية هو ترجمة فعلية لفقدان الثقة الناتجة عن الفساد.

وعن حجم الأموال المنهوبة في لبنان يقول عجاقة "الواشنطن بوست قدّرت هذه الأموال بـ 800 مليار دولار أميركي منذ العام 1990، مسؤول عنها 90% من الزعماء السياسيين. لكن عمليًا، حجم الدين العام اللبناني يُعتبر نقطة إنطلاق جيّدة لتقدير هذه الأموال (أي 86 مليار دولار أميركي)".

ويستطّرد "الوسائل القانونية مُتاحة إن من خلال هيئة التحقيق الخاصة المُنشأة بالقانون 318/2001 أو من خلال مبادرة الـ StAR التي إنضمّ إليها لبنان في العام 2009".

ولا يخفى على احد أن الفساد المُستشري في لبنان يقضي على مقومات لبنان المالية والإقتصادية. وتقدّر كلفة هذا الفساد بحوالي 10 مليار دولار أميركي سنويًا تذهب، بحسب عجاقة، بين قطاع الكهرباء، الجمارك، التهرّب الضريبي، التخمينات العقارية، المناقصات العمومية، الهدر في مؤسسات ووزارات الدوّلة (تجهيزات، سفر...). فهذا الفساد دفع موازنات الدوّلة إلى تسجيل عجز مُزمن فاق الـ 43 مليار دولار أميركي على مدى 10 سنوات وكان يتمّ تمويله من خلال الإستدانة إلى أن وصل لبنان إلى مرحلة لم تعد معها الإستدانة مُمكنة بكلفة معقولة.

وليس بعيداً، فقد أجّج تقرير موديز أولّ من أمس والذي خفّض فيه تصنيف لبنان الإئتماني من Caa1 إلى Caa2 المخاوف من إنهيار قد يكون قريبًا إذا لم يتمّ القيام بخطوات سريعة لإمتصاص التداعيات المالية والإقتصادية الناتجة عن أكثر من 20 يومًا من الشلل على الصعيد الإقتصادي.
يبقىى أن الأرقام التي أطلقتها صحيفة "واشنطن بوست" تظهر كأرقام كبيرة، إلا أن معرفة أن حجم الناتج المحلّي الإجمالي التراكمي والدين العام وغياب الفرص الإقتصادية في لبنان منذ العام 1990 وحتى اليوم يفوق الـ 1.3 تريليون دولار أميركي ، فإن هذا الامر يُعطي مصداقية لأرقام الصحيفة الأميركية، يؤكد عجاقة.